عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
أكتوبــــــــر.. يعنــــــى نقـــــــدر!
8 أكتوبر 2021
إبراهيـم حجـازى


>> هزيمة يونيو 1967 مضى عليها نصف قرن وأربع سنوات.. وهى لم تكن مجرد معركة خسرناها.. إنما كارثة بكل المقاييس وصدمة عمر للمصريين.. خلقت واقعاً مظلماً لا بارقة أمل فيه.. لكن سبحان الله!.



الهزيمة الأصعب فجرت الصحوة الأعظم.. التى كشفت للمصريين عن قدراتهم الكامنة الهائلة التى لا سقف لها.. والتى بها ومعها قهروا المستحيل وصنعوا المعجزات وحققوا أعظم انتصار فى أكتوبر 1973.



نعم.. انتصار مستحيل عظيم.. لأن المسألة لم تكن هزيمة فى حرب.. إنما فى الواقع المختلف جذرياً الذى تم على الأرض نتيجة لهذه الهزيمة.. عسكرياً وسياسياً وأمنياً ودعائياً!.



واقع.. خلاصته فى كلمتين.. التفكير مجرد التفكير فى استعادة الأرض التى ضاعت.. نوع من الخيال وأمل أبعد من السراب!. ليه؟.



لأن الجيش الذى لا يهزم.. وهذا هو اللقب الذى أطلقه العالم على الجيش الإسرائيلى بعد انتصاره فى يونيو 1967.. لأن هذا الجيش.. احتل سيناء بأكملها.. ووجد نفسه فى أعظم وضع استراتيجى لجيش فى حرب!. الأرض الشاسعة التى احتلها.. الطبيعة الجغرافية لها.. أمنت له أفضل دفاع عنها!.



سيناء التى احتلتها.. حدها الغربى قناة السويس أصعب مانع مائى بين جيشين!. حماية طبيعية للعدو وتأمين له من المصريين فى جهة الغرب!. وفى الشمال البحر الأبيض وفى الجنوب البحر الأحمر.. يعنى الجانبين بحر.. والبحر يختلف جذرياً عن البر.. وهو فى هذه الحالة حماية طبيعية للعدو.. لأن الهجوم من البحر يتطلب قطَعَاً بحرية وحجم القوات مرهون بنوع القِطَع البحرية.. وفى كل الأحوال.. الحجم محدود بالقياس إذا ما كان هذا الهجوم برياً!.



صحيح.. خطوط إمداد الجيش الإسرائيلى طالت.. إلا أن القناة مع البحرين الأبيض والأحمر.. قاموا بتأمين المواجهة والجانبين فى أفضل وضع استراتيجى.. جعلت العدو على يقين من بقائه العمر كله فى سيناء.. ويعلن للدنيا كلها.. أن قناة السويس والبحر الأحمر والبحر الأبيض.. هى الحدود الآمنة التى وعده الرب بها!.



كل خبراء الاستراتيجية فى العالم.. أجمعوا على أن الأمر انتهى وعلى المصريين قبول الواقع الجديد.. لأن استرداد الأرض بالمفاوضات مستحيل.. وأى تفكير فى استعادتها بحرب.. ليس قبل 30 سنة على الأقل حتى تستطيع مصر أن تحارب!.



المصريون.. كل ما كانوا يملكونه من سلاح وعتاد.. ضاع أغلبه فى هزيمة يونيو.. وما تبقى لا يحرر أرضاً لأن الزمن تخطاه.. وما كان صالحاً فى الحرب العالمية فى الأربعينيات لا يصلح لحرب فى الستينيات!. استعواض السلاح صعب والحصول على السلاح الحديث أصعب!.



المصريون فى حالة ذهول من الصدمة الهائلة.. التى أفاقوا منها على صدمة قرار التنحى عن القيادة الذى أعلنه الرئيس عبدالناصر!.



المفاجأة المذهلة كانت فى رد فعل المصريين.. الذين خرجوا إلى الشوارع فى كل مصر.. ملايين الشعب خرجوا يرفضون الرضوخ للهزيمة ويرفضون التنحى ويجددون الثقة فى القائد ويكلفونه باستعادة الأرض!.



ملايين الشعب التى خرجت للشوارع يومى 9 و10 يونيو.. أى بعد أربعة أيام فقط من الهزيمة.. خروجهم فى هذا الوقت.. وضع حجر الأساس فى جدار حرب أكتوبر!.



ملايين الشعب التى خرجت للشوارع ترفض الهزيمة وتؤيد ناصر.. أصابت الغرب بخيبة أمل لا توصف.. بعد أن تلاشت أحلامهم فى غروب مرحلة ناصر.. وبعد إخفاق أجهزة مخابراتهم فى «فك شفرة» الشعب المصرى أو التنبؤ بردود أفعاله!. يقين الغرب المؤكد فى رحيل عبدالناصر.. الشعب المصرى نسفه فى لحظة.. برفض الهزيمة ورفض التنحى وتجديد الثقة وتكليف القائد بإعادة الأرض!.



الشعب قال كلمته.. أرضنا هى عرضنا.. لا تفريط فى حبة رمل واحدة منها.. والقائد تعهد أمام الشعب وأعلن أن ما أُخِذَ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة!.



القيادة تعلم أن المشوار طويل.. والوصول إلى نهايته يبدأ بأول خطوة على بدايته!. أول خطوة كانت فى 11 يونيو بقرار القيادة بضبط النفس فى الصمود إلى أبعد مدى وعدم الاستدراج لأى استفزاز والهدوء.. إلى أن يعاد تشكيل القوات العائدة من سيناء ويتم تأمين مدن القناة التى أصبحت على خط النار!.



ضبط النفس والصمود كان اختيارنا إلى أن نصلب عودنا.. إلا أن العدو كان له رأى آخر مختلف.. مدفوع له ببركان الغرور المتفجر داخله!. أراد الله.. ليعرف ونعرف!.



يوم 1 يوليو 1967 بعد ثلاثة أسابيع من الهزيمة.. تذكر العدو أن بورفؤاد هى المدينة الوحيدة فى شرق القناة التى لم تسقط!. قرر أن يحتلها ومن بإمكانه أن ينقذها!. طابور مدرع له أول والعين لا ترى آخره.. تحرك لاحتلال بورفؤاد.. وفى الطريق لها.. نقطة رأس العش وفيها فصيلة صاعقة بسلاحها الشخصى ورشاش وقاذف RPG!. قامت معركة استمرت من الخامسة بعد الظهر حتى قرابة الفجر!. الطابور المدرع لم يستطع أن يتجاوز رأس العش لأن على أرضها خير أجناد الأرض!. العدو انسحب فى النهاية مع تزايد خسائره!. فى هذا اليوم الذى أصبح عيداً للصاعقة.. عرفنا أننا أحياء ولم نمت كما أشاعوا هم فى كل الدنيا.. والجيش الذى لا يهزم عرف أن المصريين لحمهم مُرّ!.



معركة رأس العش بكل المقاييس.. كانت بداية المعرفة.. نعرف أننا نقدر!. خلاص عقد الجيش الذى لا يهزم انفرط!. الغضب الهادر فى الصدور.. صعب السيطرة عليه بضبط النفس.. ويستحيل قيده بالصمود!. الوهم سقط والكدبة خلصت.. ولا ضبط نفس بعد الآن ولا يحزنون!.



جيش مصر أرسل دعوة مفتوحة لكل خبراء الاستراتيجية.. ليشاهدوا ويحكموا.. إن كانت مصر تقدر أو لا تقدر.. تقدر تحارب وترجّع أرضها.. أم عليها الانتظار 30 سنة كما قدّرَوا!.



يوم 21 أكتوبر 1967.. أى بعد أربعة أشهر من الهزيمة.. مصر دمرت المدمرة إيلات أكبر قطعة بحرية فى جيش العدو.. وأسكنتها قاع البحر الأبيض قبالة بورسعيد!. هم ثلاثة صواريخ من قاربى صواريخ.. حجمهما لا يرى بجوار المدمرة العملاقة!.



وفى أول يوم بشهر يناير سنة 1968.. غواصة للعدو اسمها داكار فاكرة إن مياهنا مباحة.. اصطادتها كاسحة الألغام أسيوط وأغرقتها.. قُبالة الإسكندرية!.



وعندما استشهد الفريق عبدالمنعم رياض فى الجبهة.. الأوامر صدرت بتأديب النقطة التى خرجت منها دانة المدفعية.. نقطة لسان التمساح!. المجموعة 39 قتال بقيادة إبراهيم الرفاعى نفذت المهمة على أكمل وجه!. قتلوا كل قوة النقطة ودمروا كل ما بها من عتاد!.



وفى 11 يوليو 1969 نفذت الكتيبة 43 صاعقة التى يقودها الرائد أحمد شوقى.. إغارة صاخبة نهاراً على أكبر نقاط بارليف مساحة.. نقطة لسان بورتوفيق!. عملية فى منتهى الجرأة والظروف حكمت أن تتم قبل آخر ضوء.. يعنى مافيش ليل يستر الإغارة!. الخسائر 44 قتيلاً للعدو ويومها عاد النقيب معتز الشرقاوى بأسير حمله على كتفه!.



أما ليلة 6 فبراير 1970.. تمت أجرأ عملية داخل إسرائيل فى ميناء إيلات الحربى!. إنهم ضفادع مصر البشرية الملازم أول عمرو البتانونى ومعه الرقيب على أبوريشة والملازم أول رامى عبدالعزيز بمفرده.. نتيجة إصابة زميله قبل العملية وهم فى العقبة!. مستحيل إلغاء العملية التى تستهدف قطعتين بحريتين للعدو.. ما صدقنا أنهما وصلتا ميناء إيلات ولابد من ضربهما!. المستحيل الآخر الذى تم التغلب عليه.. إصرار رامى عبدالعزيز على القيام بالمهمة وحده بدون زميل.. مخالفاً التعليمات بحتمية وجود زميل فى تنفيذ أى مهام تحت الماء!. عملية ميناء إيلات شرخت جدار معنويات العدو.. عسكريين قبل المدنيين.. لأنها رسالة واضحة.. بأننا نقدر على الذهاب إلى أبعد مدى فى قلب إسرائيل!.



وقبل أن يفيق العدو من حدوتة ميناء إيلات.. فوجئ فى 8 مارس 1970 أن مصر إيدها «طالته» فى ساحل العاج!. قال إيه.. أجَّروا حفار لأجل يطلّعَوا بترول من خليج السويس!. حفار حكاية.. مصنوع فى بريطانيا وتملكه شركة أمريكية وتؤجره الحكومة الإسرائيلية وتسحبه قاطرة هولندية.. والمخابرات العامة والمخابرات الحربية والقوات البحرية ووزارة الخارجية.. وراء الحفار خطوة بخطوة إلى أن وصل ساحل العاج.. التى كانت مياهها مقبرته!. صدر قرار تدمير الحفار.. مع وافر التحية لإنجلترا التى صنعته وأمريكا التى أجَّرته وهولندا التى سحبته وساحل العاج التى دفن فى مياهها!.



العمليات العسكرية الفذة السابقة.. ملمح بسيط من ملامح حرب الاستنزاف.. التى شهدت 84 عملية ما بين إغارات وكمائن ومهام خاصة.. وشهدت أيضاً 7 آلاف اشتباك مدفعية.. على مدى هذه الحرب التى استمرت 500 يوم.. يعنى رأس العش والمدمرة إيلات والغواصة داكار.. تمت بلغة الكرة خلال مرحلة «التسخين» وقبل أن تبدأ «المباراة» أقصد حرب الاستنزاف.. التى بدأت رسمياً فى 8 مارس 1969 وانتهت فى 8 أغسطس 1970.. لتبدأ مرحلة الاستعداد النهائية للحرب!.



انتهت حرب الاستنزاف فى أغسطس ورحل الرئيس عبدالناصر فى سبتمبر وتولى الرئيس السادات المسئولية والقيادة فى تلك المرحلة الفارقة الفاصلة.. مرحلة الاستعداد النهائى لحرب أكتوبر التى ما كان لها أن تبدأ.. إلا وتسبقها حرب استنزاف! لماذا؟.



لأن حرب الاستنزاف كان حتمياً قيامها.. ليعرف العالم أن القضية لم تنته وليعرف العدو أن وجوده على أرض ليست أرضه.. يصبح دمه مباحاً ومستباحاً وأصبحت حياته جحيماً والخوف قرينه الذى لا يفارقه!. الاستنزاف يمنع العدو من تحصين نقاط تمركزه!. حرب الاستنزاف أفضل وسيلة تطعيم للمقاتل المصرى على ما سيكون فيما هو قادم.. وأمور كثيرة فى هذا الاتجاه.. إلا أن الهدف الأهم من قيام حرب الاستنزاف.. هو الوصول إلى أفضل الحلول فى مواجهة كل أسلحة العدو المتقدمة.. بداية من الرشاش نصف بوصة.. مروراً بالهاونات والمدفعية ونهاية بالمدرعات والطائرات الفانتوم!.



التخطيط المبهر المبدع العبـقرى لحـــرب أكتوبـــر.. استفاد من كل ثانية بكل دقيقة فى كل ساعة من الـ24 ساعة إللى فى كـــل يوم من بدايــة مرحلـــة ضبط النــفس والصمود إلى التحدى والاستنزاف!.



الاستعداد لحرب أكتوبر.. كان المرحلة التالية لحرب الاستنزاف.. فى إطار أطول خطة حرب فى التاريخ.. بدأت فى عام 1968 واستمرت 2310 أيام!.



حرب أكتوبــر قامت عـــن يقيــن وستبقــى إلــى يـــوم الدين أكبــر يقين.. على أننـــا فـى كـــل وقت وأى وقت.. نقدر.



 



للعلـم



 



>> هذه ليست مشكلة شخصية إنما معضلة عامة!. أنا واحد من ضحايا نظرية «هو كده» المعمول بها فى الضريبة العقارية!.



اشتريت شقة سكناً للأسرة.. وعندما أردت تسجيل العقد.. صدمت!.



الشهر العقارى رفض التسجيل لأن الشقة عليها ضريبة عقارية 17.640 ألف جنيه!. والصدمة الثانية.. الضريبة المطلوب سدادها من أول يوليو 2013.. يعنى من قبل ما أشترى الشقة أصلاً بخمس سنين!.



رحت المأمورية وقدمت لهم الخطاب المرسل منهم لى.. وكنت على يقين من أنهم سيكتشفون الخلط القائم ويصححون الوضع.. إلا أننى تلقيت «الضربة الفنية» التقِيلَة!. الخطاب صحيح والضريبة العقارية 17.640 ألف جنيه على الشقة التى أقطن فيها والسداد من يوليو 2013 وهو ده القانون!.



الصدمة خنقتنى.. وبالعافية سمعوا صوتى المخنوق وأنا باسأل ليه؟. قالوا: لأن الشقة دى كانت متأجرة مفروشة لواحد أجنبى.. علشان كده الضريبة معمولة على شقة مفروشة ولأجنبى!. وأنا بأنازع قلت: وأنا دخلى إيه.. خدوا الفلوس من صاحب الشقة وقتها.. وحاسبونى من يوم ما اشتريت.. ومش هنختلف.. لأن الطبيعى والمنطقى والقانونى.. ضريبة شقتى تكون بالمثل.. مثل الشقق إللى زيها فى نفس العمارة!. قالوا: عندك حق.. لكن القانون بيقول غير كده.. وتقدر تتظلم!.



إتظلِّمت وشرحت حكايتى وعدالة موقفى!. وبعد شهور ظهرت النتيجة!. اللجنة خفّضت الضريبة وأصبحت 9 آلاف جنيه!. يعنى أدفع 9 آلاف جنيه لأن الشقة.. قبل ما أشتريها صاحبها كان مأجرها مفروشة.. والشقة إللى زيها فى العمارة ضريبتها ألفين جنيه!. والمصيبة الأكبر.. عايزينى أدفع الضريبة بأثر رجعى من قبل ما أشترى الشقة بخمس سنين!.



قالوا: ارفع قضية أمام مجلس الدولة!.



سيدى رئيس مصلحة الضرائب العقارية..



إن كان فى العمر بقية.. ليه أقضيه فى المحاكم.. وليه أصلاً.. نشغل القضاء فى أزمة صنعها قانون لابد أن يلغى لأنه ظالم!.



شكراً سيدى على ما سيكون.