عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«السلاح الأجير».. كيف تجند جيشا خاصا؟
19 مارس 2022
أمنية نصر
مرتزقة


أيام قليلة بعد بداية العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، كان واضحاً التفوق العسكرى لموسكو للعالم. ومع تخلى الناتو عن تقديم الدعم المباشر لكييف، أعلن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى عن تشكيل «الفيلق الدولى» للدفاع عن بلاده داعياً المتطوعين من الخارج بهدف القتال ضد القوات الروسية، وماتلاه من توقيع الرئيس فلاديمير بوتين من الموافقة على نشر 16 ألفا من المقاتلين الأجانب الراغبين فى الانضمام لقواته فى المعركة المستعرة هناك. ومع غياب الأرقام الموثقة بخصوص دخول هؤلاء المقاتلين الأجانب للأراضى الأوكرانية، ومدى انخراطهم فى العمليات العسكرية، ردد البعض أن استخدام هؤلاء المأجورين هدفه الأساسى دعائى لحشد الزخم الدولى والإقليمى لكل طرف وتقوية موقفه.



ولطالما كان للمرتزقة تاريخ طويل فى الحروب وقمع الحركات الاحتجاجية، فمثلاً استأجر ملك إنجلترا هنرى الثانى مرتزقة أجانب لإخماد تمرد محلى فى القرن الثانى عشر. كما استأجر الملك جورج الثالث مرتزقة ألمان لمحاربة المتمردين. وفى العصر الحديث أدت الصراعات الأخيرة فى غينيا وسيراليون وليبيريا وساحل العاج إلى توليد إمدادات ثابتة من المقاتلين السابقين العاطلين عن العمل المستعدين للانتقال من الصراع إلى الصراع مقابل السعر المناسب وصلت فى كثير من الأحيان للدفع بالألماس.



وعلى الرغم من أنه لطالما كانت النظرة السائدة بأن الاستعانة بالمرتزقة أو ما يطلق عليهم بـ «السلاح الأجير» دليلا على ضعف الجيش النظامى، الا أنه فيما يخص المشهد الأوكرانى فهناك عدة عوامل تعلى من شأن هؤلاء الأشخاص، فالرئيس الأوكرانى أطلق عليه مسمي» فيلق» وهى كلمة تطلق على الجيوش النظامية، ليمنحهم الغطاء الشرعى المقبول، أيضاً هناك قبول وموافقات دولية لاستقدامهم عبر أوروبا. ولا يمكن لنا أن ننسى الدعم غير المشروط الذى منحته العديد من وسائل التواصل الاجتماعى والمنصات الرقمية لحشد هؤلاء المقاتلين «المرتزقة». وتم تسهيل الإعلان عن الرغبة فى استئجار المرتزقة عبر شعارات الدفاع عن الحرية وكذلك كان الأمر بالنسبة لسفارات كييف حول العالم، حتى أن زيلينسكى قرر الغاء شرط التأشيرة وبدا وكأن هناك تساهل وتغاضى عن شروط كانت فى السابق تمثل عقبة فى انضمام هؤلاء الأشخاص مثل السجلات الجنائية.



وعلى الجانب الآخر، ومع الأخذ فى الاعتبار العقوبات الغربية ضد موسكو ومنعها من استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والمنصات المعروفة، فقد لجأ الجانب الروسى إلى استخدام قنوات التواصل الاجتماعى الخاصة به ومجموعات الرسائل الخاصة لتجنيد جيل جديد من المرتزقة للقتال فى أوكرانيا إلى جانب الجيش النظامى. وهناك اتهامات عديدة لمجموعة فاجنر، وهى واحدة من أكبر المنظمات السرية فى روسيا، بالعمل على استقدام هؤلاء المجندين، وهناك أنباء عن قيام أكثر من 10000 عميل بإبرام عقداً واحداً على الأقل مع «فاجنر» خلال السنوات السبع الماضية. كذلك كانت هناك حملة عامة فى روسيا لتجنيد المرتزقة. الحقيقة هنا أنه على الرغم من أن مسألة استقطاب جحافل المرتزقة لأرض المعركة وبروز قضية ازدواجية المعايير فى النظرة لكل من الطرفين( الروسى والأوكراني) فى المعركة المستعرة بأوكرانيا تثير العديد من المخاوف فيما يخص مستقبلهم، فهم فى الكثير من الأحيان اللبنة الأولى للتنظيمات الإرهابية، فهل فتحت موسكو وكييف أبواب النار التى ربما تهدد مستقبليهما؟.