عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
ونشكر مدير الأمن!
28 مايو 2022
عبدالله عبدالسلام


فى 2008، أجرت مذيعة مصرية شهيرة مقابلة بالبيت الأبيض مع بوش الابن. كان الوقت المحدد دقائق معدودات أضاعتها المذيعة بأسئلة طويلة، بعضها استعراض للقدرات وبعضها ساذج. لا عجب أن المقابلة لم تأت بجديد وكانت باهتة، غلب فيها صوت المذيعة على صوت الرئيس.



تذكرت هذه المقابلة، بعد أن قرأت ما قاله المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب قبل أيام للنواب: «لا داعى لشكر مدير الأمن والإسكان ومسئول غرفة الملابس. تطرق إلى الموضوع مباشرة». نصيحة رئيس «النواب» ذكرتنا بالمرحوم الكابتن محمد لطيف الذى كان يغدق الشكر على الجميع بداية برجال الأمن وليس نهاية بالجمهور. نحن شعب يتلذذ بإضاعة الوقت ولديه شهوة السيطرة على الميكروفون. يحدد البرلمان دقيقتين لكل نائب للحديث فى طلبات الإحاطة والمناقشة لكن بعضهم يستغرق الوقت فى مقدمات طويلة وأمور جانبية ليُفاجأ بانتهاء وقته، فيصر على الاستمرار. فئات كثيرة تفعل ذلك أيضا. يلقى المحامى مرافعة تستغرق وقتا طويلا للغاية لكنه لا يدخل فى صلب القضية. بدلا من توجيه أسئلة مباشرة وحادة تشبه الرصاصة، يتفنن الصحفى فى حشو أسئلته بآرائه ووجهات نظره، فيضيع الوقت ولا يحصل على إجابة تفيد القارئ.



تشاهد برنامجا يسأل فيه المذيع ضيفه سؤالا مباشرا لكن الضيف يصر على العودة للتاريخ واستعراض ثقافته الشاملة لينتهى الوقت دون الإجابة على السؤال. ولأن وقت البرنامج ممتد ولا حساب للزمن، يجتهد المذيع لملء الهواء بمقدمات وخواطر وذكريات ثم يدخل فى الموضوع، أقصد البرنامج. معلقو المباريات، يواجهون نفس المشكلة، فيلجأون لترديد احصاءات وأرقام مملة ومكررة عن اللاعبين والمدربين، ولا يتوقفون عن إضاعة الوقت بكلام متواصل دون شعور بأن الصمت فضيلة فى أحيان كثيرة.



أتذكر مثالا ظريفا ضربه رئيس الوزراء الراحل عاطف عبيد بقوله إن الحلاق، الذى يعرف أن زمن الحلاقة الحقيقى قصير، يضرب المقص كثيرا دون أن يحلق شعرة واحدة، لإقناع الزبون بأنه أمضى معه وقتا ثمينا ويستحق أجرته. الطبيعى أن الإنسان يستغل كل دقيقة لإنجاز عمله، لكن البعض منا أصبح إضاعة الوقت بالنسبة له، إنجازا أيضا.