يصادف هذا الشهرمرور عام على استعادة طالبان السيطرة على أفغانستان، وهى ذكرى مريرة للعديد من الأفغان الذين يعانون تحت حكم جماعة محافظة متطرفة تقهر المرأة وتنظر إليها نظرة دونية. لكن رغم ذلك يبدو أن طالبان لم تنجح فى إسكات الأفغانيات تماما كما تظن، حيث برز أخيرا كتابان أحدهما مجموعة مقالات وتقارير حملت عنوان «ما زلنا هنا: نساء أفغانيات يتسمن بالشجاعة والحرية والكفاح من أجل أن تُسمع»، والثانية مجموعة قصصية بعنوان «قلمى جناح طائر «.تم نشرهما بالخارج وعكس كل منهما بطريقته كفاح النساء الأفغانيات لإسماع صوتهن.
حررت «ما زلنا هنا» الناشطة الأفغانية الكندية والمخرجة ناهد شاهاليمى، ويضم مجموعة من التقارير المباشرة، والمقابلات الحية المؤثرة التى تحكى قصة 13 امرأة وفتاة أفغانية، عانين صعود وسقوط وعودة حركة طالبان، ممن برعن فى مهن مختلفة،ومن بينهن مبرمجة كمبيوتر، وبرلمانية، وصانعة أفلام، وسيدة أعمال، ومفاوضة سلام، ومغنية، ووزيرة حكومية سابقة، وصحفية. قدمت الكتاب الناشطة والكاتبة مارجريت أتوود، التى توضح فى مقدمتها كيف تأثر بناء أدوارها النسائية فى روايتها الشهيرة «قصة الخادمة» برحلتها إلى أفغانستان عام 1978.
تكتب شاهاليمى فى المقدمة: «فقط من خلال إخبارك عن الماضى، يمكنك فهم ما كان لدينا من قبل وما فقدناه مرارا وتكرارا..اعتبارا من 15 أغسطس 2021، لم يعد هناك أى أمل». وتشير إلى أنه مع سقوط طالبان عام 2001، برز الأمل فى بداية جديدة، حيث سعت النساء الأصغر سنا إلى التعليم، وبدء أعمال تجارية جديدة، وحتى اكتساب مناصب بالسلطة والنفوذ السياسيين. لكن انسحاب القوات الأمريكية العام الماضى وعودة طالبان يهددان بعكس كل تلك المكاسب.
من خلال مقابلات مع سيدات مؤثرات بما فى ذلك حسنة جليل التى تم تعيينها نائبة لوزير الداخلية فى سن 26 عاما، وفريشه فروج، التى أنشأت أول مدرسة برمجة للنساء حتى يتمكن من العمل من المنزل ؛ والمغنية المشهورة عالميا أريانا سعيد، التى تتلقى بانتظام تهديدات بالقتل، تصر المجموعة على أن النساء فى أفغانستان «لن يصمتن».
يعكس الكتاب صورة ملهمة عن المثابرة فى وجه قسوة القهر والظلم، ويكشف كيف عاشت معظم النساء الأفغانيات حياتهن كلاجئات. كما يقدم تفاصيل مهمة وروايات شخصية رائعة تسلط الضوء على كيفية احتضان النساء والفتيات الأفغانيات للفرص التى أتيحت لهن على مدى العشرين عاما الماضية. ويهدف إلى تذكير الناس برفض النساء الأفغانيات أن يتم إسكاتهن، حتى فى ظل أسوأ الظروف.
أما المجموعة القصصية «قلمى جناح طائر «فتضم 23 قصة مؤلمة مترجمة إلى الإنجليزية.تم اختيار18 مساهما فى المجموعة من بين حوالى 100 مشارك فى مشروع «غير مروى..الكتابة عن أفغانستان «الذى بدأ عام 2019 للكاتبات المهمشات بسبب المجتمع أو الصراع السياسى. كتبت لوسى هانا، مؤسسة المشروع، «أنه ليس من الآمن فى الوقت الحالى الكشف عن الهويات التفصيلية للمشاركات فى الكتاب،وبعضهن يستخدمن بالفعل أسماء مستعارة.» وتضيف أنه بعد استيلاء طالبان على السلطة بالعام الماضى، نظرت النساء الـ18 إلى بعضهن البعض من أجل الطمأنينة. فقد شاركن كيف أنهن لا يستطعن النوم، وكيف أنهن صبغن ملابسهن باللون الأسود، وكيف أن الكتابة أصبحت الآن مخاطرة.أصبحت الكتابة فى أفغانستان حرفة محظورة على النساء. نزلت بعضهن إلى الشوارع، واختبأت آخريات ؛ وعبرت ست منهن الحدود ويعشن الآن فى ألمانيا وإيطاليا وإيران والسويد وطاجيكستان والولايات المتحدة الأمريكية.
يمكن وصف القصص فى المجموعة بأنها «خيال حقيقى»، تستند معظمها إلى تجارب حقيقية. تعيش أم وحيدة فى كابول على اتصال بأطفالها فى كاليفورنيا بفضل الانترنت، تُسجن معلمة مدى الحياة على الرغم من براءتها، لضمان إطلاق سراح قاتل رئيس القرية الذى ضرب زوجته الشابة، وتأمل امرأة أخرى أن يقدم لها رئيس مكتب الترجمة الذى تعمل به، دعما ماليا لعلاج شقيقها من الإدمان، لكنه يحاول التحرش بها، وتتعرض امرأة شابة للسخرية لأنها تريد أن تكون رسامة!.
من بين أبرز قصص المجموعة المؤثرة تأتى قصة «أجمل شفاه فى العالم»، وهى قصة تُحكى من منظور طفلة فقيرة تم إقناعها بأن تصبح انتحارية حتى تتمكن من لم شملها مع والدتها المتوفاة. القصة مستمدة من هجوم انتحارى حقيقى تم شنه قبل ثلاث سنوات على قاعة زفاف بكابول مما حول حفل زفاف إلى مذبحة مؤسفة.
-
تركزمعظم القصص على التحديات الشديدة التى تواجهها النساء الأفغانيات وليس فقط من طالبان خلال العام الماضى. تتعمق القصص أيضا فى الهوية الجنسية والحب غير المتبادل، وهى موضوعات خطيرة فى أفغانستان. كما تسلط الضوء على التأثير الشخصى للحرب على حياة النساء وتمزيق العائلات والتأثير المتعاقب للاضطهاد وللعنف المجتمعى المستشرى.