عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
وتنزلق أوكرانيا للهاوية
2 أبريل 2022
د. عزة رضوان صدقى


تواجه أوكرانيا الحرب وبغض النظر عن مقدار الدعم والإغاثة الذى يقدمه الغرب لها ومدى العقوبات المفروضة على روسيا ومدى صلابة الأوكرانيين فى ظل التدخل الروسى سيطول أمد هذه الحرب حتى يتم إلغاء المنهج الغربى الحالى لأوكرانيا.



يدفع الأوكرانيون ثمناً باهظاً لهذا المنهج ويتعرضون لعقوبات قاسية حيث يفرون من القصف ليصبحوا اللاجئين الأكثر نزوحا حول العالم. أما الذين يختارون البقاء فليس لديهم ماء أو طعام أو تدفئة أو وقود فى مدن مدمرة أو هكذا تبدو فى الإعلام الغربي.



للأسف تتحمل أوكرانيا وطأة الحرب نيابة عمن يشجع على التمديد فى هذه الحرب. إن الاستمرار فى القتال حتى آخر أوكراني،أو حتى تدمر المدن الأوكرانية بالكامل، غير مبرر وغير منطقي. سيعود اللاجئون الأوكرانيون فى نهاية المطاف إلى ديارهم لكنهم سيعودون إلى أوكرانيا ممزقة وربما إلى وطن مقسّم. لن تدمر المدن الشرقية مثلما يحدث فى ماريوبول فحسب، بل سيمتد الدمار إلى غرب أوكرانيا والمناطق الآمنة فى الأصل ويتم قصفها الآن.



لا يُستخدم المواطنون الأوكرانيون كدروع بشرية، لكن تضليلهم للاعتقاد بأنهم سيخرجون من هذه الحرب فائزين، ويجب الاستمرار فى القتال، أمر خطير للغاية. الدعم المعنوى والمالى والإعلامى الذى يقدمه الغرب لأوكرانيا يدفع الأوكرانيين للاعتقاد بأنهم قادرون على مواجهة روسيا.



يصعب مشاركة الدول الأخرى عسكريا فى هذه الحرب، لأن الجميع يدركون أن المشاركة العسكرية ستؤدى إلى حرب نووية مُفنية، وبالتالى فإن الأوكرانيين ملزمون بخوض هذه الحرب بمفردهم. ربما ستؤدى العقوبات الغربية إلى شل الاقتصاد الروسى وقد تدفع العقوبات بالروبل إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة، مما قد يتسبب فى تضخم واسع النطاق. لكن على الأوكرانيين إدراك أن الرئيس بوتين سيستمر بحزم فى الحرب، لأنه لن يسمح للناتو والاتحاد الأوروبى بالوجود على حدود بلاده. كما أن دور الإعلام الغربى فى تضليل الأوكرانيين هو دور محوري. وقوف الإعلام الغربى مع حكوماته وتأييدهم جملة وتفصيلا يشعل نيران الحرب ويزيد التصعيد، بدلاً من نزع فتيل التوتر بتقديم التقارير بموضوعية والتوسط من أجل السلم. إن تسليط وسائل الإعلام الغربية الضوء على الدعم المالى الغربى لأوكرانيا والإبلاغ عن العقوبات المفروضة على روسيا والشركات التى انسحبت من روسيا والتركيز على الأزمة الإنسانية هو أمر طبيعي، لكن مطالبة الأوكرانيين بمواصلة المسار الحربى وتجاهل المسار السلمى هو أمر كارثي. بعد حرب 1973 قال الرئيس أنور السادات علنا «أنا مش هحارب امريكا». بمعنى أنه لو كان العدو آنذاك بمفرده ولم يعتمد كليًا على الولايات المتحدة لكان بإمكان مصر مواصلة الحرب. لكن السادات أوضح أن مصر لا تستطيع خوض حرب ضد الولايات المتحدة وأنه لن يقود شعبه إلى حرب ذات عواقب وخيمة.



اليوم على أوكرانيا أن تفعل الشيء نفسه. محاربة القوى العظمى ليس بالأمر السهل، فيجب على أوكرانيا الانتباه إلى الفجوة الكبيرة بين أوكرانيا وروسيا فى العتاد والإعداد والثقل العسكري. لينتبهوا إلى أن روسيا قد تخسر الرجال والعتاد لكن لم يمس أرضها قدم. تدعو الحكمة إلى إنقاذ الأرواح وتجنب الدمار الشامل والخروج من الكوارث بأقل قدر ممكن من الضرر. الواشنطن بوست تقول: منذ التسعينيات والولايات المتحدة توسع من تحالف الناتو. بتوسيع هذا التحالف وإعطاء دول مثل جورجيا وأوكرانيا الفرصة للانضمام إلى الحلف فإن الولايات المتحدة تسببت فى معضلة أمنية مع روسيا أدت إلى تدخلها فى جورجيا فى عام ٢٠٠٨ وأوكرانيا فى عامى ٢٠١٤ و٢٠٢٢. يتطلب التفكير العقلانى نهجًا مختلفًا لإنهاء هذه الكارثة التى أضرت بالعالم أجمع. قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش: «المدافع تتحدث الآن لكن طريق الحوار يجب أن يظل مفتوحًا دائمًا». هذا أمر حيوي. المفاوضات والمحادثات السلمية ستؤدى إلى وقف التصعيد بينما التحفيز على استمرار القتال سيؤدى إلى دمارأشد. يجب أن تتفاوض أوكرانيا وروسيا على تسوية عادلة نأمل من خلالها أن تتمكن أوكرانيا من التعايش السلمى سويا مع روسيا والغرب.



المطالب الروسية لوقف إطلاق النار تطالب أوكرانيا بنزع السلاح والحياد التام فضلاً عن قبول ضم شبه جزيرة القرم لروسيا والاعتراف بمناطق دونباس كدول مستقلة، لكن قد تتخلى روسيا من أجل حل أسرع للأزمة عن بعض مطالبها، على الرغم من أنه كلما زاد توغلها فى أوكرانيا زاد إصرارها على التنازلات التى تتوقعها.



قال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكين إن الولايات المتحدة تتطلع إلى إنهاء الحرب فى أوكرانيا وليس توسيعها. آمل حقًا أن يتحقق ذلك لأن الشعب الأوكرانى هو الخاسر الأعظم فى هذه الحرب.