عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
لويس برايل .. مكفوف مهد الطريق لفاقدى البصر
5 يناير 2022
كتبت ــ نيفين عمارة
> «برايل» .. أنارت طريق المكفوفين


رغم حداثة سنه فإنه كان مدركا أن البعض يعانى من ضعف أو فقدان البصر بنسبة أو بأخرى، ولم يتعامل معها كقضية شخصية بل قضية عامة تحتاج لمن يواجهها، هكذا كان حال الفرنسى الشاب «لويس برايل» الذى توفى فى مثل يوم غد السادس من يناير عام 1852.



برايل ولد عام 1809 بمدينة «كوبفرا»، شرق العاصمة الفرنسية باريس، فقد البصر بإحدى عينيه عندما كان طفلاً فى الثالثة من عمره. وكان ذلك نتاج حادث مروع لاصطدامه بأداة حادة فى ورشة والده الذى كان يعمل بصناعة الجلود. وبعد عامين من الحادثة المؤلمة، فقد الصغير برايل البصر بعينه الثانية. ورغم حداثة عهده مع الحياة فإنه أدرك ضرورة مواجهة الظلام، واستكمال حياته، فتعلم السير فى طرقات مدينته الصغيرة مستخدما عصا صممها له والده.



التحق لويس بالمدرسة مستمعا فقط حتى العاشرة من عمره. و لذكائه الشديد، أرسل فى بعثة تعليمية لإكمال دراسته فى المعهد الوطنى للشباب المكفوفين فى باريس. وهناك أظهر تفوقا علميا رغم صغر سنه. وفى عام 1821 وخلال دراسته بالمعهد، التقى برايل بالضابط الفرنسى تشارلز باربييه.



وكشف له باربييه عن آليته لـ «الكتابة الليلية»، وهى شفرة ابتكرها فى أثناء الحرب تستخدم فى قراءة الرسائل الحربية، يستطيع من خلالها الجنود التخاطب فيما بينهم فى الأمور السرية دون الحاجة للكلام أو استخدام الضوء لمشاهدة نصها. وتعتمد هذه الشفرة على حاسة اللمس، حيث تبرز على ورق سميك أشكالاً من النقاط أقصاها 12 نقطة بارزة، لكل منها دلالة كلامية. لكن شفرة باربييه لم تحظ بنجاح واسع ، إذ وجد الجنود صعوبة فى استخدامها.



لكن برايل، الذى لم يتجاوز عمره حينها 12 عاما، وجد فى إخفاق شفرة باربييه فرصة لفاقدى البصر، فعمل على تطوير وتعديل تلك الشفرة واستخدم أساسيات نظام باربييه، وإن نجح فى تبسيطها وتوظيفها بشكل فعال، فاعتمد على الحروف الأبجدية ليكون منها رموزا، وقلل عدد النقاط من 12 لتصبح 6 نقاط بارزة. واستخدم قالبا أساسيا يسمى «الخلية»، بحيث تتضمن كل خلية 6 نقاط موزعة على عمودين متقاربين، ويتضمن كل عمود 3 نقاط. وتختلف درجة بروز النقاط تبعًا لطبيعة الحرف أو الرمز المراد التعبير عنه. وانتهى برايل من إتمام مشروعه وهو بسن 15 عاما، وقدمها لأول مرة لأصدقائه فى المعهد عام 1824. ثم جاء نشره لأول كتاب بصياغة « برايل« عام 1829 . لكن عطاء برايل لم يقف عند ذلك الحد، ففى عام 1837، أضاف رموزاً خاصة بالرياضيات. كما دفعه عشقه الموسيقى لابتكار رموز من أجل كتابة النوتة الموسيقية للمكفوفين. واخترع أيضا لوحا ونوعا من الأقلام يمكن فاقدى البصر من كتابة لغة برايل على الورق بدقة .



ولكن كل هذه الإنجازات، ورغم امتهان لويس برايل التدريس بالمعهد الملكى، فإن اعتماد وتدريس «لغة برايل» لم يتم رسميا فى فرنسا إلا عام 1854،أى بعد وفاة لويس برايل بعامين .



وقد شهدت لغته من بعده العديد من التعديلات، التى تضمن نشر استخدام لغة « برايل» من جانب مكفوفى العالم.



وبات يوم الرابع من يناير، يوم ميلاد لويس برايل، يوما عالميا للاحتفاء بـ«لغة برايل»، وذلك وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نوفمبر 2018، ليحتفل به العالم لأول مرة قبل ثلاثة أعوام فى 2019 .