إثيوبيا.. والنافذة الضيقة!
لا أظن أنه بمقدورنا فى مصر أن نغمض العين عما يجرى فى إثيوبيا باعتبار أن الاستقرار فى هذا البلد يعد أمرا ضروريا فى إطار سعينا للوصول إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن السد الإثيوبى فضلا عن عميق إيماننا بوحدة وتماسك منظومة الأمن الإفريقى.
وربما يقتضى الأمر أن نلقى نظرة شاملة على ما يجرى منذ عام كامل «بدايته» وكيف تم التخطيط له ثم آليات تنفيذه والتى تعدت حدود الغضب والتجرد فى إقليم تيجراى وحده وامتدت إلى عدد من الأقاليم والعرقيات الأخرى وأفرزت على أرض الواقع نتائج مرعبة وصلت إلى حد توصيف الولايات المتحدة الأمريكية لما يجرى بأنه حرب أهلية تشكل تهديدا لوحدة الأقاليم الإثيوبية.
باختصار وفى ناحية الأسباب والدوافع فإن جبهة تحرير شعب تيجراى أطلقت نداء التمرد ضد حكومة «آبى أحمد» المركزية فى أديس أبابا فى أكتوبر عام 2020 رفضا لعمليات التهميش السياسى والاقتصادى والاجتماعى لإقليم تيجراى ثم سرعان ما انتقلت شرارة الغضب من داخل تيجراى إلى عدد من الفصائل الأخرى المعارضة لسياسات «آبى أحمد» والتى شكلت تحالفا للضغط على حكومة «آبى أحمد» فى حين أكدت مجموعتان من هذه الفصائل وهى «جيش تحرير أورومو وحركة أجاو الديمقراطية» الانضمام لتحالف عسكرى مع جبهة تحرير شعب تيجراى سعيا لإسقاط الحكومة المركزية التى يرأسها «آبى أحمد» خصوصا مع تقدم القوات المسلحة للفصائل لتصبح على بعد 200 كيلو متر فقط من أديس أبابا.
وهنا بدأت لهجة أديس أبابا تتغير وتحول لسان «آبى أحمد» من التهديد والوعيد ضد المتمردين إلى الأحاديث الناعمة عن الرغبة فى الحوار والسعى إلى السلام عبر اتفاق سياسى برعاية الاتحاد الإفريقى ودون ممانعة لتوسيع دور الوسيط الأمريكى «فيلتمان».
وربما زاد من حدة المأزق الذى يواجهه «آبى أحمد» هو ارتفاع نبرة الغضب والقلق الدولى من سلوكيات حكومة أديس أبابا وتورطها فى جرائم إنسانية تستوجب المحاسبة وفرض العقوبات نتيجة التوسع فى الاعتقال والقمع والقتل على أساس عرقى ومنع وصول المساعدات الإنسانية لإقليم تيجراى فضلا عن الانزلاق إلى اعتقال عشرات من موظفى الأمم المتحدة ومنع المراسلين الأجانب من حرية التحرك ورصد ما يجرى من تجاوزات فى هذه الحرب العبثية.
وإذا كان من غير الممكن التنبؤ ــ مبكرا ــ بمستقبل هذا الصراع الدامى فى إثيوبيا لكنه من الصعب تجاهل الإعلان المشترك بين الاتحاد الإفريقى والولايات المتحدة الأمريكية من أن هناك «نافذة ضيقة» تشكل فرصة لإنهاء القتال فى الوقت الذى قالت فيه الأمم المتحدة صراحة: إن خطر اتساع الحرب الأهلية أصبح خطرا حقيقيا للغاية».
خير الكلام:
<< على النابل أن يتأنى.. فالسهم إذا انطلق لا يعود!