عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
لغة إعلامية عربية واحدة
23 سبتمبر 2022
ماجد حبته


وسائل الإعلام العربية، والناطقة باللغة العربية، أكثر من الهمّ على القلب الأبيض. لكن، وبكل أسف، لا توجد لغة إعلامية عربية واحدة،تواجه التحديات، وتطرح القضايا المختلفة بشكل عميق وموضوعى ومدعوم بالحقائق من أجل البناء الواقعى والصحيح للعقل الجمعى العربى، وتلك هى اللغة، التى طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، الإعلام العربى بأن يتحدث بها، خلال لقائه وزراء الإعلام العرب، أمس الأول الأربعاء، الذى شهد حوارًا مفتوحًا تناول أهم الموضوعات المطروحة على الدورة العادية الثانية والخمسين لمجلس وزراء الإعلام العرب، التى استضافتها القاهرة، خاصة ما يتعلق بالتوعية الإعلامية للأجيال المقبلة، والدور الحيوى للإعلام فى دعم الأمن القومى العربى وتعزيز بناء المؤسسات، وترسيخ أواصر الأخوة بين دول العالم العربي.



كل محاولات الاصلاح تصاحبها تعقيداتها الخاصة بها. وفى الإعلام عمومًا، والعربى على وجه الخصوص، لن يمكننا فك تلك التعقيدات، إلا لو أدركنا أن الأداة غير كافية لخلق الوظيفة، وأن الوظيفة الأساسية لوسائل الإعلام العربية ستظل غائبة، حتى تصبح أكثر فعالية وارتباطا بقضايا المنطقة. وتأسيسًا على ذلك، تؤمن مصر، كما أكد الرئيس السيسى مجدًدا، بأهمية الدور الإستراتيجى للإعلام فى مساندة جهود الدول لتحقيق الاستقرار والتنمية، من خلال تناول القضايا الوطنية وتعميق الوعى العام لدى الشعوب، وانطلاقًا من وحدة الشواغل والتحديات المشتركة التى تواجه العالم العربي. وفى مواجهة خطاب الكراهية والتحريض، الذى تتعرض له مختلف الشعوب العربية، شدّد الرئيس على أن الهدم لم يكن، ولن يكون، رسالة حضارية، وأن القيم الدينية لا تقام على الخراب والتدمير، موضحًا أن رسالة الدين هى البناء والتعمير والسلام والتنمية، وهو الأمر الذى لن يتحقق إلا بتوفير الأمن والاستقرار السياسى والمعنوى للشعوب، فى إطار مجال حضارى آمن. يفتح الشيطان، الشاطر، تسعة وتسعين باب خيرٍ، لا تكون إلا مقدمات لباب شر واحد، هو كل ما يريده. ولا نبالغ، أو نتجاوز، لو قلنا إن هذا هو ما تفعله بعض وسائل الإعلام العربية، وغالبية، إن لم يكن كل الوسائل الأجنبية، الناطقة بالعربية. إذ لم يعد سرًا أن هناك دولًا تستخدم وسائل الإعلام التقليدية وغير التقليدية، فى لعب أدوار داخل دول أخرى. كما لم يعد ذلك اتهامًا مرسلًا يطلقه من أكلت نظرية المؤامرة أدمغتهم، بعد الاتهامات التى وجهتها وسائل إعلام وأجهزة مخابرات وحكومات غربية عديدة إلى روسيا بالتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وفى الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، التى كانت مبنية على قيام جهات روسية بتمويل إعلانات على شبكات التواصل الاجتماعى، استهدفت تضليل الأمريكيين والبريطانيين. وأيضًا، بعد ثبوت قيام شركة «كامبريدج أناليتيكا» البريطانية باستخدام بيانات عشرات ملايين الحسابات على شبكة فيسبوك،بعد تحليلها، فى التأثير أو التلاعب بعقول مواطنى دول عديدة، غربًا وشرقًا. وعليه، بتنا فى أمس الحاجة إلى حماية مواطنينا من التضليل والشائعات، وتسليحهم بمهارات التحليل والتفكير النقدى، والأدوات التى تمكنهم من مواجهة خطاب الكراهية والتطرف وكشف الرسائل المزيفة والقيم غير الملائمة، وتنمية قدراتهم على التمييز بين الأخبار الصحيحة والكاذبة، وبين الأخبار إجمالًا ومقالات الرأي. فى أوبريت عنوانه «لسان عربى واحد»، كتب سيد حجاب:«سوا سواسيّة ويد بيد.. ده احنا فى عالم صعب بجد». ولا نجد أفضل، أو أنسب، من هذا الأوبريت، كلماتٍ وعنوانًا، نهديه لوزراء الإعلام العرب، الذين استقبلهم الرئيس وتحاور معهم، بعد أن أسعدتنا إشارتهم إلى أن مواجهة التحديات، بكل صورها،لا تقع على عاتق الحكومات بمفردها، وإنما تشارك فيها أيضًا المؤسسات الإعلامية، التى بات عليها الالتزام بمعايير منضبطة وجادة، والتعبير عن أولويات سليمة، والتصدى للأكاذيب والشائعات وتوعية الشعوب بالأبعاد المختلفة للتحديات وكيفية مواجهتها.كما أسعدنا، وأثلج صدرنا، حديثهم عن دور مصر المقدّر كمركز ثقل، للحفاظ على أمن واستقرار الوطن العربى بأكمله.وكذا، إشادتهم بالإنجازات الملموسة،لتى تشهدها مصر تحت قيادة الرئيس السيسى، على مختلف الأصعدة، سياسيًا وتنمويًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ووصفهم لها بأنها تقدم نموذجًا يُحتذى به للأمة العربية فى التقدم والازدهار والرؤية المستقبلية، لتحقيق التنمية المستدامة.



..وتبقى الإشارة إلى أن جدول أعمال الدورة العادية الثانية والخمسين لمجلس وزراء الإعلام العرب، تضمّن عددًا من القضايا، أبرزها تكريس الدعم الإعلامى للقضية الفلسطينية، ومواصلة الدفاع عن الوضع التاريخى والقانونى لمدينة القدس المحتلة، وتفعيل أهداف الاستراتيجية الإعلامية العربية 2022 ـــ 2026 فى التعامل مع الأزمات والكوارث، ومتابعة خطة التحرك الإعلامى فى الخارج، ومناقشة سبل إطلاق تعاون عربى للتصدى لظاهرة الإرهاب والتطرف، واستعراض الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030، إلى جانب إدراج الإعلام التربوى فى المناهج الدراسية بالدول الأعضاء. ولعلك تتذكر أننا كنا قد طالبنا، هنا، فى 30 أغسطس 2019، بأن تتضمن مناهج المدارس والجامعات مادة أساسية للتربية الإعلامية، خاصةً مع ظهور جيل يقضى غالبيته أكثر من ست ساعات، يوميًا، فى تصفح شبكات التواصل الاجتماعى، التى توحَّشت وتزايد تأثيرها، وكادت تسحب البساط، إن لم تكن سحبته بالفعل، من وسائل الإعلام التقليدية.