عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
ارتاحَ أخيرًا فى مَرقدِه
23 يناير 2022
د. وحيد عبدالمجيد


تعليقُ صغيرُ يبدو بسيطًا، ولكنه ذو دلالة بالغة على أن حلم العدالة والمساواة والتحرر لا يموت مع من يحلمون به مهما بدا أن أمره انتهى. كل ما فى الحياة ينتهى ما عدا الأحلام إذ تبقى كامنة حين يُحبط من يحلمون بها فى لحظة تاريخية ما، بانتظار ما يُتيح لها أن تتحقق.



لقد ارتاح أخيرًا فى مَرقدِه. كان هذا تعليق الصديق د. راشد عبد الحليم، الذى يعمل الآن فى أحد برامج مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، على الاجتهاد المنشور فى 15 يناير الحالى تحت عنوان: (التصنيف والشيطنة). نعم ارتاح فى مَرقدِه الرئيسُ والطبيبُ الإنسانُ التشيلى سلفادور الليندى، الذى دفع حياته عام 1973 ثمنًا لتمسكِه حتى النهايةِ بحلم الفقراء والضعفاء فى شيء من العدالة، رغم تأكده من أن الموت ينتظرُه إن لم يستسلم، ويُسلم حلمه للانقلابيين الذين تآمروا مع المخابرات الأمريكية، وبرعاية وزير الخارجية الأسبق هنرى كيسنجر شخصيًا كما ثبت بعد ذلك، للإطاحة بحكومة الوحدة الشعبية التى قادها بعد فوزه فى انتخابات حُرة .



كان ذلك فى 11 سبتمبر 1973 عندما حوصر القصر الرئاسى، ووُضع الليندى أمام خيارين لا ثالث لهما. فإما استسلامُا مُهينُا ومنفى عُرض عليه, أو الموتُ مرفوع الرأس. فاختار أن يموت لتعيش مبادئ آمن بها، ولم يُنتبه حينذاك إلى أنها كانت الركيزةَ الأولى لمُراجعات أنتجت بعد سنواتٍ ما أُطلق عليها شيوعية أوروبية. فقد كانت اشتراكية الليندى ورفاقه فى تحالف (الوحدة الشعبية) أكثر عمقًا من الديمقراطية الاشتراكية الأوروبية، مثلها فى ذلك مثل رؤيته للديمقراطية.



وعندما نطالعُ برنامج الرئيس التشيلى المُنتخب جابرييل بوريتش نجدُ فيه تطويرًا لمبادئ الليندى ورؤيته. مضى ما يقرب من نصف قرن قبل أن يُحيى بوريتش ما ضحى الليندى بحياته من أجله، وناضل تقدميون من أجيال عدة فى سبيله، وشاركوا مع غيرهم فى إنهاء حكم بينوشيه المتواطئ مع واشنطن عام 1990، واستعادة الحرية التى صادرها، وواصلوا العمل من أجل العدالة الاجتماعية أيضًا. وليس انتصارُ بوريتش وما يُمثله إلا خطوةً فى هذا المسير لعلها تكون إلى الأمام .