عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
فى بريطانيا.. «منازل الفقراء».. بيئة حاضنة للأمراض
21 أكتوبر 2021
شيماء مأمون


«يمكن أن ترى الجراثيم تمر عبر الفراش.. إنه لأمر مثير للاشمئزاز أن يتم السماح لعائلة بالعيش فى منزل فى تلك الحالة وعدم الاهتمام بها».. كانت هذه كلمات كريستالروز شيرلى 27 عاما، بعد أن تمكنت هى وابنتها البالغة من العمر ثلاثة أعوام، من الفرار من إحدى الوحدات السكنية الموبوءة التى كانت قد قامت باستئجارها فى إحدى ضواحى لندن، حيث أصيبت هى وابنتها بالتهابات فى العين بسبب العفن والفطريات المنتشرة داخل مسكنها.



 



وتعد أزمة المساكن واحدة من أكبر التحديات التى تواجه بريطانيا، وأصبحت ملكية المنازل فى بريطانيا بعيدة المنال بشكل متزايد بالنسبة للشباب، بعد أن انخفضت قدرتهم على تحمل تكاليف شراء منزل بمقدار النصف، مقارنة بالجيل السابق. وحاليا لا يستطيع حوالى ثلث البالغين البريطانيين الوصول إلى منازل آمنة. وترتفع هذه النسبة إلى 58٪ من الأسر ذات العائل الواحد، و57٪ من البالغين السود و54٪ من البالغين المعوقين .



وكشفت دراسة استقصائية، أجرتها مؤسسة «شيلتر» الخيرية للإسكان، شملت أكثر من 3 آلاف مستأجر، أن المساكن الرديئة التى تمثل نحو 17% من منازل بريطانيا تسبب أضرارا بالغة بصحة واحد من كل خمسة مستأجرين فى إنجلترا، خاصة أن هذه الوحدات السكنية أصابها العفن والرطوبة، وتفتقد القدرة على التدفئة. لذلك تعد هذه الوحدات السكنية بؤرا رئيسية للإصابة بالأمراض، الأمر الذى جعل ما يقرب من 1.9 مليون أسرة تعانى مشاكل جسدية وعقلية نتيجة لظروف السكن السيئة، فضلاً عن انعدام الأمن بشكل كبير، نتيجة الإيجارات قصيرة الأجل التى تؤدى إلى انعدام الأمن بشكل كبير، بالإضافة إلى الخوف الناجم من عدم القدرة على دفع الإيجار، مما يؤدى إلى تكرار عمليات الإخلاء.



جاءت هذه النتائج فى الوقت الذى حذرت فيه المؤسسات الخيرية، من أن قوائم انتظار الإسكان الميسور من المقرر أن تتضاعف العام المقبل، لتصل إلى 2.1 مليون أسرة، حيث أن واحدا من كل 10 من الموجودين فى القائمة مازال ينتظر بالفعل منذ أكثر من خمس سنوات، لاسيما بعد أن قوض الوباء فرص بناء مساكن جديدة. ومن المتوقع ارتفاع الطلب فى الأشهر المقبلة، خاصة أن أزمة تكلفة المعيشة ساعدت فى زيادة متأخرات الإيجار، الأمر الذى يسهم بشكل كبير فى ارتفاع عمليات الإخلاء.



ومن جانبها دعت بولى نيت، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة شيلتر، الحكومة البريطانية، العمل للسيطرة على أزمة الإسكان ومعالجتها بصفتها واحدة من الأسباب الرئيسية لاعتلال الصحة. وقالت نيت: «إن الضغوط والمعاناة، التى تأتى مع عدم معرفة ما إذا كان بإمكانك دفع إيجارك من شهر لآخر، أو ما إذا كنت ستواجه خطر الإخلاء، تعد أمرا صعبا». كما قال ديفيد رينارد، المتحدث باسم رابطة الحكومة المحلية للإسكان: «لقد حان الوقت الآن لعكس اتجاه الانخفاض فى بناء مساكن على مدى العقود القليلة الماضية، حيث يجب تبنى برنامج يضم بناء مائة ألف منزل اجتماعى سنويًا، كى تنخفض قوائم انتظار الإسكان ولتقليل التشرد، مع تقديم دعم طويل الأجل بمليارات الدولارات للاقتصاد». مضيفا «إن الوصول إلى منازل مناسبة ميسورة التكلفة يعد أمرًا أساسيًا لنجاح أى محاولة لرفع مستوى المجتمعات الأكثر فقرًا».



وتقول فيكى ناش، رئيسة الشئون العامة فى مؤسسة مايند الخيرية للصحة العقلية: «يستحق كل فرد مكانًا آمنًا، وبأسعار معقولة، ومناسب للعيش فيه، وليس فى مكان يجعلنا نشعر باليأس، ويزيد من سوء صحتنا العقلية والبدنية». لذلك تتطلب معالجة هذه الأزمة ومشاكلها المعقدة والمترابطة، رؤية شاملة وسياسات مصممة لتناسب الأماكن المختلفة وتحدياتها.