عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«الدير الأبيض».. التاريخ يلوذ بقلب الجبل
25 يناير 2022
سوهاج ــ نيفين مصطفى


جاء حسم الأقاويل المتداولة حول مصير السور الخارجى للدير الأبيض بمحافظة سوهاج، على لسان الدكتور أبو بكر عبدالله، نائب رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار. فالرجل نفى ما قيل عن سقوط السور، موضحا أن ما سقط هو جزء من كساء الجدار الشمالى للسور الخارجى للدير الذى يتقدم الفناء المؤدى للكنيسة الأثرية. وذلك كان خير تذكير بـ «الدير الأبيض» الذى يعد من الدرر الأثرية فى جنوب مصر الثرى.



و«الدير الأبيض» هو أحد أهم الأديرة السياحية بمحافظة سوهاج على مساحة 76 مترا طولا، و35 مترا عرضا. ويبعد عن محافظة سوهاج بما يقارب 15 كيلومترا غرب المحافظة.



يقع الدير العريق فى موقع فريد بحضن الجبل، بالقرب من مقر ما يعرف بـ «الدير الأحمر». ويعود تشييد «الدير الأبيض» إلى النصف الأول من القرن الخامس الميلادى، على أيدى الأنبا شنودة، رئيس المتوحدين فى عام 441 م. وقام الدير على أنقاض مدينة فرعونية، واستخدم الحجر الجيرى فى إنشائه، وكان لتلك الأحجار الجيرية تحديدا فضل فى أن يكتسب مسمى «الدير الأبيض».



وتتجلى روعة التصميم فى اتخاذ الدير شكل المعبد الفرعونى من الخارج، فالجدران الخارجية تحتوى على «كرانيش» وتفاصيل فرعونية أخرى وكان له عدة مداخل، لم يعد يستخدم منها اليوم سوى المدخل الذى يتوسط الجناح الجنوبى.



ويتسم التصميم المعمارى الداخلى للدير الأبيض بأنه يقوم فى ثلاثية تنقسم إلى ما بين القطاع الأوسط وهو الأكثر امتدادا، أما القطاعان الشرقى والغربى، فهما بمثابة حجرتين. تقع الحجرة الشرقية إلى الجنوب من الهيكل، أما الحجرة الغربية فهى إلى الجنوب من المدخل وترتفع جدرانها إلى ما يقرب من 13مترا.



للدير من الداخل صحن فسيح يتخذ شكل مستطيل، به عدد من الأعمدة الحجرية ذات السماكة والثقل الواضح، يرجع أصلها إلى العصر الفرعونى، وبعضها مصنوع من الجرانيت البديع. وتتكون أرضيتها من البلاط. ويبلغ عرض الساحة الداخلية نحو 13 مترًا إجمالا.



ويتبع الدير أسس التخطيط «البازيليكى» المسيحى، إذ يمتد من الشرق إلى الغرب، ومقسم إلى ثلاثة أجزاء وهى من الغرب إلى الشرق، دهليز المدخل ثم الساحة الداخلية أو الصحن الذى تمت الإشارة له مسبقا، وأخيرا الهيكل.



أما عن الهيكل وزخارفه، فإنها من إبداع فنان كان يحمل اسم تيودور، ولكن أغلب هذه الزخارف والرسوم الجدارية قد نالت من الزمان ما نالته، بحيث طمست معالمها وتحديدا فيما يتعلق بزخارف الناحية الشمالية لما يطلق عليه «طاقية الهيكل».



أما الزخارف والجداريات التى تحقق لها النجاة حتى الآن، فتظهر فى بعضها صور السيد المسيح، عيسى والسيدة مريم عليهما السلام. وتظهر السيدة مريم فى الجداريات بصحبة يوحنا المعمدان، وبعض رؤساء الملائكة. ويبرز بين تلك الزخارف والرسومات، دوائر متماسكة بميمات، ويوجد داخلها تصوير نصفى لبعض الرسل.



وهكذا فإن فى جماليات وتاريخ هذا الدير الفريد، ما دفع إلى الاهتمام بمصيره وأحوال عمارته العريقة، خاصة فى ضوء أقاويل انهيار السور، الذى يخضع جزؤه الشمالى للترميم والصيانة.