يواجه العالم أكبر أزمة للنزوح القسرى منذ الحرب العالمية الثانية بعدما تجاوز عدد اللاجئين حول العالم 82٫4 مليون، بينما لا تزال الدول النامية تتحمل العبء الأكبر لاستضافة اللاجئين بمعدل 82%.غالبا ما يستقر اللاجئون فى المجتمعات التى تضم بعضا من أشد الشرائح فقرا فى بلدانهم، أو فى مناطق نائية أو حدودية يجد فيها السكان بالفعل صعوبات فى الحصول على وظائف وخدمات عامة ملائمة.وقد أتت جائحة كورونا المستجد لتزيد من أزمة اللاجئين ليس فقط من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، ولكن أيضا من الناحية الصحية.
اختلاف اللاجئين عن المجتمعات المضيفة من حيث الثقافات والعرقيات والجنسيات يجعلهم غرباء فى تلك الدول، ومع غياب او ضياع أوراقهم الثبوتية فقد يحول ذلك، أحيانا، دون وصولهم إلى التعليم والخدمات والعمل وسبل العيش الكريم. فاقمت ازمة كورونا أوضاع اللاجئين بعدما أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتقلص أعداد الأطفال اللاجئين الملتحقين بالتعليم، والإمكانية المحدودة للوصول للمياه النظيفة والصرف الصحي. وأثر الوباء على حقهم فى الغذاء وعلى بعض الفئات الضعيفة خاصة النساء.
لان توفير الدمج والحماية للاجئين هو مسئولية المجتمعات المضيفة، فقد اشتدت هذه المسئولية بشكل أكبر أثناء الجائحة. ومن المرجح أن تؤثّر تداعيات كورونا الاقتصادية والاجتماعية على اللاجئين والمجتمعات المضيفة فى البلدان النامية، متسببة بذلك فى تفاقم مواطن الضعف التى كانت قائمة من قبل، وزيادة الاعتماد على الدعم والتمويل والمساعدات الإنسانية، المنهكة أساسا، لمواجهة الأزمة الصحية وما ترتب عليها من أزمات اقتصادية واجتماعية.
فى ظل هذا الوضع الصعب، لسان حال اللاجئين يقول: وكأن اللجوء والنزوح لا يكفى! وكأن التشريد والتهجير وفقدان الأهل وهجر الديار والصراع اليومى من أجل البقاء لا يكفى، حتى يرمى الوباء بثقل إضافى على ما تحمله الظهور!
التكدس داخل المخيمات او التجمعات السكانية مقابل ضعف الرعاية الصحية يشكلان عاملا أساسيا لزيادة مخاطر الإصابة بالعدوى بين اللاجئين والنازحين. وانخفاض معدلات التطعيم بينهم يهيئ الظروف لظهور سلالات جديدة من الفيروس (يدفع العالم اجمع ثمنها) ويمثل عاملا لنشر العدوى بصورة أكبر.ملايين اللاجئين يواجهون خطر حرمانهم من الحصول على اللقاح لأنهم من ناحية لا يشكلون أولوية فى اهتمامات العالم فى هذه الظروف.
ومن ناحية أخرى، بعض شركات التصنيع الكبرى تخشى أن تتعرض لمخاطر قانونية من آثار جانبية ضارة للقاح.وما لم تقبل الشركات المسئولية القانونية فإن توفر اللقاحات للاجئين تحديدا سيظل يمثل تحديا حقيقيا.
هذا الوضع يدق ناقوس الخطر، ويؤكد، من ناحية، ضرورة توفير الحماية الدولية للاجئين وضمان حقهم فى الصحة وتحسين ظروفهم المعيشية، ومضاعفة جهود تنفيذ التعهدات الطوعية، وتقديم تعهدات جديدة للتعامل مع آثار الجائحة وتوفير اللقاحات بشكل عادل، مع دعم الدول المضيفة التى تعانى هى الأخرى من تداعيات الجائحة. ومن ناحية أخرى، ضرورة تعزيز الحلول المستدامة للاجئين ومعالجة الأسباب الجذرية للنزوح، من خلال إيجاد حلول سلمية للنزاعات وإحلال السلام المستدام وتفعيل العلاقة الترابطية بين العمل الإنسانى والتنموى وبناء السلام.
فى مصر، على الرغم من الظروف الاقتصادية، تستضيف الدولة نحو 6 ملايين مهاجر والحقيقة ان مصر بذلت جهودا كبيرة على صعيد تنفيذ التعهدات الطوعية التى تم تقديمها خلال المنتدى العالمى الأول للاجئين، وأيضا على مستوى تقديم الخدمات للاجئين، او من هم فى وضعهم، على قدم المساواة مع المصريين، بما فى ذلك دمجهم فى منظومة التأمين الصحى الشامل، وإتاحة جميع الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية لهم من خلال حملة 100 مليون صحة، وتلقى التطعيمات بالمجان، وإعفائهم من الرسوم الدراسية ومن تقديم أى وثائق للإقامة استجابةً للتحديات المرتبطة بجائحة كورونا.
أيضا، دشنت مصر منصة مشتركة للمهاجرين واللاجئين كأول آلية تنسيقية من نوعها بين الحكومة والوكالات الأممية المعنية والشركاء الدوليين بهدف تعزيز تقاسم الأعباء والمسئوليات وحشد الدعم الدولى لتلبية احتياجات اللاجئين والمهاجرين والمجتمعات المستضيفة.
وأسست مجموعة الأصدقاء الخاصة بتقاسم الأعباء والمسئوليات، وأكدت فى أكثر من مناسبة العلاقة الوثيقة بين النزوح القسرى وبناء السلام.
لتوفير المزيد من الخدمات والدعم، مصر وغيرها من الدول النامية المضيفة للاجئين فى حاجة لمساعدةومساندة اكبر من المجتمع الدولى بما يلبى الاحتياجات الفعلية والأوليات الحقيقية.