عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
تفعيل زرع الأعضاء فرض عين
28 سبتمبر 2022
خالد منتصر


ظل قانون زرع الأعضاء نائماً في أدراج مجلس الشعب منذ الثمانينيات لمدة ربع قرن، كانت الدول حولنا تتسابق لتفعيل القانون بل وتنشر تفاصيله وآلياته، وتحقق أرقاماً قياسية في معدلات زرع الأعضاء مابين زرع كبد أو رئة أو قلب.. الخ، ونحن مازلنا نتناقش في شد وجذب مابين الآراء الدينية والعلمية، وتحول الأمر الى مهزلة على الفضائيات في ذلك الوقت، صار الجدل سوفسطائياً والحوار عنترياً، الكل يريد فيه المكسب على جثة الغلابة الذين يموتون كل يوم وهم يطرقون أبواب طلب فتوى الزرع بلا جدوى، والمدهش والعجيب أن الدول الإسلامية ومنها السعودية مهبط الرسالة، كانوا قد قطعوا شوطاً طويلاً في زرع الأعضاء من الموتى اكلينيكياً، وصارت الأردن على سبيل المثال قبلة للسياحة الطبية نظراً لشهرتها ونجاحاتها في هذا المجال، صار الوضع مخجلاً، أصبح العالم كله يزرع الأعضاء المنقولة من الميت اكلينيكياً إلا مصر وأفغانستان!! حتى حدثت الانفراجة في عام ٢٠١٠ ووافق مجلس الشعب آنذاك على القانون، وصار جاهزاً للتطبيق، ما أن بدأ التنفيذ حتى جاءت أحداث يناير ٢٠١١، وكان أول هم وشاغل لممثلي قوى الإسلام السياسي في البرلمان هو منع قانون زرع الأعضاء والهجوم العنيف ضده، دخل القانون ثانية الى كهف النسيان، برغم أنه جاهز ،وبرغم أنه مدروس جيداً، وبرغم أنه طرح كيفية تحديد الموت الاكلينيكي، ولكننا عدنا الى المربع رقم صفر مرة أخرى وبمهارة نحسد عليها في براعتنا في تضييع الفرص، لذلك استبشرت خيراً حين أعلن د. عوض تاج الدين مستشار الرئيس عن نية تفعيل قانون زرع الأعضاء، وأن القانون على مكتب الرئيس استعداداً للتنفيذ، ولكن ظهرت في الأفق نفس القوى القديمة والتيار المعوق ،بصوت يصل الى حد الصراخ، وضجيج أقوى من فترة الثمانينيات ي، مستغلين قوة السوشيال ميديا وسهولة مغازلة عقول ومشاعر البسطاء من خلال خداعهم بأن هذا القانون ضد الدين، وبالطبع اعتمدوا على فتوى قديمة لشيخ شهير أعلنها في أحد البرامج وصارت حتى هذه اللحظة وكأنها نص مقدس لايمسه الباطل!! لذلك أرجو من القيادة السياسية ألا تفتح باب هذا الجدل البيزنطي مرة أخرى، فالموت طبياً تعريفه وآليات تحديده معروفة بل ويعرفها أصغر طالب طب، ولا جدال في أن العضو المنقول من الميت اكلينيكياً أفضل، بل أحياناً لابديل عنه في القلب والرئتين على سبيل المثال، ولابد أن نسرع بتفعيل القانون ليس عن طريق توثيق الشهر العقاري بالمزاج، لأن العدد سيكون مجرد عشرات أخذهم الحماس وأرهقتهم الإجراءات الروتينية، ولكن لابد أن يكون مكتوباً على بطاقات الهوية أو على رخصة المرور إني أقبل التبرع بالأعضاء أو لا أقبل، هذا هو التفعيل الحقيقي الحاسم والصارم والذي يغلق أبواب اللغط الديني والفقهي الذي يدخلنا في متاهات قضية كانت غير موجودة أصلاً من ألف سنة، وهي قضية طبية لا دخل لرجال الدين بها، ولنا في تجارب دول العالم أسوة حسنة، فنحن لن نخترع العجلة، إسبانيا على سبيل المثال هى أعلى دولة فى العالم من حيث معدلات المتبرعين بالأعضاء لأكثر من 24 عاماً، فهى الحالة النموذجية لعملية السماح بالتبرع بالأعضاء، ومن خلال العمل على نظام الموافقة المفترضة، يعتبر النموذج الإسبانى جميع المواطنين مانحين محتملين ما لم يختاروا تحديداً عدم المشاركة!! ونظرية السكوت علامة الرضا عن التبرع موجودة فى فرنسا والنرويج والسويد وتركيا أيضاً، نحن ضد تجارة الأعضاء ونعتبرها خطيئة وزرع الأعضاء من الموتى اكلينيكياً هو الذي سيوقف سوق النخاسة في أعضاء البشر والتجارة فيها،لأنه ستكون هناك شبكة كمبيوتر مسجل عليها المتبرع ومن ينتظر الزرع، وهناك أيضاً مقارنات الأنسجة، أما لو ذهبنا للدول العربية فنجد أنها قد تجاوزتنا للأسف وبمراحل ومسافات بعيدة رغم أننا قد ساهمنا في تعليم معظم هؤلاء الجراحين من خلال أساتذتنا وجامعاتنا، تونس -على سبيل المثال- كانت من أولى الدول التى أدرجت عبارة متبرع على بطاقة الهوية الوطنية لكل تونسى يعلن عن رغبته فى التبرع بأعضائه بعد الوفاة، بعد قانون حكومى صدر فى عام 1999، إذ كشفت دراسة كُشف عنها فى المنتدى الفرنسى المغاربى السابع لزراعة الأعضاء فى 2017 أن 77% من التونسيين يرغبون فى التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، كما أضافت السلطات السعودية عبارة يرغب بالتبرع بالأعضاء على رخص قيادة المواطنين للإشارة إلى أن حاملها يرغب فى التبرع بأعضائه بعد الوفاة، وتشارك وزارة الصحة السعودية إعلانات توعية وتثقيف وتعليم السعوديين آلية التبرع.أتمنى قبل نهاية عام ٢٠٢٢ أن يكون قانون زرع الأعضاء مفعلاً، ويصير الحلم حقيقة.