عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الحاجة أم الاختراع.. آليات مالية بديلة
26 مارس 2022
رحاب جودة خليفة
عملات


«الحاجة أم الاختراع».. وأمام وابل العقوبات المالية من العالم الغربى على روسيا، وعزلها عن نظام سويفت المصرفى العالمى، الذى يوصف بـ«قنبلة نووية اقتصادية»، كان لابد من تحضير بدائل. وهذه البدائل أو آليات التعامل المالى الأخرى ليست فقط وسيلة للخروج من المأزق بل قد تكون حلم للعديد من دول العالم للخروج من تحت «عباءة الدولار» بشكل تدريجى للوقوف فى وجه هيمنته على أسواق التجارة والأعمال.



وبالفعل طرحت العديد من الدول، خاصة تلك التى لا تحظى بـ»الرعاية الغربية»، أشكالا مختلفة من هذه البدائل سواء باعتماد العملة المحلية أو بآليات التحويل المصرفى. ويرى الخبراء أن الخطوة الأخيرة بالتحديد ليست بالسهلة، لكنها ممكنة فى حال وجود تحالفات سياسية قوية. ومع ذلك يمكن للبنوك الروسية أيضاً توجيه المدفوعات عبر الدول التى تحظى معها بعلاقات استراتيجية، مثل الصين، وتسريع استخدام نظام «سيبس» للدفع عبر الحدود بين البنوك باليوان الصينى. ورغم أن هذا النظام أصغر بكثير من سويفت، لكن قد يتم الاعتماد عليه بشكل أكبر فى المستقبل القريب بحيث يتقلص تأثير النُّظُم الأمريكية والأوروبية فى مدفوعات الأفراد فى كِلتا الدولتين الكبيرتين.



ومن جانبها ،أعلنت الهند أنها تدرس إنشاء آلية للسماح لها بمواصلة التجارة مع روسيا واستخدامها فى دفع ثمن النفط والسلع الأخرى، ويمكن أن تتم التجارة بالعملات المحلية بين البنوك الروسية والشركات التى لها حسابات فى البنوك الحكومية الهندية.



وهناك أيضا نظام المراسلة المالية الروسى «أس بى أف أس» والذى يُستخدم لإرسال الرسائل المالية داخل روسيا، الذى أسسه عام 2014 البنك المركزى الروسى بعد أن هددت الولايات المتحدة أول مرة بفصل روسيا عن سويفت، إثر سيطرة موسكو على شبه جزيرة القرم. وبالفعل نُفِّذت أول معاملة باستخدام الشبكة، فى ديسمبر عام 2017، وفى 2018 ضمت الشبكة أكثر من 400 مؤسسة مالية روسية.



وسعت الحكومة الروسية لتوسيع شبكتها لتشمل الدول الحليفة مثل تركيا وإيران منذ عام 2019 على أمل أن ينمو هذا النظام عالمياً. ولهذا نجحت روسيا فى توقيع العديد من الاتفاقيات لربط نظامها بأنظمة دفع فى دول أخرى مثل الصين والهند وإيران، وكذلك دول الاتحاد الاقتصادى الأورو-آسيوى . وفى نهاية عام 2020، شملت الشبكة الروسية 23 بنكاً أجنبياً من ألمانيا وسويسرا وأرمينيا وبيلاروس وكازاخستان وقيرغيزستان. لكن هذا النظام لم يلق النجاح المطلوب وعانى من قلة انتشاره بسبب خطواته المعقدة التى يواجهها مستخدمو هذا النظام، والتكاليف المرتفعة لإجراءات الانضمام.



ورغم أن القائمين على سويفت رفضوا من قبل حظر أى دولة، لكن فى عام 2019، منعت سويفت جميع المصارف الإيرانية تقريباً من استخدام نظامها. ولأن لغة المصالح تحدد كفتها الراجحة فى النهاية، أنشأت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا فى العام ذاته آلية مالية لاستمرار التعاون مع إيران، أطلق عليها اسم «إينستكس» وهو اختصار لـ»أداة دعم التبادلات التجارية» تستهدف الحفاظ على الاتفاق النووى مع إيران عن طريق إيجاد آلية مالية توفر للشركات الصغيرة والمتوسطة حفظ القنوات المالية المتعارف عليها مع إيران وتعمل بنظام المقايضة للبضائع أو المدفوعات، وإجراء المعاملات التجارية بعملات غير الدولار، ولكن على ما يبدو لم يتم الاعتماد عليه كثيرا. ومن جانبها، ربطت طهران نظام المقاصة المالية المحلى»سيبام» الخاص بها بنظام روسيا لتحويل الرسائل المالية، الأمر الذى يمكّن البلدين من الناحية النظرية من إجراء المعاملات العابرة للحدود.



حتى الساعة لم ترتق أى من هذه الحلول إلى الحد المطلوب كى تحل محل الدولار. لكن النظر إلى الأحداث الجارية، فإن هذه المساعى قد تسفر فى النهاية عن مولد نظام مالى عالمى موازٍ متعدد الأقطاب كبديل للنظام الحالى.