عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
عن سرقة نصف تريليون جنيه
27 أكتوبر 2021
أحمد عبدالتواب


ماذا بعد أن تيقنا مما عجزنا عن تصديقه منذ عام، عندما أُعلِن خبرُ التشكيل العصابى الذى قيل إنه تمكن من الاستيلاء على ما قيمته 458 مليار جنيه من أملاك الدولة؟ فقد أصدر القضاء حكمه، الأسبوع الماضى، الذى أكدّ أن الجريمة وقعت بالفعل، وسرد تفاصيلها الجهنمية! مما جعل الكثيرين فى حالة ذهول، ليس من هول النوازع الإجرامية للمجرمين، ولا من أنهم لا يحترمون القانون ولا يخشونه، ولا من تحللهم من الروادع الأخلاقية، ولا من حجم جشعهم الرهيب، ولكن العجب مما أثبته حكم القضاء من أن ما كنا نظنه مجرد ثغرات ينفذ منها المجرمون، إذا بها وكأنها بوابات واسعة يدخل منها المجرمون بسلاسة، ليقترفوا جرائمهم بثقة، ثم يخرجوا بأمان! ومع كل التقدير لأجهزة الدولة التى تمكنت من رصد الجريمة، يبقى التخوف من أن عوامل دهس القانون لا تزال موجودة.



فى هذه الجريمة شديدة التعقيد، تواطأ عدد من موظفى محكمة البدرشين، مع آخرين من عدة مجالات، حيث قاموا طوال 11 عاما، فيما بين يوليو 2009 وفبراير 2020، بتزوير محررات رسمية، وسرقة مستندات أصلية رسمية، ورفع دعاوى شكلية، وتحرير محاضر نزاعات على أراضٍ مميزة مملوكة لأجهزة الدولة الممثلة فى هيئة الأوقاف والإصلاح الزراعى، وهيئة المدن الجديدة والمجتمعات العمرانية، وتحرير محاضر صلح وتزوير رول القاضى وإخطارات قيد دعاوى، وألبسوها لبس الحقيقة، بأن قاموا بتوجيهها إلى هيئة قضايا الدولة وهيئة الأوقاف المصرية للإيهام بصحة إجراءات اختصامها، وذيلوها بتوقيعات نُسِبَت زوراً إلى كاتب المحكمة، كما قاموا بتوثيق تلك الأحكام بسجلات مأمورية الشهر العقارى، وقاموا باصطناع محاضر جلسات أثبتوا فيها، على خلاف الحقيقة، مثول ممثلى أجهزة الدولة المختلفة، وعضو هيئة قضايا الدولة، أمام المحكمة، وإقرارهم جميعا بالصلح مع باقى أطراف الدعاوى المدنية المصطنعة، وتوقيعها زوراً ببصمات (أكلاشيه) مصطنع لمحكمة البدرشين الجزئية، وتوقيعات منسوبة زورا للقضاة، قاصدين بذلك جعل الأحكام المصطنعة حجة فى مواجهة الدولة، ليتمكنوا من نقل ملكية تلك الأراضى لمصلحتهم تنفيذا للأحكام المزورة الصادرة فى الدعاوى المرفوعة صوريا!!