عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
شتاء جليدى .. وبشائر للطفولة والمعلمين
23 يناير 2022
سكينة فؤاد


> أنا أعشق الشتاء وأكره الصيف وحرارته ولا يعرف جمال الشتاء قدر أبناء الشواطئ وكيف (تشتى الدنيا) كما نطلق على سقوط الأمطار والشمس مشرقة وكيف كنا ونحن فى طريقنا لمدارسنا اذا اشتد المطر نختبئ تحت البواكى أو مظلات الأرصفة التى تشتهر بها مدن البحر، ويجلس الناس على المقاهى تحتها يستمتعون بالمشروبات الدافئة ورؤية الأمطار تغسل طرقا نظيفة على جوانبها بالوعات تجرى إليها المياه .. وأبداً فى عمرى الذى اكرمنى الله به لم أعش شتاءً قارسا وعاصفا وجليديا ـ كما حدث فى الإسكندرية وشرم الشيخ ومدن أخرى .. برد تصطك وتتكسر تحته العظام وتتجمد وتعجز عن الحركة وتتضاعف بالتقدم فى العمر ويتحول المخ إلى قطعة ثلج داخل الرأس ... وهذه سطور اكتبها من المحيط المتجمد الشمالى الذى زحف مناخه إلى الشرق الأوسط كواحدة من النتائج الكارثية للإفساد والتدمير الذى فعله البشر بالبيئة، ولا أشك أن الأوبئة التى عزلتنا وشلت حياتنا ليست إلا جزءاً من هذه التحولات فى الكرة الأرضية التى تضع البشر الآن بين حجرى رحى العزلة أو الموت!.



> لعل فى تحقيق بعض ما ناديت به فى عشرات المقالات ما يدفئ ويطمئن ابتداء بإقرار مجلس الشيوخ ضمن مشروع قانون العمل حظر تشغيل الأطفال قبل سن الخامسة عشرة لحماية الطفولة من انتهاك آدميتها وبراءتها بالعمل المبكر وعدم المبالاة بجميع دعوات ضبط النسل، وما قرأته عن التعديلات المقترحة يحتاج إلى ضبط ووضوح وإغلاق جميع الثغرات التى تسمح بالتلاعب والتحايل ومواصلة استغلال عمالة الأطفال باعتبارهم الأرخص فى سوق العمل، فما أكثر الأطفال الذين يعملون بلا أجر تحت ادعاء تعليمهم حرفة ـ ولم أفهم معنى ما ورد فى التعديلات المقترحة لعمالة الأطفال، من إلزام صاحب العمل الذى يستخدم طفلا دون السادسة عشرة منحه بطاقة تفيد عمله لديه؟! أليس هذا بابا واسعا لاستمرار انتهاك الطفولة بالعمالة المبكرة؟! وكيف سيتم إحكام التنفيذ وما هو التطوير فى احكام الرقابة على التزام أصحاب الأعمال بألا يعمل الطفل أكثر من 6 ساعات يوميا وان تتخللها أكثر من فترة راحة وتناول للطعام مع حظر تشغيله بين السابعة مساء والسابعة صباحا وما هى الأعمال التى يحظر تشغيل الأطفال فيها وهل انتبه القانون إلى ضرورة الا يعمل الطفل قبل ان يصل إلى مرحلة تعليمية تخرجه من دائرة الأمية التى مازالت مشكلة من أخطر مشاكلنا وإذا كان قانون الطفل يعرفه بأنه كل من لم يبلغ الثامنة عشرة فلماذا لا تلتزم بهذه التعديلات المقترحة التى تبيح تدريبهم عندما يبلغون الرابعة عشرة الا يتيح هذا النص فتح ثغرة أخرى لعمالة الأطفال قبل أن يبلغوا السادسة عشرة ولا تقل الرقابة أهمية فى مجال تدريب وعمالة الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة وعدم إلحاقهم بأعمال تفوق قدراتهم وقد قدمت صحيفة فيتو فى 18 يناير الحالى تحقيقات استقصائية مهمة وكاشفة عن أشكال المعاناة والانتهاكات المؤلمة التى يتعرض لها الأطفال العاملون فى المحاجر والمزارع والورش كما ضمت هذه التحقيقات تصريحات لوزارة القوى العاملة بدت لى تناقض محاولات مشروع القانون لإنقاذ الأطفال منها على سبيل المثال أن يكون تشغيل الأطفال بشروط وأنه مسموح بعملهم فى المهن البسيطة وغير المؤثرة على صحتهم.



> لقد كان إنقاذ الطفولة من انتهاك آدميتها وبراءتها بالعمل المبكر من أهم ما ناديت به وكتبت عنه كاشفة عن الخطايا والجرائم التى ترتكب بحق الطفولة وقدر ما أسعدنى تدخل مجلس الشيوخ لحظر عمالة الأطفال قدر ما أثار قلقى وتساؤلاتى متى وكيف نستطيع أن نسد جميع ثغرات التحايل ونشدد العقوبات الحامية التى تفرض على أصحاب العمل والآباء الذين يرتكبون جرائم استغلال وتشغيل الأطفال وحرمانهم من التعليم ودفعهم مبكرا إلى أسواق العمل ولا تطبق عليهم أقصى وأقسى عقوبات الاتجار بالبشر وأرجو ان تكون رعاية وحماية الطفولة من البنود الأساسية لاهتمامات المشروع القومى الأهم فى مصر الآن وهو حياة كريمة، وان ندرك ان حظر عمالة الأطفال سيلعب دورا كبيرا فى تخفيف مشكلة لا تقل خطورة وهى الزيادة السكانية دون إمكانات متوافرة لاستيعاب وتوفير استحقاقات عدالة وجودة الحياة وتربية وتعليم وتشغيل هذه الثروة البشرية.



> خلال ما يقارب العام واصلت الكتابة منادية بإصلاح أحوال المعلمين ..دخولهم ومعاشاتهم التى لا تناسب عظم وثقل الرسالة والمسئولية عن تربية وتعليم الملايين من أبنائنا وبناتنا. باعتبار المعلمين المركز الاساسى لنجاح تطوير وتحديث التعليم ونشرت الكثير مما كان يصلنى من معاناتهم خاصة فى مراحل العمر المتقدمة وعجز معاشاتهم المتواضعة عن مواجهة مطالب وآلام ومتاعب هذه المرحلة الصعبة من العمر أيضا ما ترتب على إيقاف تعيين أجيال جديدة من المعلمين رغم الآلاف الذين استوفوا جميع الشروط التى حددتها الوزارة ومحاولات حل الأزمة بتكليفات مؤقتة ودون حق التعيين، ولذا فإن القرارات الأخيرة للرئيس السيسى تمثل بداية لإصلاح هذه الأحوال المؤسفة خاصة تعيين 30 ألف مدرس سنويا لمدة خمس سنوات. مع رصد3.1 مليار جنيه لتمويل حافز جديد للمعلمين ومع التقدير لقرارات القيادة يتبقى تساؤل .. وهو ماذا عن معاشاتهم والمعاشات التى يحصلون عليها من نقابتهم من حصيلة ما اقتطع منهم طوال سنوات عملهم؟! فكل تحسين لأحوال المعلمين ماديا ورفع أعدادهم وخبراتهم المهنية يمثل استثمارا من أهم الاستثمارات فى سلامة وعدالة وقوة المستقبل الذى تمثل الأجيال الجديدة محورا أساسيا له.



لكن ما لم أفهمه وأرجو أن يعيننى أحد من الخبراء والمتخصصين هو مدى سلامة أحدث قرارات وزير التعليم بإلغاء الامتحانات الالكترونية للصفين الأول والثانى الثانوى قبل ساعات من بدايتهما وان تكون الامتحانات بالكامل ورقية مع السماح باستخدام التابلت فقط للوصول إلى الكتاب الإلكترونى وبنك المعرفة... لقد أشدت من قبل بقرار وزير التعليم فى الاستعانة بخبراء جامعة عين شمس فى المناهج التعليمية والتربوية والاجتماع الذى عقده معهم فهل كانوا شركاء فى أحدث القرارات التى لا يتوقف الوزير عن إصدارها، وماذا عما أنفقته الدولة فى استيراد وإنتاج أجهزه قيل إنها من لوازم التحديث والتطوير ولماذا مازالت الدروس الخاصة تمثل وجعا من أهم أوجاع الأسرة المصرية؟