عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
انتقامُ بلا عنف
15 مايو 2022
د. وحيد عبدالمجيد


ألا يُخشى أن يكون (قرن الإذلال) الممتد من 1840 إلى 1949 سببًا فى اتجاه الصين إلى الانتقام، وبالتالى اتباع سياسات عدوانية عند صعودها إلى قمة النظام العالمى؟ سؤال وجيهُ أُثير فى سياق تعقيباتٍ على اجتهاد 8 مايو (سباق القمة). وهو مطروح منذ سنواتٍ إما خوفًا، أو تخويفًا، من تغييرٍ تدريجىٍ يحدثُ فى هيكل النظام العالمى. لكن نوع المخاوف يختلف. ليست الولايات المتحدة وحدها التى تخشى الصين. الاتحاد الأوروبى أيضًا يخشى آثار الازدياد المستمر فى قدرات الصين الاقتصادية والتكنولوجية. لكن الفرق كبيرُ بين من يخافون الصين لأن صعودها يُغيَّر فى هيكل النظام العالمى تدريجيًا، ومن يخشون ألا تختلف سياساتُها حين تبلغ قوتها الذروة عن غيرها. من ينظرون إلى صعود الصين من مواقعهم الحالية فى قمة النظام العالمى يختلفون كثيرًا عمن يرقبون تنامى دورها بمزيج من الأمل فى أن يؤدى إلى ما تسميها بكين معادلة يربح فيها الجميع win-win، والقلق من آثارٍ سلبيةٍ على بلادهم التى لم تُحقّق تقدمًا، أو أنجزت القليل منه. ومن دواعى هذا القلق على سبيل المثال أن تُعيد الصين إنتاج سياساتٍ تتبعُها دولُ كبرى أخرى، أو تبنى سياساتٍ انتقامية بفعل الإذلال الذى تعرضت له اعتقادًا فى أن النزعة الانتقامية قد تعمُ، ولا تقتصر على من أهانوها, خاصةً الإنجليز والروس واليابانيين. كما أن سلوك القوى الدولية الأكبر عالمىُ فى مختلف جوانبه، وقد يكون كذلك فى مجال الانتقام. ولكن إذا صح الاعتقادُ فى أن الصين ترغبُ فى الانتقام, فهل تفعلُ ذلك بطريقتها التى تتسقُ مع ثقافة أمةٍ عريقة، ورؤيةٍ عميقةٍ ساهمت الماركسية فى تشكيلها، عبر إلحاق هزائم متوالية بمن أهانوها وغيرهم من منافسيها, ولكن فى ساحة الاقتصاد والتجارة الرحبة، وليس فى ميدان الحرب الضيق. لا تشعر الأجيالُ الحاليةُ من الصينيين بإهانةٍ بل بفخرٍ واعتزازٍ عندما يجدون منتجاتهم فى كل شبر فى العالم، ويتابعون تراجع الكبار فيه أمامهم. وبرغم أن من يسلكون هذا المسلك لا يُخشى منهم، تظل بعضُ البلدان النامية قلقةً من بعض التصرفات الصينية، وهو ما نبقى معه غدًا.