ينطلق فى «جدة» بعد أن هزم « كورونا».. «الهرم».. بشرى لفنون التحريك المصرى
أمر عجيب للغاية ما تمر به فنون التحريك المصرية، فالمفترض أن علاقة مصر بالرسوم الكارتونية قديمة، إذ ترجع إلى بدايات القرن العشرين، مع عرض فيلم «مافيش فايدة» للإخوة فرانكل عام 1935. كما أن ثراء التاريخ المصرى بمواهب وإبداعات لافتة فى هذا المجال يرجح نجاحا وحضورا أكبر لصناعة «التحريك» المصري، ولكن ذلك لم يحدث. ولعل فيلم « الهرم» الممثل لمصر فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى الذى تنطلق دورته الافتتاحية اليوم بمدينة جدة محاولة جديدة من جانب فنون التحريك المصرى لمقاومة التعثر وإبراز تفردها وإبداعها.
المخرج المصرى محمد غزالة، منتج ومخرج فيلم « الهرم»، يوضح للأهرام أن تجارب التحريك المصرية تمر دوما بحالات ولادة متعثرة طوال الوقت، كما جرى مع فيلم «الفارس والأميرة» الذى يعد أول فيلم «تحريك» طويل فى تاريخ السينما المصرية، ولكن تم إنجازه على مدى عشرين عاما ومع اختلاف المسئولين والمبدعين المعنيين بالمشروع. « لكن الفارس والأميرة تم فى نهاية الأمر، وذلك فى حد ذاته إنجاز مقابل التداعى المتكرر للمشروعات من هذه النوعية».
وعن أسباب التعثر يوضح المخرج المصري: « يرجع تأرجح مسيرة التحريك فى مصر إلى أسباب عديدة، من بينها محدودية عدد المنتجين والمخرجين المعنيين بهذا اللون من الفن. وكذلك نقص واضح فى اهتمام المؤسسات المعنية بدعم الفنانين بذلك النوع من الفنون».
وبسؤاله: كيف كان خروج فيلم «الهرم» إلى النور وتمثيله مصر فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولي؟ وترشيحه قبل ذلك للقائمة القصيرة لمسابقة أفلام التحريك فى جوائز الأكاديمية الإفريقية للأفلام 2021؟ يجيب غزالة باعتزاز شديد: الفيلم من بنات أفكارى إذا جاز التعبير، فقد توليته بالكتابة والإنتاج والإخراج. وشاركنى فى العمل على الفيلم طوال أربعة أعوام مجموعة من الفنانين المستقلين والمحترفين من دول جنوب إفريقيا ولبنان وبلجيكا وأنجولا».
ويوضح غزالة : « الفيلم من النوعية القصيرة ويدور حول أحد المصريين القدماء الذى حاول مخالفة السائد وتشييد هرم مقلوب هندسيا، بحيث تكون قمته إلى أسفل وقاعدته العريضة إلى أعلى».
وعن الحدث الذى استلهم منه غزالة فكرة فيلمه، أوضح أن الملهم الأساسى هو التقارير التى تنشرها الصحافة الغربية من حين إلى آخر مرجحة أن تكون الكائنات الفضائية هى التى أبدعت فى تشييد الأهرام وليس المصرى القديم بفنه وإصراره وتفرده.
وعن ظروف إنجاز الفيلم، يحكى غزالة: «الهرم كانت أيضا ولادته متعثرة، إذ استغرق إعداده أربعة أعوام، تخللها صدمة العالم بوباء كورونا المستجد، وذلك زاد من اعتماد أعضاء فريق العمل على خيار التعاون والعمل عن بعد وعبر قنوات التواصل الرقمي، فبعض الفريق لم يقابل بعضه مباشرة، ولكننا نجحنا فى التوصل إلى رؤية مشتركة ونجحنا فى تنفيذها».
لكن كان غزالة من الموضوعية بحيث لم ينسب لفيلمه وحده مقاومة تعثر فنون «التحريك» فى مصر، فيؤكد أن التجارب المستقلة فى هذا المجال مازالت «تسعى» لإيجاد موقع قدم للرسوم المتحركة المصرية على الصعيد الإقليمى والإفريقى والدولي. ويضرب غزالة مثلا بفيلم للفنانة المصرية ساندرا منير، عرض ضمن مهرجان « آنسي» الدولى للرسوم المتحركة فى فرنسا. فلعل فى «الهرم» بشرى بمستقبل أكثر تألقا لرسوم التحريك المصرية.