عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«نورد ستريم2».. سلاح تحت الطلب
27 نوفمبر 2021
مها صلاح الدين
نورد ستريم 2


موسكو جان أم مجنى عليه ؟أصابع الاتهام كلها تشير إليها وتؤكدأنها الجزء الأكبر من أزمة الطاقة التى تعصف بأوروبا، وفقا لتقرير لـ «يورو نيوز». ما أدى لرفع الأسعار 7 أضعاف ما كانت عليه فى يناير الماضى، فيما تدافع هى عن نفسها وتؤكد أنها باتت تمد القارة العجوز من مخزوناتها الاحتياطية لتلبية احتياجات السوق، وضمان العودة سريعا إلى استقرار الأسعار مرة أخرى.



كلمة السر لفك ذلك اللغز هى «نورد ستريم 2»، فروسيا بلا أدنى شك تسعى بشتى الوسائل لسرعة تشغيل الخط ، الذى من المقرر أن يمد ألمانيا ودول أوروبا الوسطى بنحو 55مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى سنويا، إذ تكبدت مليارات الدولارات لمده عبر بحر البلطيق، ومع ذلك لاتزال عاجزة عن حصاد أى عوائد منه ، فى ظل تعطيل المشرعين الألمان التصديق عليه ليمنحها المشروع فرصة الضغط على غريمتها أوكرانيا أكثر، حيث يتفادى المرور عبر أراضيها، ما يحرمها سنويا من مليارى دولار.



وهو مادفع روسيا لاستخدام سلاح الطاقة فى معركتها مع أوروبا، خاصة وأن 50% من الواردات الأوروبية من الطاقة تفد من الأراضى الروسية ، بل وأعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين صراحة بأن خط «نورد ستريم 2» معبأ بالكامل بالغاز الروسى ، وعلى استعداد لحل العجزالأوروبى فى الطاقة فى اليوم التالى الذى يتم فيه التصديق عليه .ولا تعد تلك المرة الأولى التى تلجأ فيها موسكو لترهيب أوروبا بسلاح الطاقة. فقد عمدت إليه عدة مرات فيما مضى، وكان أيضا خلال فصول الشتاء فى أعوام 2004 ، و2006 و 2009.



ولكن ما الذى دفع بأوروبا هذه المرة إلى حافة الهاوية ؟ السبب الرئيسى هو عودة النشاط الاقتصادى مرة أخرى للأزدهار بعض انقضاء شهور كورونا الصعبة، فبينما خفضت أوروبا وارداتها من روسيا خلال فترة الكساد التى رافقت شهور الإغلاق الطويلة، لم تتمكن من رفع وارداتها مرة أخرى من الغاز الروسى مع عودة الطلب للارتفاع.فتعاملات أوروبا مع روسيا فى مجال الطاقة تحكمها التعاقدات طويلة الأجل، التى يصل مداها من 10 إلى25 عاما ، و الشحنات اللحظية التى تلبى عجزا بعينه ، وهو ما تعتمد عليه أوروبا أكثر فى تأمين وراداتها من الطاقة وفقا لمتقلبات السوق .



روسيا بالفعل لم تتخلف عن الوفاء بعقودها طويلة الأجل مع أوروبا ، وهو السند الذى تجادل به لتبرئة ساحتها ، إلا إنها ، فى الوقت ذاته ، ترفض إرسال أى شحنات إضافية خارج تلك العقود ، وهو ما وضع أوروبا فى مأزق كبير.



العقوبات الأمريكية المتكررة على الشركات العاملة فى المشروع ساهمت أيضا فى تعميق الأزمة، إذ ردت عليها موسكو بتخفيض صادراتها من الغاز لأوروبا عبر بيلاروس بنحو 70 % . كما أعلنت عن تخفيضات مماثة عبر الخطوط المتجهة من أوكرانيا وبولندا .



سبب آخر لم يكن فى الحسبان ، هو طبيعة الطقس القاسى فى شهور الصيف الماضية ، فبينما تستنفذ أوروبا دوما احتياطاتها من الطاقة فى شهور الشتاء بسبب متطلبات التدفئة ، لتعيد شحنها مرة أخرى فى الصيف .



الدعوات فى أوروبا الآن تدور جميعها حول ضرورة إنهاء السيطرة الروسية على أوروبا والبحث عن مصادر أخرى بديلة للطاقة، إما عبر الاستيراد من دول أخرى ، أو الاستثمار فى الطاقة النظيفة ، إن كانت أوروبا جادة بالفعل فى الوفاء بتعهداتها لخفض انبعاثاتها الكربونية بحلول عام 2030، بنسبة 55%. فهل تنجح أوروبا فى كتابة النجاة لنفسها ، أم ستظل أسيرة للدب الروسى