عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الرئيس الـ19 للدستورية
11 فبراير 2022
ماجـد حـبـتـه


الكفاءة، فى اللغة، هى الأهليّة للقيام بعمل ما، وحسن التصرُّف فيه.وبتعريف لويس دينوا، أحد أهم خبراء التنمية الإدارية،هى مجموعة السلوكيّات والمهارات التى تتيح للفرد ممارسة دور ما، أو وظيفة ما، بشكل فعّال. وحين سألت جريدة النهار الكويتية قداسة البابا تواضروس، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية،فى 23 أبريل 2017، عمّا يثيره البعض بشأن قلة عدد الوزراء الأقباط فى الحكومة المصرية، كانت تلك هى إجابته بالنص: هذا أمر حاكمه الوحيد هو الكفاءة، نحن يهمنا أن تكون الوزارة ذات كفاءة، ولا يهمنا ديانة الوزراء، لأن كفاءة الوزير هى التى تهم المواطن المصرى.



من هذا المدخل، مدخل الكفاءة أو الأهلية، ينبغى أن يتم تناول قرار تعيين الرئيس التاسع عشر للمحكمة الدستورية العليا، المستشار بولس فهمى إسكندر بولس، الذى كان نائبَا لرئيس المحكمة، حين أبعده قرار حمَل توقيع المعزول محمد مرسى، فى ديسمبر 2012، وأعاده قرار رئيس الجمهورية رقم 108 لسنة 2014، بعد الاطلاع على الدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014. ثم أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، الثلاثاء الماضى، القرار الجمهورى رقم 51 لسنة 2022، بتعيينه رئيسًا للمحكمة، بدرجة وزير. وصباح أمس الأول، الأربعاء، قام بحلف اليمين، ومن المقرر أن يترأس أولى جلسات المحكمة فى 5 مارس المقبل.



تخرج المستشار بولس فهمى فى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، سنة 1977، بتقدير عام جيد جدًا، وفى السنة التالية التحق بالنيابة العامة، وظل يتدرج فى المناصب حتى درجة محام عام بنيابة استئناف الإسكندرية للأموال العامة، ثم صار مستشارًا بمحكمة الاستئناف، عضوًا بمحكمة جنايات القاهرة وأمن الدولة العليا، و... و... ورئيسًا بمحكمة الاستئناف،ومساعد وزير العدل لشئون التنمية الإدارية والمالية والمطالبات القضائية،وصولًا إلى تعيينه، سنة 2010، نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا، التى أشرف على أمانتها العامة، بعد عودتها إليها، فى 2014.وخلال تلك المسيرة، أصدر العديد من المؤلفات والأبحاث فى القانون الجنائى، العام والخاص، من بينها كتاب جرائم العدوان على المال العام فى التشريع المصرى بين النظرية والتطبيق، الذى تقرره النيابة العامة على من يلتحقون بها، ضمن مجموعة الكتب الأساسية التى يتعين عليهم دراستها.



المهم، هو أن مصر لم يكن لديها محكمة دستورية، حتى أصدر الرئيس جمال عبدالناصر القرار بقانون 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا، الذى حددت مادته الرابعة اختصاصاتها بالفصل فى دستورية القوانين، وتفسير النصوص التى تستدعى ذلك بسبب طبيعتها أو أهميتها ضمانا لوحدة التطبيق القضائى،و.... و.... ومع أن دستور 1971، أطلق تسمية المحكمة الدستورية العليا، على المحكمة التى تفصل فى دستورية القوانين، إلا أن الاسم لم يتغير إلا بعد ثمانى سنوات، بصدور القانون رقم 48 لسنة 1979، الذى نصت مادته الخامسة على أن يكون تعيين رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد أخد رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وذلك من بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة للمحكمة ويرشح الآخر رئيس المحكمة.



باسمها القديم، تولى المستشار بدوى حمودة رئاسة المحكمة منذ 7 فبراير 1970، إلى 4 أكتوبر 1978، وتلاه المستشار أحمد ممدوح عطية، الذى صار أول رئيس للمحكمة باسمها الحالى، وظل يشغل منصبه حتى 31 أغسطس 1982، ما يعنى أن المحكمة تولى رئاستها اثنان فقط، خلال عهدى عبدالناصر والسادات، تصادف أن يكونا، مع الـ15 اللاحقين، مسلمين. ونقول تصادف، لأن الأقدمية، كانت هى المعيار الوحيد، باستثناء أول تشكيل للمحكمة، الذى كان بقرار من رئيس الجمهورية، دون التقيد بإجراءات التعيين أو قواعد الأقدمية.



ما اختلف فى دولة 30 يونيو، هو أن القانون رقم 78 لسنة 2019، والمادة 193 من الدستور، أتاحا لرئيس الجمهورية أن يختار رئيس المحكمة الدستورية العليا من بين أقدم خمسة نواب لرئيس المحكمة. وبموجب ذلك القانون أو هذه المادة، تم تعيين المستشار سعيد مرعى محمد جاد، فى يوليو 2019، وحين حالت ظروفه الصحية دون استمراره، وقع الاختيار على رابع أقدم نوّابه، الذى تصادف، هذه المرة، أن يكون مسيحيًا، تأكدت كفاءته، أو أهليته، لشغل المنصب، بسيرته ومسيرته ومؤلفاته، وأيضًا بشهادة رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى، وأعضاء المجلس، وقضاة مصر، الذين قاموا بتهنئته، فى بيان، داعين الله أن يسدد خطاه لإرساء القيم الدستورية، وبأن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء، فى ظل قيادة الرئيس السيسى.



..وتبقى الإشارة إلى أن المادة 14من دستور 2014 كفلت حق شغل الوظائف العامة، على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة، لكل المواطنين، الذين قالت المادة 53 إنهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو...أو... أو لأى سبب آخر. أما بشأن رئيس ونواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، فنصت المادة 194، من الدستور نفسه، على أنهم مستقلون وغير قابلين للعزل، ولا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون.