عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
المرتزقة فى أوكرانيا صداع فى رأس أوروبا
25 أبريل 2022
شريف الغمرى
> المرتزقة تهديد مؤجل لأوروبا


كثيرة هى الدراسات والتغطيات الإعلامية التى تناولت ظاهرة المرتزقة، وقد عادت للظهور مرة أخرى مع وجود المرتزقة فى الحرب الروسية الأوكرانية، وهناك العديد من التوقعات حول النتائج المترتبة على وجودهم، وإن كان الأخطر هو ما سوف يظهر بعد عودة هؤلاء المرتزقة إلى بلادهم.



تجدد الجدل حول ظاهرة المرتزقة بعد إعلان رئيس أوكرانيا زيلينسكى، دعوة أى فرد من أى دولة فى العالم للمشاركة فيما سماه «الفيلق الدولى»، ثم إعلان مماثل من روسيا بتشكيل مجموعات قادمة من الشرق الأوسط.



وذكر تقرير أعده دانييل بايمان، أحد خبراء مركز سياسات الشرق الأوسط بأمريكا، الذى يحمل عنوان « المقاتلون الأجانب فى أوكرانيا.. تقييم المكاسب والمخاطر»، أن الموجة الأخيرة للمقاتلين الأجانب فى أوكرانيا تضم إرهابيين من الذين سبق أن قاتلوا فى أفغانستان وسوريا والعراق، وهم ضمن القادمين من دول عديدة غربية، منها على سبيل المثال أمريكا وكندا وبريطانيا. ويذكر هنا أن وزيرة الخارجبة البريطانية ليز تروس، كانت قد أعلنت تأييدها لانضمام مواطنين بريطانيين إلى هذا الفيلق الدولى.



وأشار تقرير بايمان إلى أن هؤلاء «المتطوعين» تضمهم تشكيلة لمجموعات شبه عسكرية وأن من بينهم متطرفين ينتمون إلى التيار اليمينى فى الغرب، ومن دعاة تفوق الجنس الأبيض.



وأعرب بايمان فى التقرير عن اعتقاده بأن كثيراً من المشاكل متوقع أن تنتج عن وجود هذا الخليط من جماعات تختلف عن بعضها فى ثقافتها.



فهؤلاء يتحدثون بلغات مختلفة، ومحملون بأفكار كثيرا ما تكون متناقضة مع بعضها، مما يجعل التواصل والتفاهم أمرا صعبا للغاية، ثم إنهم محملون بغريزة التعصب، وليس مستبعدا أن تحدث بينهم اشتباكات. ويدلل التقرير على الصعوبات المتوقعة بضرب مثل عما جرى فى سوريا، حيث اندلعت اشتباكات دموية عنيفة بين تنظيمات إرهابية كان أفرادها يتحدثون نفس اللغة، ومع ذلك لم يحل ذلك دون التناحر بينهم، فهل يمكن استبعاد أن تقع مثل هذه الاشتباكات بين مجموعات ليس بينها وبين بعضها توافق حول أى شىء.



وفى الوقت نفسه، ذكرت دراسة أعدها توماس هاجمر المتخصص فى دراسات الإرهاب بمركز سياسات الشرق الأوسط، أنه عندما ينتشر المرتزقة فى أماكن التوتر، فليس مستبعدا أن يستخدموا العنف ضد المدنيين. كما أن هؤلاء المرتزقة أجانب تسيطر عليهم غريزة التعصب، ويعانون ضغوطا نفسية عليهم، نتيجة فقدانهم العائلة والأصدقاء، ويتواجدون فى مجتمع يختلف تماما عن المجتمعات التى جاءوا منها، وبالتالى يكونون أكثر عرضة لارتكاب أفعال عدائية دون خوف من أى عقاب.



ويوضح هاجمر أن المتطوعين الأجانب الذين ذهبوا إلى أفغانستان للقتال ضد القوات السوفيتية تحت مسمى «الجهاد من أجل الإسلام»، هم أنفسهم نقلوا نفس أفكارهم عن الجهاد، حسب تفسيرهم له، إلى بلاد أخرى مثل الصومال.



كما أن أراضى أفغانستان الجبلية الوعرة التى مارس فيها هؤلاء المرتزقة حياتهم ومعاركهم، كانت تمثل بيئة شديدة القسوة دفعتهم إلى اعتناق ايديولوجيات شديدة التطرف، وبعض هؤلاء المرتزقة قد توجهوا إلى أوكرانيا مؤخرا وبالتالى لنا أن نتصور حجم التصادم لدى عملهم مع جماعات من المرتزقة الذين يحملون أفكارا وايديولوجيات مختلفة عنهم فى كل شىء.



ولكن الخطر الأكبر على المدى الطويل، حسب هاجمر، بعد أن تنتهى الحرب ويعود هؤلاء المرتزقة إلى بلادهم ، وقد اكتسبوا خبرات قتالية جديدة، وسوف تتحمل أوروبا العبء الأكبر، حيث ستكتشف أنها تستقبل خطرا لم تضعه فى حسابات نظرتها للمستقبل، عندما فتحت الأبواب أمام الانضمام إلى الفيلق الدولى لأوكرانيا، وعليها من الآن أن تحدد الوسيلة التى ستتعامل بها مع العائدين من أوكرانيا.