اتفقت مع الراهب الآخر على مكان المقابلة بعد إنهاء المهمة الموكلة إلينا مسبقا من رئيس الدير، وكعادتنا فى كل مرة، أحدنا يشترى ما يحتاجه الدير، والآخر يبيع ما أنتجته أيديهم خلال الأسبوع الفائت، حيث تم اختيارنا بعد اختبارات وضعت خصيصًا لهذا الغرض لقياس قوة تحملنا لشهوات الجسد، وهل نستحق لبس الكفن وصلاة الموتى بالجسد من عدمه! ليس كل من يدخل الدير للرهبنة يستطيع أن يحصل عليها، فالبعض ينسحب أثناء فترة التلمذة التى قد تمتد لسنوات.
فى العادة نضرب قرعة فيما بيننا على من يقوم بالبيع ومن يقوم بالشراء، وحسم الأمر بأنى أقوم بالشراء وتركت شريكى فى زاوية طريق رئيسى يبيع بعض المقاطف والمشنات والمقشات الليفية والسلال والجوالق والحصر والحبال والأقفاص، وأحيانًا القلائد.
وفقنى الله فى عملية الشراء، عدت إلى زاوية الطريق مرنما بالمزمور القائل «أرحمنى يا الله أنا الخاطئ....»، علّ الله يغفر لى، استغربت عدم وجود شريكى فى مكانه، لم يسبق أى منا أن غير مكانه حتى لو لم تبع البضائع، أبتعد عن أى تفكير سلبى، فالمكان هنا آمن، الناس طيبون ويثنون على جودة بضائعنا وأمانتنا، لم أقض وقتًا طويلًا فى البحث حتى وجدت الشريك جالسًا منكس الرأس فى بداية طريق مهجور، أنزلت مشترياتى بجانبه وجثوت.
- لماذا غيرت مكانك؟
لم يرد، يحاول أن يكبت بكاءً وشيكًا، جاثوته.
ما بك؟ هل أنت بخير، ألم تبع شيئا؟!
سقطت دموع على لحيته عكست ضوء شمس مائلة إلى الغروب فى مزيج من الكلمات والنحيب.
- بعت قلادة فقط
أنا....وقعت... فى...... الشهوة.
طلبت منى أن تجرب القلادة، لبيت طلبها، طلبت منى ربطها خلف رقبتها، شمطاء لكنها قوية، كشفت لى عن عنقها، ملمسها ناعم كالحرير، استقرت الدلاية بين نهديها المكتظين، اقتربت أكثر لاصقت ظهرها بجسدى، اشتعل كالبركان، لحظة صمت ثم نظرت إلى الأرض، وهويحكى قصته،عانقته باكيا.
- أنا أيضًا وقعت فى نفس الخطية التي
طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء.
أنت أخطأت واعترفت، أما أنا فلم أجرؤ على الاعتراف، جميع من تراهم داخل وخارج الدير يخطئون، لا ولن يوجد من هو بلا خطية.
بدأ يجفف دموعه ونظر إلى وجهى الجاثم إلى الأرض أحملق إلى ظل يده التى تهيأ لى أنها ملاك مجنح، تحرك الملاك ببطء ليربت على كتفى.
- لنرجع فورا ونعترف!
- نعم، لكن دعنا نضرب قرعة أولًا!
كانت نتيجة القرعة أن نحتفظ بما يحدث خارج الدير سرًا عمن بداخله، زاد عدد القلائد مبيعا، وتنوعت ألوانها وأشكالها وخاماتها.