عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
وهم حيادية الإعلام!
9 أبريل 2022
عبدالله عبدالسلام


دائما ما يواجه خريجو أقسام الصحافة والإعلام، معضلة بعد التخرج لا تتعلق فقط بالعثور على فرصة عمل، ولكن حتى إذا عملوا فى تخصصهم، فإن واقعهم الجديد لا علاقة له تقريبا بما درسوه. هناك ما يشبه الانفصام بين الدراسات الأكاديمية وبين صالات التحرير واستديوهات الأخبار.



فى دراسة أخيرة لمعهد رويترز للصحافة أن معظم الناس يرغبون فى التعرف على الآراء المختلفة ويدركون مخاطر التعرض لآراء متطرفة أو من جانب واحد. ستجد دراسات عديدة، قديمة وحديثة، تؤكد أهمية مبدأ الحيادية، لكن هل الواقع يؤكد ذلك؟ ريتشارد شارب رئيس الـ «بى بى سى» صرح مؤخرا بأن الجمهور يبالغ فى تفضيله للأخبار المحايدة بنفس الطريقة التى يقول فيها 99% من الناس إنهم يغسلون أياديهم بعد الانتهاء من الحمام. للأسف الواقع يثبت أن هناك انجرافا جماهيريا تجاه الإعلام غير المحايد.. لماذا؟ لأن الأخبار المحايدة غير مريحة، ومن الصعب أن ترضى الكثيرين.



الإنسان يقرأ ما يحب، وما يميل إليه. الجمهور المقتنع بأفكار اليمين يتجه لقراءة الصحف اليمينية، وجمهور اليسار يفعل الأمر نفسه. إنهم يجدون فيها أنفسهم وأفكارهم وكتابهم ومعلقيهم المحبوبين. حتى على مستوى مواقع التواصل، غالبية التعليقات والمشاركات تكون حول موضوعات أو بوستات ذات توجهات معينة. صفحات هذه المواقع تحولت لمعسكرات وأحزاب وجماعات متنافرة، لا مكان فيها للرأى الآخر إلا فيما ندر. بعض الناس يعتبرون الآراء غير المنحازة كالمياه الفاترة، بينما هم يعشقون المحتوى المثير بل الاستفزازى.



فى ظل هذا الاستقطاب، تجد المؤسسات الصحفية والإعلامية الرصينة، التى بنت سمعتها وتاريخها على تقديم خدمة صحفية موضوعية ومحايدة، فى موقف لا تحسد عليه. الإقبال عليها يتراجع وأزماتها المالية تتصاعد. شارب كشف أن 70% مما تنشره صحيفة مالية بريطانية رصينة على موقعها لا يدخل عليه قارئ واحد. هذا لا يعنى التخلى عن الحياد بل التمسك به، ولكن مع تقديم مادة صحفية جذابة ومشوقة. الأهم أن يدعم الجمهور، الذى مازال يؤمن بالصحافة المحايدة، هذا النوع المحترم من الصحافة، لأنه وحده القادر على قول الحقيقة، ما أمكنه ذلك.