عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
التقويمات الفلكية والتنوع الثقافى فى العالم
6 فبراير 2022
د. على الدين هلال


احتفل الصينيون فى الأول من فبراير 2022بعيد رأس السنة الصينية الجديدة، والذى يتم تحديده وفقًا للتقويم القمرى كل عام خلال الفترة ما بين 21يناير، و20 فبراير، والذى يسمى أيضًا بعيد الربيع. وشهدت هذه المناسبة إطلاق الصواريخ النارية وخروج المسيرات ابتهاجًا بها.



ويطلق الصينيون على كل عام اسم أحد الحيوانات المرتبطة بالأبراج الصينية وعددها12، ومنها أسماء التنين والحصان والثور والأرنب والبقرة والديك، وسمى العام الجديد باسم النمر. ولا يقتصر اتباع هذا التقويم على الصين، وإنما يمتد إلى عدد من دول شرق آسيا مثل فيتنام والكوريتين الشمالية والجنوبية ومنغوليا.



وأودُ استخدام هذه المُناسبة للإشارة إلى تعدُد التقويمات الفلكية فى العالم بما يعنيه ذلك من اختلاف فى تاريخ بداية العام وانتهائه، فالمُجتمعات المُختلفة لها خصوصياتها الثقافية المُرتبطة بتطورها التاريخى والأحداث الكُبرى التى شهدتها وهُويتها الثقافية، ويظهرُ هذا الاختلاف فى التقويمات الفلكية وتواريخ بداية العام الجديد وعدد أيامه وأسماء الشهور وعددها. وهى أمور تختلف من مكان لآخر.



وبالطبع، فإن أشهر التقويمات وأكثرها انتشارًا وقبولًا بين كل دول العالم هو التقويم الميلادى والذى يرتبط بمولد السيد المسيح، وهو تقويم يعتمد على السنة الشمسية. ووفقًا له كما هو معروف فإن السنة تتكون من 12 شهرًا ويبلغ عدد أيامها 365 فى السنة البسيطة ويزداد يومًا فى السنة الكبيسة.ورغم تعدد التقويمات الفلكية كما سوف نرى، فإن هذا التقويم الميلادى هو التقويم المُعتَمد فى كُل دول العالم والذى تتم وفقًا له التعاملات الدولية.



وإلى جانب التقويم الميلادي، يُوجد تقويم إسلامى وآخر يهودي. ووفقًا للتقويم الإسلامى الهجرى الذى أسسه الخليفة الثانى عُمر بن الخطاب وجعل هجرة الرسول الكريم من مكة إلى المدينة مرجعًا للسنة الأولى منه، فإن العام الحالى هو 1443. وهو تقويم تتكون السنة فيه من 12 شهرًا، ويبلغ عدد أيامها 354 أو 355 يوما أى 11 يوما أقل من السنة الميلادية.



أما التقويم اليهودى أو العبري،فقد طوره أحبار اليهود حسب تصورهم لبدء الخليقة. وهو تقويم أسطورى وذلك لأن تاريخ الخلق لا يعلمه إلا الله. وحسب هذا التقويم، فإن العام الحالى هو 5782، والذى بدأ يوم 6 سبتمبر 2021. وينتهى مع يوم 25 سبتمبر 2022، وهو تقويم يعتمد على دورتى الشمس والقمر. وتتكون السنة فيه من 13 شهراً، يتراوح عدد أيام كل منها بين 29 و30 يومًا، ويختلف عدد أيامها من عام لآخر وقد تصل إلى 385 يومًا.



وإلى جانب التقويمين الميلادى والهجرى المستخدمين رسميًا فى مصر، يُوجدالتقويم المصرى الذى وضعه قُدماء المصريين وهو تقويم شمسى تتكون السنة فيه من 13 شهرًا تبدأ بشهر توت وتنتهى بشهر نسيء.ويُعتبرُ من أوائل التقويمات التى ابتكرها الإنسان وأكثرها دقة، وارتبط بفيضان النيل، ومواسم الزراعة والحصاد، وتقلبات المناخ. وحسب هذا التقويم، فإننا نعيش عام 6263. ومازال الفلاح المصرى يعرف شهور هذا التقويم مثل كياهك وطوبة وأمشير وبرمهات وبرمودة. وتنتشر الأمثال الشعبية المُرتبطة بتلك الشهور مثل أن أمشير هو شهر الزعابيب يأخذ العجوز ويطير للدلالة على البرد والرياح، وبرمهات روح الغيط وهات” للدلالة على نضج المحصول، وبرمودة دق العامودة للدلالة على دق سنابل القمح بعد نضجها، وطوبة تخلى الشابة كركوبة للإشارة إلى شدة البرودة. كما يعرفُ المصريون التقويم القبطى الذى يُعتبر امتدادًاللتقويم المصرى القديم وتستخدمه الكنيسة الأرثوذكسية المصرية فى تحديد المُناسبات الدينية. وجدير بالذكر أن الكنيسة الأرثوذكسية فى إثيوبيا تبنت هذا التقويم مع تغيير أسماء الشهور إلى اللغة الأمهرية.



وتعرف البلاد العربية تقويمات أخرى، مثل التقويم السريانى نسبة إلى السُريان الذين تحدثوا باللغة الآرامية وعاشوا فى بلاد الشام والعراق من حوالى ثلاثة آلاف عام. وهو التقويم المعتمد رسميًا فى سوريا وفلسطين والأردن ولبنان والعراق. ومن أسماء شهوره كانون الأول وشباط وآذار ونيسان. والتقويم الأمازيغى المعروف فى دول المغرب العربي، وهو تقويم يرتبطُ بمواسم الزراعة والحصاد ولذلك سُمى بالتقويم الفلاحى وحسبه فإننا نعيش فى العام 2972. وهناك اختلاف حول ما إذا كان العام الجديد يبدأ ب 12 أو 13 يناير.



ويُقدر بعض الباحثين أن هناك ما يزيد على 40 تقويما فلكيا فى العالم منها التقويم البوذى المعروف فى تايلند، وكمبوديا، ولاوس، وميانمار، وسريلانكا. والتقويم الهندوسى الذى يسود فى الهند وهو النظام المستخدم من 1000 سنة قبل الميلاد، ووفقا له يتم تحديد مواعيد الاحتفالات والمناسبات الدينية. والتقويم اليابانى الذى يُعرف أيضًا باسم تقويم كيوتو والذى يرتبط أحد عناصره بسنة تولى الامبراطور الحُكم. والتقويم الأرمنى الذى يبدأ عام 552 وهو عام انفصال الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية عن الكنيسة الكاثوليكية فى روما. وهكذا، فإن التقويمات الفلكية هى ليست مُجرد حسابات وأرقام أو مُجرد تواريخ لبدايات السنين ونهاياتها ولكنها فى الأساس هى موقف يتخذه الإنسان تجاه الزمن والتاريخ ويعكس علاقاته بواقعه المُحيط به وهى تعبير عن تاريخ الأديان والثقافات من زمن الحضارات القديمة فى مصر وبابل وسومر والصين، والأديان السماوية. ومع أن التقويم الميلادى هو المعمول به فى إدارة الشئون العامة فى الدول، فإن التقويمات الأُخرى ذات الارتباطات الدينية والثقافية ما زالت حاضرة وماثلة فى نفوس البشر وبالذات فى مُناسباتهم الدينية والاجتماعية. ورُبما يُفسر ذلك حرص جريدة «الأهرام» على نشر تاريخ صدور العدد وفقًا للتقاويم الهجرية والميلادية والقبطية فى صفحتها الأولى يوميًا.