عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
احترام التاريخ .. والمعلم .. ورغيف الكرامة
14 نوفمبر 2021
سكينة فؤاد


عندما يتناول الكاتب قضايا مهمة ومصيرية تمس الملايين من المواطنين الذين عملوا وفنوا أعمارهم فى خدمة بلدهم ثم لا يجدون ردا ولا مواقف حاسمة من الوزارات والمؤسسات المسئولة ومن النواب، كيف يفسر الأمر؟ ... لشهور طويلة كتبت فى قضية الدخول والمعاشات بالغة التواضع التى يتقاضاها أكثر من مليونى معلم من تحويشة أعمارهم التى تقتطع لصالح نقابتهم‪،‬ ورغم ضخامة الاستثمارات التى تستخدم فيها هذه الأموال فلا يحصلون إلا على 340 جنيها كل ثلاثة أشهر وكثيرا ما تتأخر ويضيع عليهم صرف بعض الشهور .. وبحت أصواتهم لإجراء انتخابات تأتى بنقيب قادر على تبنى وتحقيق مطالبهم بدلا من النقيب المعين.



كذلك خلال الشهور الماضية ومن خلال تجارب علمية لأكثر من باحثة ودارسة وحاملة دكتوراه فى زراعة الشعير كتبت عن التوصل إلى تجارب واختبارات لصناعة رغيف العيش من خلط دقيق أقماحنا المصرية على ما نزرعه من الشعير حققت نتائج باهرة لرغيف طيب المذاق عالى القيمة الغذائية.. رغيف إذا تحول إنتاجه إلى مشروع قومى تتبناه وزارتا التموين والزراعة يستطيع إنقاذ مصر من ان تكون على رأس مستوردى القمح خاصة بعد ارتفاع أسعاره وتوقف أشهر مصدريه كروسيا عن تصديره، وحل مشكلة ندرة المياه باعتبار الشعير لا يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه ويمكن زراعته فى أرضنا الرملية الصفراء والقاحلة، وقد أسعدنى ردا من وزارة الزراعة أكد أن جميع أنواع الشعير صالحة للخلط بالقمح وان كانت إضافة الشعير إلى القمح فى صناعة رغيف الخبز يحتاج إلى قرار من وزير التموين، وكما كتبت أكثر من مرة راجية ان يتفضل وزير التموين بالرد فمن يمكن ان يرفض توفير عنصر من أهم عناصر الأمن الغذائى ثبت توفره فى بلادنا بتحويل زراعة الشعير إلى محصول إستراتيجى قومى .



> اعتدت طوال شهرى نوفمبر وديسمبر أن تكون كتاباتى عن أيام المجد والنضال والمقاومة التى عاشتها مصر كلها من خلال ما واجهته مدينتى بورسعيد من تآمر وعدوان ثلاثى أرادت به بريطانيا التراجع عن اتفاقية الجلاء عن أرضنا التى وقعتها مع الرئيس جمال عبدالناصر، وان تسترد فرنسا قناة السويس التى أممتها مصر واستعادتها بعد نحو مائة عام ذهب دخلها وخيرها بعيدا عن أبنائها، وبعد ما قدموه من أرواح أكثر من 120 ألف عامل وفلاح مصرى استشهدوا فى عملية من اكبر عمليات السخرة فى التاريخ كما كتب مؤرخون محترمون مصريون وعرب وأجانب.. تلك العملية التى قادها ديليسبس بعد أن سرق فكرة حفر القناة التى يعود التفكير فيها إلى محاولات عديدة بدأت منذ أيام المصريين القدماء والتى أراد بحفرها أن تسيطر بلاده على المستعمرات الانجليزية فى الشرق خاصة الهند واستغل ديليسبس صداقة قديمة تربطه بالخديو سعيد وثقافة وخبرات الخديو المحدودة ليخدعه ويجعله يوقع عقود إذعان تملك القناة التى سيتم حفرها والاراضى حولها لبلاده، علاوة على تسخير العمال والفلاحين المصريين فى حفرها دون أجر أو إجراءات تأمين أو حماية ضد العمل فى الصحراء الموحشة وفى أصعب الظروف المناخية، التى أسقطت عشرات الآلاف منهم بالجوع والمرض والعطش وسوء المعاملة والضرب بالسياط .



> لماذا أكتب الآن عن هذه الذكريات الموجعة وما أقسى وأكثر ما عاشه المصريون من أوجاع وآلام مع ممارسات وجرائم المستعمرين معهم وسط ذكريات المجد والمقاومة التى عاشها أبناء بورسعيد فى نوفمبر وديسمبر 1956، للأسف قبل أيام قليلة أرسل لى أبناء أعزاء من بورسعيد صور لافتات ضخمة من القماش كتبت عليها بالخط العريض مطالبات بعودة تمثال ديليسبس، والمعروف ان تمثاله الذى وضعته الشركة الفرنسية على مدخل القناة تكريسا لتاريخ ملكيتهم للقناة تلك الملكية التى ترعاها جماعة فى فرنسا تطلق على نفسها أصدقاء قناة السويس، وللأسف يدعمها فى بورسعيد بعض من أشك فى أنهم يعرفون تاريخ بلادهم ومن استشهدوا فى حفر قناة السويس وكيف أسقطت قوات المقاومة والفدائيون التمثال عن قاعدته رمزا لانتصارهم على العدوان الثلاثى وإجلاء آخر جندى من القوات المعتدية البريطانية الساعة الخامسة من عصر الأحد 23 ديسمبر الذى تحول إلى عيد للنصر تحتفل به مصر كلها. 



وبناء على معرفة قيادات مصرية وطنية وأمينة على بلادها وعلى مقاومة ورفض أبناء بورسعيد من سلالة مقاومة ونصر 1956 تم نقل تمثال ديليسبس إلى الإسماعيلية لوضعه فى متحف أنشأته الادارة المصرية الوطنية لقناة السويس لمقتنيات القناة، وطالب العارفون بالتاريخ الحقيقى للاستعمار وحفر القناة بوضع التاريخ الحقيقى لديليسبس فى المتحف وان يضاف اليه أنه ـ ديليسبس ــ مات فى بلاده متهما ومعه ابنه بقضايا فساد فى حفر قناة بنما ... وهى بعض تفاصيل التاريخ الأسود لديليسبس الذى يطالب بعض الوطنيين من سلالة أبطال وشهداء نضال 1956 أن يسجل على القاعدة التى كان فوقها تمثال ديليسبس فى بورسعيد ولتتحول إلى نصب تذكارى لانتصارات 1956 ونضال أبناء بورسعيد لمنع إعادة احتلال الانجليز لمصر واستيلاء وسيطرة الشركة الفرنسية على قناة السويس، ورمز للمقاومة الباسلة للقوات المعتدية البرية والبحرية والجوية التى توجتها فرق المقاومة والفدائيون بإسقاط التمثال من فوق القاعدة حتى لا يظل مدخل القناة يحمل الوصمة السوداء لاحتلال الأرض والقناة لنحو مائة عام .



> منذ أسابيع دعوت ورجوت فى مقالى الانتباه إلى تزايد أعراض العنف، والجريمة غريبة على مجتمعنا وعلى الطبيعة السمحة والطيبة للمصريين وقدمت نماذج مؤلمة توالى بعدها نماذج أفدح وأبشع واختلفت الأسباب ما بين هوس وضلالات نتيجة انتشار كارثة أخرى لا تقل بشاعة وخطورة وهى انتشار المخدرات المصنعة ... لقد دعوت ورجوت جميع مؤسسات الدولة المسئولة ـ البيت والمدارس والجامعات والأندية والمؤسسات الدينية والثقافية والشبابية ـ ان تخوض معارك مواجهة وتشن حروبا عليها وهى متسلحة بالدراسات والخبراء الاجتماعيين والنفسيين والتربويين والتشريعيين لتدعم دور أجهزة الأمن .. وللأسف مازال يبدو الأمر كأن بعض هذه المؤسسات غائبة عن مواجهات الكارثة.