عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
العثور على رفات القلب
4 مارس 2022
فولاذ عبدالله الأنور


‎فى فُقدانِ الوقتِ، وسطوةِ غيبتهِ،



‎يتحوّل بحبيبتهِ إلى أسواقٍ بَقِيَت،



‎مِن أزمنةٍ هلكَت،



‎ودروبٍ، وبقايا دورْ.



..........



‎يتجوّل معها فى أفنِيةٍ، تخفقُ،



‎بتهاويلِ الغيبِ، وأقبِيةٍ،



‎تنطقُ بتآويلِ الماضى المطمورْ.



..........



‎هل كان مِن الممكنِ،



‎أَن يستطلعَ فجرَ التكوينِ،



‎وأَن يستنطقَ جِيناتِ الدنيا،



‎أم كان مِن المحظورْ؟



..........



‎عثُرَ على قبَسٍ مُحتبِسٍ، يزكو،



‎بين صخورٍ خاملةٍ،



‎يوصلُه بالشمسِ الأولى،



‎إذ كان يُفتّح عينيهِ،



‎على أولِ تهجئةٍ للكونِ المنظور.



..........



‎عثُرَ على رائحةٍ،



‎هبَّت مِن خللِ البواباتِ الكبرى،



‎رائحةٍ لا يخطئها،



‎ردَّتهُ إلى طللِ لياليهِ الملأى،



‎بتجاعيدِ الماضى،



‎وأخاديدِ الأمسِ المبتورْ.



..........



‎عثُرَ على موطِيءِ أقدامٍ،



‎وحوافرِ قافلةٍ،



‎دخلَت مِن باب العيّارينَ زماناً،



‎واجتازت أبوابَ الكهنوتيينَ،



‎فسقطَت منها حباتٌ مُتكلِّسةٌ،



‎مِن عِقد امرأةٍ منظومْ.



‎استجلَبها الملَّاحونَ القدماءُ،



‎مِن الشطآنِ القاحلةِ،



‎وقِيل استخلصَها الغوّاصونَ،



‎مِن البحرِ الأدنى للرومْ.



..........



‎ومضَت حِقبٌ يتبعها سُجَفٌ وغيومْ.



‎والحبَّاتُ المنثورةُ تحكى فصلاً،



‎مِن أسرارِ الماءِ،



‎وَوصلاً عن رحلتِها لليابسةِ،



‎وأثرِ ترابِ الأرضِ عليها،



‎وسخونةِ أبدانِ الحورْ.



‎فاستعصى تاريخُ الماءِ عليهِ،



‎واستشكلَ ميلادُ النورْ.



..........



‎عثُرَ على رَتقٍ مِن سدَّاداتِ الكِتَّانِ،



‎المخطوطِ بدَمِ الغزلانِ،



‎لجلبِ حبيبينِ انفصلا، فاتصلا،



‎فترقّصتِ الدنيا حولهما،



‎وترخّصتِ النسوةُ،



‎واهتزَت لهما خاصِرةُ الأبدانِ،



‎ومرَّت حِقبٌ بعدهما، ودهورْ.



‎أخذَت معها الحبَّ،



‎وتركَت فينا الهاجرَ، والمهجورْ.



..........



‎عثُرَ على مِزَقٍ مِن سَقطِ متاعٍ،



‎أغفلهُ الرّحالةُ والكشّافونَ:



‎كساءِ امرأةٍ منزوعِ الجنبَينِ،



‎ومنقوطٍ بدَمِ الغربانِ،



‎لساحرةٍ ضدّ حبيبَينِ ائتلَفا،



‎فاختلَفا،



‎فانعقدت بينهما آصِرةُ الحرمانِ،



‎وكرَّت بعدهما حقبٌ ودهورْ.



‎أخذَت معها السحرَ،



‎وتركَت فينا الساحرَ، والمسحورْ.



..........



‎وعلى مقرُبةٍ مِن أتربةٍ تتململُ،



‎كالفجرِ الغامضِ بين الخيطينِ:



‎الأبيضِ والأسودِ،



‎عثُرَ على مقبرةٍ تتخلخلُ،



‎مِن أزمنةٍ غابرةٍ، وعصورْ.



هذا قبرى يا زهراءْ!



..........



‎لقِيَتنى سيدةُ القصرَينِ،



‎ـ عشيةَ لا أتذكرُ ـ



‎واصطحبتنى فى جولتها،



‎بين مياهٍ جاريةٍ، ووهادٍ، وصرُوحْ.



..........



‎أذكر أنى كنتُ أطارحها الشعرَ،



‎وأهمس فى مسمعِها،



‎بخلود الكلماتِ الأولى للحبِّ،



‎وغلبة سلطان البَوحِ،



‎وأمجادِ الرُّوح.



‎كان تآلفنا محفوفاً بالحيطةِ،



‎مِن أنشطةِ الأفلاكِ النائيةِ،



‎ومِن ظُللِ الأشباحِ المُترائيةِ،



‎ومِن أحوالِ الرّيح.



..........



‎كان مِن الطالعِ أَن تبزُغَ قصتُنا،



‎كالأشجارِ البريّةِ فوق جبالٍ وسفُوح.



‎لكنّ قصيدةَ شِعرى،



‎كانت قد زلَفَت مِن فوقِ العتباتِ،



‎ودلَفت مِن بين الأبوابِ،



‎ودخلَت حرمَ الإيوانْ.



‎فتلقّتها الكاتبةُ، وراقت للحاجبةِ،



‎فغنَّتها لوصيفاتِ القصرِ ،



‎ومَحظيّاتِ الفجرِ، وحاشيةِ الديوانِ،



‎فطارت فى الأروقةِ،



‎وساحَت فى الأوديةِ، وجالَت،



‎بين الرُّكبانْ.



..........



‎قتلَتنى أغنيتى يا زهراءُ،



‎فهذا قلبى،



‎وهنا قبرى يتململُ فى رقدتِهِ،



‎مِن بين تواريخٍ هلكى، ودهورْ .



‎فانتشليني مِن برزخِهِ،



‎وابتعثيني يا صاحبة النورْ.