مع أول شخص قمت بحذفه من صفحتى منذ أعوام طويله أ رسل لى الفيس بوك قبلها رسالة يسألنى:
هل تريد حقا حذف «.....» من قائمة أصدقائك؟
راجعت نفسى ثانية وتذكرت أسبابى الذى دفعتنى لذلك، والصبر الذى استنفذته بعد الكثير من الفرص الضائعة، وقلت لنفسى نعم أريد حذفه، ولا أرغب فى إضافته أو معرفة أخباره، وضغطت على زر القبول.
َواذا بالفيس يبعث لى برسالة أخرى يعتذر لى عن تعرضى لتلك التجربه الأليمة ويتمنى أن لا تتكرر معى ثانية، ويعدنى فى ذات الوقت أن الشخص الآخر لن يعلم بما قمت به ولن يخبره بذلك، ويتمنى أن يساعدنى فى الاحتفاظ باصدقائى.
تعجبت لهذا الكيان الأصم الذى راعى مشاعرى وتألم لحالى أكثر من صديقتى التى خذلتنى، وجعلتنى فى لحظة أتخلى عن صداقتها فى هذا العالم الافتراضى الأزرق.
لا أنكر أن الحياة سارت بعدها بشكل طبيعى وأفضل من السابق، ولذا فمع تكرار تجربة حذف الاصدقاء ومحوهم من وجودهم الافتراضى أمامى، صار الأمر عاديا بالنسبة إلى الفيسبوك، ولم يعد يرسل لى رسائل المواساة السابقة التى اعتدتها منه.
بل كان يجيب أوامرى بصمت مطبق ومن دون أن يعدنى أو يتمنى لى شيئا.
بل صار يرسل إلى المزيد من الأصدقاء الجدد، والصفحات الاجتماعية التى وكأنه يعلم أنى سأقبل بها دون تردد.
وبدأت اعتاد الحذف، فى مقابل المزيد من الصداقات الجديدة، فى محاولة لنسيان الماضى، والترحيب بالمستقبل.
لكن الأمر لم يمشى كما أردت، إذ كان هناك بعض الأصدقاء الجدد الذين كانوا يفرضون نفسهم عنوة، ويقحمون أنفسهم فى أدق التفاصيل، وآخرين كانوا يبعثون على الخاص برسائل غريبة لم اعتادها من قبل.
وإذا بالشاشة الزرقاء تتحول إلى الأسود فى إحدى ليالى الشتاء الباردة، وتمتلئ بكل الأصدقاء الذين قمت بحذفهم سابقا وهم يخرجون ألسنتهم لى مع نظرات شامته تمتلئ بها عيونهم.
كانت النافذة تصطك من أثر الريح الشديدة بالخارج.
فقمت لأنهى تلك الموسيقى المرعبة التى يعزفها الريح على وقع الليل الطويل، لأعود لسريرى مسرعة فأجده قد امتلئ بكل الأشخاص السيئين الذين محوتهم سابقا.
ومع نظرة الدهشة فى عينى والرجفة التى سرت فى جسدى، لم أستطع فعل شئ،.
تمنيت أن أملك حق إعادتهم إلى تلك الشاشة الصماء، وأغلق تلك الفجوة التى سرى منها هؤلاء الأشخاص إلى حياتى.
لكن أياديهم كانت قد وصلت إلى تقريبا، وأنا أحاول جاهدة الخروج من الحجرة دون فائدة.