عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«كتيبة نغم».. أمل جديد للمسرح الغنائى
19 مارس 2022
باسم صادق
ابطال منتخب جامعة عين شمس للمسرح الغنائى خلال العرض


ها هى مسابقة المسرح الغنائى ضمن فعاليات مهرجان إبداع (10) التابع لوزارة الشباب والرياضة، تتطور شيئا فشيئا نحو الأفضل، والاقتراب من الفهم الصحيح لمفهوم تلك النوعية المسرحية شديدة الحساسية والعذوبة بفضل جهود فريق عمل الإدارة المركزية للبرامج الثقافية والتطوعية برئاسة نجوى صلاح.. وقد شاهدت ضمن العروض المتنافسة مسرحية «كتيبة نغم» لمنتخب جامعة عين شمس والذى قدم له طارق على صياغة شعرية كوميدية رقيقة مأخوذة عن القصة الشهيرة «صوت الموسيقى»، وألف موسيقاها أحمد الناصر وأخرجها شادى سرور.



وإذا كان المسرح الشعرى يملك قوة تأثير أكبر وأصدق فى الجمهور من المسرح المكتوب نثرا بفضل تفاعل الوجدان مع إيقاعات النغم الصادر عنه، إلا أنه أيضا يعد مغامرة كبيرة تحتاج مخرجا واعيا بحساسيته ومدركا خطورة أن يصبح الممثل دمية متحركة بسبب تحول خشبة المسرح إلى منصة عرض متقطع النغمات -بحسب تعبير د. سامح مهران فى كتابه المسرح بين الإبداع والتلقى–وهذا ما انتبه إليه جيدا المخرج شادى سرور وضلعى مثلثه شعرا ولحنا.. فقد التقط فريق العمل من النص الأصلى فكرة الصراع بين الموسيقى والفن والحياة الجافة الصارمة فى أسرة الكابتن عاصم وأطفاله السبعة، وبنى عليها عددا من المواقف الكوميدية الرقيقة نتيجة الصدام بين تلك المتناقضات.. فصاغ طارق على اشعارا فى غاية التفاؤل والعذوبة وخاصة أغنيتى النهاية ومنها ما يقول:



أوقات



بتكون جوانا حاجات



نحلم لو كنا ف يوم عصافير



يبقالنا ف كل مكان جناحات



فاردينها عشان بخيالنا نطير



ونروح ..



مطرح مانحب نروح



دايما جوانا طموح



ومافيش عصفور مدبوح .. مجروح



ولا صوت لزناد صياد شرير



.. وبالطبع كان ضروريا أن يكون الحوار مغنى بنسبة تتعدى 70 بالمائة من مدة العرض، وهو ما يفرض أيضا طريقة معينة فى النطق والحركة والإيماءة نتيجة تنغيم الصوت المستمر، وهو فخ آخر انتبه له المخرج فجعل لكل ممثل سمات مختلفة وتفاصيل نفسية و»لزمات» حركية تناسبه دون أن يتحول إلى آلة موسيقية، ولأننى قد أتيحت لى فرصة متابعة تكوين فريق العمل عن قرب، فإن المخرج قد استطاع بخبرته تكوين فريق يجمع بين مهارة التمثيل والقدرة على الغناء أو على الأقل الأداء الصوتى المنضبط وبدا واضحا الجهد المبذول فى تدريب الغناء على يد المطربة ماريز لحود، بالإضافة إلى صعوبة تلحين اشعار تناسب طبقات كل صوت من أصوات الممثلين جميعا، ولكن أحمد الناصر ألف ألحانا بميزان حساس تبعا للحالات الشعورية للشخصيات الدرامية دون أن يغفل القدرات الصوتية لكل ممثل، وهو ما عوّض بعض التفاوت فى مستوى الأداء التمثيلى للطلاب.



تميز من الممثلين عبد الرحمن عبدالله فى دور كابتن عاصم الأب، لما يملكه من صوت قوى وملامح مصرية أصيلة والتزام بحركة مسرحية حادة فى خطوط مستقيمة أغلب الوقت.



ولفت نظرى الحضور الطاغى لكل من مارينا صبحى فى دور عصمت واحمد هشام فى دور جودت وأداؤهما المشحون بالعنفوان والطاقة.. بينما لعب أحمد خالد دور مدير المنزل بهدوء واتزان لايخلو من الكوميديا الحركية.. واجتهد باقى الممثلين بالتفاصيل المرسومة لهم فبرع يوسف خالد، هايدى مدحت، ميادة حسين، أحمد طارق، وفاء محمد، ومريم محمود.



وقدم أحمد حبيب ديكورا بسيطا لمنزل الأسرة البحرى المحاط بالساعات كدلالة على حرص الأب على أهمية الوقت ولم يغفل التفاصيل البسيطة التى منحت قطع الديكور حضورا فاعلا فى تطور الحدث مثل إضاءة السلالم مع تعلم الأبناء السلم الموسيقى..



العرض حالة مسرحية غنائية مبشرة بالأمل، قدم فيها المخرج شادى سرور نموذجا لافتا للمخرجين المحترفين الذين يقدرون قيمة الإخراج لطلاب الجامعة ومنحهم الخبرات اللازمة، وقدم نموذجا آخر فى الرقى والاحترافية حينما وقف عقب العرض بين فريق العمل ليستمع إلى آراء أعضاء لجنة التحكيم بالإيجاب والسلب دون تكبر أو تعال وهم زملاء مهنة واحدة، ليمنح طلابه الممثلين درسا آخر فى ضرورة الانتباه والاستفادة من آراء المتخصصين مهما علا شأن المبدع، ولا يبقى سوى أن أحيى إصرار إدارة النشاط الفنى والمسرحى برئاسة مصطفى عيسى، وهند حامد على تقديم نموذج احترافى للمسرح الغنائى يضيف إلى الحركة المسرحية نجوما جددا.