عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
متى يعود مارد المخدرات إلى القمقم؟
23 يونيو 2022
جنيف ــ آمال عويضة
المخدرات


عرفت شعوب العالم وحضاراته القديمة المواد المخدرة وتركت خلفهًا آثارًا تدل على استخدامها لأسباب منها ما هو طبى وروحانى وتصنيعى تجارى بحثًا عن السعادة كما فى الصين، التى كانت على رأس الدول التى انهارت ثم تعلمت الدرس، منذ خاضت حرب الأفيون (1839 – 1842) التى انتهت بهزيمتها عسكريا واقتصاديا أمام الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية التى دعمت تجارة المخدرات على غير أرضها.





وما زال الدرس يتكرر بتنويعات أخرى وصولًا إلى المنشطات والمواد المخدرة المصنعة التى تشكل تجارتها غير المشروعة نسبة لا يستهان بها من إجمالى التجارة العالمية.

وإن كانت الصين قد عانت قبل الوقوف على قدميها ثانية إلا أنها لم تنج إلا بتشديد القوانين حيث تعد الآن من أشد الدول تعاملًا مع تجار ومروجى ومدمنى بالمخدرات حيث تحتل مكانًا متقدمًا فى قائمة منظمة العفو الدولية التى تضم دولًا تطبق عقوبة الإعدام على المتورطين، ومنها إندونيسيا وماليزيا والسعودية وإيران، إلا أنه يمكن فهم التشدد الصينى فى ضوء تجربة تاريخية تعود إلى القرن الثامن عشر وصولًا إلى العام 1906 حيث عاش بها نحو 15 مليونا من مدمنى الأفيون وحده، بينما بلغت فى عام  1920نسبة الذكور المدمنين فى المدن الصينية نحو 25% من عدد سكانها وهو ما استمر حتى منتصف القرن العشرين واتخاذ إدارة ماو تسى تونج قرارات حاسمة لوقف النزيف، وهى الفترة نفسها التى شهدت تحركًا واسعًا للولايات المتحدة لمواجهة الأمر حيث تم افتتاح أول مستشفى لعلاج المخدرات فى نيويورك عام 1919، لتتوال بعدها عيادات معالجة الإدمان والمصحات.





كما عملت الإدارة الأمريكية منذ منتصف القرن الـ20 على إنهاء استيراد وتصنيع وبيع واستخدام المخدرات عبر سلسلة من المبادرات والقوانين التى أشرف عليها الرئيس الأمريكى الأسبق دوايت آيزنهاور، الذى أعلنها حربًا على الإدمان محليًا ووطنيًا ودوليًا بإنشاء لجنة مشتركة للتنسيق بين الإدارات لمكافحة المخدرات فى نوفمبر 1954، واشتعلت شرارة «الحرب على المخدرات» على يد ريتشارد نيكسون فى يونيو 1971، الذى وصف المخدرات غير القانونية بأنها «العدو رقم واحد فى الولايات المتحدة».





وعلى الرغم من تحركات دولية عدة واتفاقات ومعاهدات ومؤتمرات وقرارات واجتماعات وإنشاء هيئات، من بينها إنشاء مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة فى عام 1997، للعمل على السيطرة على انتشار المخدرات والحد من الجريمة، من خلال الجمع بين برنامج الأمم المتحدة الدولى للسيطرة على المخدرات (UNDCP) وقسم مكافحة المخدرات والجريمة التابع لمكتب الأمم المتحدة فى فيينا.. إلا ان بؤر تصدير السموم للعالم تعمل بهمة ونشاط لدرجة مسئوليتها فى إشعال صراعات جيوسياسية تساهم فى توحش طاعون المخدرات عامًا بعد آخر بتغييره جلده باستخلاص منتجات جديدة تساهم فى تحقيق الأرباح الخيالية التى تتغذى على إفقار دول وتغييب شعوبها، وزرع قنابل موقوتة على خريطة الصراعات الدولية كما هو الحادث فى إيران، التى تتوسط الطريق بين باكستان وأفغانستان المجاورتين ومنطقتى الخليج والشرق الأوسط، وهو ما يتكرر فى توتر تدعمه القبلية فى غرب أفريقيا، وصراع الشمال والجنوب فى الأمريكيتين، وانفجار مشاكل اقتصادية واجتماعية بين كولومبيا والإكوادور وفنزويلا ودول أمريكا الجنوبية وغيرها من الأمثلة، هذا فى الوقت الذى تلهث فيه دول العالم وهيئاته الدولية فى محاولات لإحكام السيطرة وإعادة المارد المدمر إلى قمقمه بتعويذة القوانين وحملات التوعية التى لم تنجح حتى الآن.