عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
فيضانات وحرائق وارتفاع درجات الحرارة .. الخطر يقترب من العالـم
29 سبتمبر 2021
محمد القزاز
> د. إبراهيم عبدالجليل > وولفجانج كريمر > د. وليد عبدالعاطى


لم يعد الحديث عن أخطار التغيرات المناخية ترفا، أو من باب الخيال العلمي. فكل ما كان يحذر منه العلماء خلال السنوات الماضية، أصبح يتحقق بسرعة ورعب شديدين، ويخلق أضرارا جسيمة ومخيفة على صحتنا وبيئتنا وزراعتنا ومياهنا. ولم يكن تقرير اللجنة الحكومية المعنية بتغير المناخ الأخير سوى إنذار خطير، وما الحرائق والفيضانات، التى شهدتها غالبية دول العالم مؤخرا، سوى ترجمة لهذا التقرير وتلك التحذيرات السابقة عليه.



وفى صفحة حوارات يتحدث ثلاثة من علماء المناخ عن تلك الأخطار والاستعداد للتكيف معها. الأول هو د. إبراهيم عبدالجليل، رئيس جهاز شئون البيئة الأسبق، حيث دعا المواطنين إلى تغيير الصورة الذهنية عن التغيرات المناخية، وأن الغرب هو المتسبب فيها، وأنها قضية لا تقل خطورة وأهمية عن خطورة سد النهضة.



والعالم الثانى هو د. وولفجانج كريمر، أستاذ البيئة العالمية بمعهد البحر الأبيض المتوسط للتنوع البيولوجى البحرى والأرضى والبيئة، الذى نبه إلى أن هناك العديد من المخاطر المرتبطة، التى يتعرض لها الناس ورفاهيتهم والنظم البيئية الاقتصادية والطبيعية، فى منطقة البحر الأبيض المتوسط، وأن الآثار المباشرة والفورية لتغير المناخ هى من خلال موجات حرارة تقتل الناس بالفعل، لا سيما فى الجزء الشرقى من الحوض فى المناطق الحضرية، خاصة أولئك الذين لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الحماية المناسبة. كما أن كبار السن والأطفال والمعوقين معرضون للخطر بشكل خاص.



أما الثالث فهو العالم المصرى د. وليد عبدالعاطي، مدير المعهد التعاونى لبحوث العلوم البيئية بجامعة كولورادو والعالم السابق بوكالة «ناسا»، إذ يرى أن علينا أولا فهم التغيرات المناخية ومراقبتها، ودعم الدراسات التى تسعى لفهم الآثار المترتبة عليها، وتطوير حلول لإبطاء معدل التغير.. وتشمل هذه مصادر الطاقة البديلة وخفض الاستهلاك، وإجراء محادثات صادقة حول تكاليف العمل، وعدم اتخاذ أى إجراءات أحادية الجانب فى مواجهة تغير المناخ، دون النظر الكافى فى الجانب الآخر. كما تتطلب مواجهة التحديات، التى سيجلبها تغير المناخ بصدق، حيث من المرجح أن تكون تأثيرات تغير المناخ شديدة.. وتنفيذ الحلول سيكون له ثمن باهظ للبعض.



 



د. إبراهيم عبد الجليل رئيس جهاز شئون البيئة الأسبق: ضرورة «تكييف» خطط التنمية مع تغيرات المناخ



كيف تنظر إلى تقرير تغير المناخ الأخير؟



هذا هو التقرير السادس للجنة، وهو يصدر كل سبع سنوات، ويقوم على إصداره ثلاث فرق عمل، مهمتهم دراسة ظواهر المناخ وكيف تطورت خلال السنوات السابقة، وهل من مؤشرات ومعلومات جديدة ينبغى وضعها فى الاعتبار. وفى التقرير السابق، كان هناك توقع بأن تحدث تلك الظواهر المناخية، التى شهدناها خلال السنوات الماضية، من حرائق وفيضانات وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير فى مدة زمنية أبعد، لكن هذا التقرير أشار إلى أن تلك الظواهر جاءت بشكل أسرع مما توقعنا.



التقرير أشار أيضا إلى أن اتفاق باريس، وما تم الالتزام فيه من عدم زيادة درجة الحرارة علي درجتين، وإذا أمكن أن تكون درجة ونصف الدرجة يكون أفضل، لكن التقرير يقول إن الزيادة منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن مقدارها 1.1درجة، وهذا يعنى أن هناك سرعة شديدة جدا للوصول إلى المعدل المتوقع، ولكن خلال سنوات قليلة وليس عام 2100.



التقرير ركز على دول شرق المتوسط ورسم صورة قاتمة لها، فكيف تصل هذه الصورة إلى المواطن؟



خلال السنوات الماضية كانت الصورة لدى بعض المواطنين المهتمين بهذه القضية، هى أن الغرب تسبب فى هذه الظواهر وعليه تحمل ما تسبب فيها، الآن علينا تغيير هذه الصورة وحماية أنفسنا وبيئتنا، وأننا أصبحنا مهددين. وقد لاحظنا اهتماما من كل المصريين بقضية سد النهضة باعتبارها قضية حياة أو موت، ولكن لا نلحظ ذلك الاهتمام بقضية التغيرات المناخية، رغم أن تأثيرها على الموارد المائية نفس تأثير سد النهضة وأكثر. فمن وجهة نظرى أن قضية التغيرات المناخية، لا تقل خطورة عن قضية سد النهضة، فالتغيرات المناخية لم تعد خيالا علميا، بل هى حقائق يراجعها كل خبراء العالم، ويتأكدون من مدى صدقيتها. وهذا التقرير قامت 47 دولة بمراجعته والموافقة عليه.



هل تطرق التقرير إلى مصر؟



لم يتطرق التقرير إلى دول بعينها، لكنه ركز على مناطق تكثر فيها الظواهر المناخية. فمن ضمن ما ركز عليه كانت منطقة حوض البحر المتوسط وشمال إفريقيا، إذ ذكر أن هذه المنطقة سوف يحدث فيها تسارع فى معدلات حدوث ظواهر المناخ، حيث من المتوقع حدوث جفاف وانخفاض فى معدلات سقوط الأمطار، فمنطقة الساحل الشمالى قد يحدث فيها انخفاض المطر، على عكس ما كنا نتوقعه من حدوث العكس وهو أمطار غزيرة، وموجات الحرارة المرتفعة التى نعايشها سوف تزداد معدلات حدوثها وشدتها، فآخر خمس سنوات شهدت أعلى معدلات درجات حرارة.



حينما يأتى الحديث عن التغيرات المناخية فى مصر يكون عن غرق الدلتا، فهل هناك تأثيرات أخرى؟



فى العالم كله وليس مصر فقط، هناك مطالب بإعادة النظر فى طريقة التنمية التى تتم، بحيث تكون هذه الخطط جاهزة للتكيف مع تغيرات المناخ، وهنا فى مصر، إذا نظرنا إلى قطاعات كثيرة متأثرة أو ستتأثر بهذه التغيرات، نجد أنه بالفعل قد اتخذت خطوات مهمة جدا، فمشروع مثل تغطية الترع التى تقوم وزارة الموارد المائية به.. هو نوع من التكيف مع تلك التغيرات، فنحن بعيدا عن قضية السد لدينا أزمة فى نقص المياه، تحلية مياه البحر أيضا تكيّف، وهذا ينعكس على الزراعة، فمن المعروف أننا نستورد نسبة كبيرة جدا من غذائنا، فنقص المياه يعنى تأثر الزراعة، وبالتالى لابد من التفكير فى سلالات جديدة، واستنباط أصناف لا تحتاج إلى مياه كثيرة.



هل يكون لهذه الظواهر تأثير على السياحة والصحة؟



بالطبع، فحين ترتفع درجات الحرارة فى منطقة البحر الأحمر الغنية بالشعاب المرجانية.. بالتأكيد ستختفى السياحة. فقد لوحظ فى السنوات الأخيرة، أن بعض مناطق البحر الأحمر بدأ يظهر فيها ما يسمى بظاهرة «الإبيضاض»، بمعنى أن الألوان التى كانت تميز الشعاب المرجانية، أصبح بعضها يظهر بلون أبيض نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وخلال الفترة القادمة سوف تتسارع تلك الظاهرة، علما أن السياحة فى تلك المنطقة قائمة على تنوع الشعاب المرجانية فيها.



وبالنسبة للصحة، فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا منذ سنوات، حذرت فيه من أن أمراض المناطق الحارة، مثل الملاريا وغيرها قد تغزو المناطق الباردة بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وبعيدا عن الأمراض، فإن ارتفاع الحرارة تسبب وسوف يتسبب فى موت الكثيرين، خاصة من أصحاب الأمراض المزمنة.



وكيف نقوم بتغيير سلوكيات المواطن وتوعيته تجاه أخطار التغيرات المناخية؟



للأسف لدينا جمعيات مجتمع مدنى كثيرة، لكنها ضعيفة. فأنت لست فى حاجة لزيادة عددها، ولكن لتركيز عملها داخل البيئات، التى لا تدرك خطورة تلك التغيرات، وليس أن يكون دورها فقط محصورا فى الحصول على تمويل، والسفر إلى مؤتمرات خارج مصر.



لكن وزارة البيئة بدأت فى مشروع ممول من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، من أجل إدخال قصص تتعلق بالبيئة والمناخ فى المناهج، وسوف يقدم فى الجامعات لتدريسها, لابد أن يكون هناك مشروع آخر بالتوازي، من خلال حملات إعلامية يقوم بها نجوم تتمتع بالشهرة، للتوعية بتلك الأخطار بشكل مستمر.



وولفجانج كريمر أستاذ البيئة العالمية بمعهد البحر الأبيض المتوسط: «دلتا النيل» ستشهد ارتفاعًا سريعًا فى مستوى سطح البحر



ما هى أهم المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية والبيئية فى منطقة البحر المتوسط؟



هناك العديد من المخاطر المرتبطة التى يتعرض لها الناس ورفاهيتهم، والنظم البيئية الاقتصادية والطبيعية فى منطقة البحر الأبيض المتوسط.. أحدها هو تغير المناخ، الذى يتجلى ليس فقط فى الاحترار وزيادة موجات الحرارة، ولكن أيضا من خلال النقص المتزايد فى المياه على نطاق واسع، وزيادة الظواهر المتطرفة، وارتفاع مستوى سطح البحر وتحمض المحيطات. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر غير مناخية مرتبطة بتلوث الهواء والماء من النقل والإنتاج الصناعي، وعواقب الاستخدام غير المستدام للأرض والبحر (مثل الصيد الجائر والاغتراب الحضري).



عموما، ما هى توقعاتك لتأثير تغير المناخ على دول البحر الأبيض المتوسط؟



الآثار المباشرة والفورية لتغير المناخ، هى من خلال موجات الحرارة التى تقتل الناس بالفعل، لا سيما فى الجزء الشرقى من حوض البحر المتوسط، فى المناطق الحضرية، وخاصة أولئك الذين لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الحماية المناسبة. كما أن كبار السن والأطفال والمعوقين معرضون للخطر بشكل خاص. علاوة على ذلك، ستتأثر الزراعة ومصايد الأسماك بشكل مباشر، من خلال زيادة نقص المياه على الأرض، ومن خلال تأثيرات موجات الحرارة على النظم الإيكولوجية البحرية، التى تعانى بالفعل الصيد المفرط، ولكن أيضًا من خلال الغمر وتدخل المياه المالحة فى النظم البيئية الساحلية، والتى يحتوى الكثير منها على أراضٍ زراعية قيمة. المناطق التى تنحسر بالفعل، مثل دلتا الأنهار الكبيرة ولا سيما دلتا النيل، التى ستشهد ارتفاعًا سريعًا فى مستوى سطح البحر المحلى بشكل خاص، والذى قد يصل إلى أكثر من متر واحد فى عام 2100، وربما حتى عدة أمتار. سيكون لكل هذه التغييرات المادية تداعيات مهمة على صحة الإنسان، وعلى الاقتصاد بشكل عام، وعلى النظم البيئية.



هل توافق على أن تقرير الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ هو النداء الأخير؟



يؤكد الجزء الأول الذى نُشر مؤخرًا من تقرير التقييم السادس، للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن نافذة فرصتنا للحد من تغير المناخ إلى مستويات تتفق مع اتفاقية باريس اعتبارًا من عام 2015، تغلق الآن بسرعة. وتؤكد التقارير الواردة مدى خطورة العواقب المترتبة على السياسات الحالية غير الملائمة. ولكن حتى فى هذه المرحلة، سيكون من الضرورى بذل جهود إضافية، لأن كل عُشر درجة من الاحتباس الحراري، وكل كيلومتر مربع من الطبيعة المحفوظة، سيحدث فرقًا للناس وخيارات الأجيال القادمة للعيش.



ما هو المطلوب للحصول على نظرة متفائلة لتحدى تغير المناخ؟



تتطلب النظرة المتفائلة للتحدي أن تدرك الحكومات والصناعة والجمهور العام.. أن النموذج الحالى لزيادة الاستهلاك والنمو الاقتصادي، لن يحمى المناخ وأنظمتنا البيئية فحسب، بل لن يوفر أيضًا الحماية ضد الجوانب الأخرى لتدهور البيئة، ولا سيما التلوث والاستخدام غير المستدام للأراضى والبحر. ما لم يتم الاعتراف بأن الهدف العام للسياسات يجب أن يتغير نحو الاستدامة الحقيقية، فلا يمكن أن يكون هناك أى مستوى عالٍ من التفاؤل. فالاعتقاد المتكرر بأن التكنولوجيا قد توفر «حلًا» لا يدعمه أى دليل، قد يكون التقدم التكنولوجى مطلوبا فى إيجاد الحلول فقط، إذا تم تضمينه فى أجندة مستدامة ذات مصداقية.



ما هى الأسباب التى أدت إلى الارتفاع فى درجات حرارة البحر الأبيض المتوسط فى السنوات الأخيرة؟



يتزامن ارتفاع درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط مع الاحتباس الحراري، لذا فإن الجو الأكثر دفئًا سيؤدى أيضًا إلى ارتفاع درجة حرارة المحيطات. فى الوقت الحالي، نشهد زيادة مستمرة فى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لذلك ليس من المستغرب أن ترتفع درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط بسرعة.



ما هى التحديات التى تواجه النظم البيئية فى منطقتنا؟



تواجه النظم البيئية جميع التهديدات المذكورة أعلاه. تمتلك العديد من الأنواع حدودًا لتحمل الحرارة التى تسبب، أثناء حدوث الاحترار، فقدان السوائل واحتمال الانقراض، على الأرض وعلى طول السواحل، وكذلك فى المحيط. بالإضافة إلى ذلك، تؤدى زيادة الجفاف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إلى خسائر فى الغلة وفى الزراعة، وحتى وفيات للعديد من الكائنات الحية الأرضية، كما أنها تزيد من مخاطر اندلاع حرائق الغابات. تحدث كل هذه التغييرات، بالإضافة إلى التلوث المنتشر للهواء والبحر، ولا يزال التطور الحضرى الهائل مستمرًا (غالبًا دون مراعاة البيئة الطبيعية)، وتحت تأثير الأنواع الغريبة، التى تصل إلى المنطقة عبر المحيط، وأيضًا من خلال النقل العرضى بالسفن.



وما هو تأثيره على الصحة فى دول البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن الأمراض الناشئة؟



لقد أشرت بالفعل إلى موجات الحرارة، باعتبارها واحدة من أكثر التأثيرات المباشرة لتغير المناخ على صحة الإنسان، وغالبًا ما تكون مصحوبة بالتلوث، وعادة ما تؤثر بشكل خاص على السكان المحرومين. ونرى أيضًا خطرًا متزايدًا من وصول الأمراض المنقولة إلى المنطقة، مثل فيروس غرب النيل، الذى قد يصبح أكثر شيوعًا فى المستقبل. يُنظر أيضًا إلى نقص الغذاء، أو تدنى جودة الغذاء، على أنه خطر صحى مرتبط بتغير المناخ.



د. وليد عبدالعاطى مدير المعهد التعاونى لبحوث العلوم البيئية بجامعة كولورادو: معالجة القضية تتطلب اتخاذ خيارات صعبة



  هل اهتمامك بتغير المناخ مقصور على الولايات المتحدة أم العالم كله؟



اهتماماتى مرتبطة بالعالم أجمع بالتأكيد. هذا تحد عالمى يتطلب حلولا عالمية، لذلك يجب على جميع دول العالم أن تجتمع معا لمواجهته. إنه تحد للبشرية جمعاء. علاوة على ذلك، إذا كانت أنشطة الدول الصناعية تؤثر سلبًا على الدول الأخرى، فنحن ملزمون بضمان إدارة التحديات بطريقة عالمية، وليس فقط مراعاة مصالح أمتنا. هذه قضية إنسانية، ويجب على كل دولة لديها القدرة، المساهمة فى ايجاد الحلول.



هل شملت دراساتك وأبحاثك مصر ومنطقتنا العربية؟



لا، بل ركزت على الصفائح الجليدية (جرينلاند وأنتاركتيكا)، وارتفاع مستوى سطح البحر. ومع ذلك، فإن المعهد الذى أديره ينظر فى تغير المناخ وآثاره فى جميع أنحاء العالم. ونتيجة لذلك، ندرس موضوعات، مثل: ارتفاع مستوى سطح البحر المحتمل، والجفاف والفيضانات، والطقس القاسى والحرائق، والظواهر البيئية الأخرى.



ما هى نصائحك لمواجهة مخاطر التغير المناخي؟



بالنسبة إلى نصائحى حول مواجهة مخاطر تغير المناخ، فهى ليست بسيطة، ولكنها مباشرة. أهمها: افهم التغييرات. وهذا يشمل مراقبتها، ودعم الدراسات التى تسعى لفهم الآثار المترتبة عليها، وتطوير حلول لإبطاء معدل التغيير. وتشمل هذه مصادر الطاقة البديلة، وخفض الاستهلاك، وما إلى ذلك.



أيضا تطوير استراتيجيات التكيف. إذ إن التغييرات ستكون وشيكة (هى قيد التنفيذ بالفعل)، والمجتمع (الأمة، الولاية، المدينة)، الذى يفهم هذه التغييرات ولديه استراتيجيات التكيف، مثل ممارسات التكيف مع الجفاف، والاستعداد لظواهر الطقس المتطرفة، وما إلى ذلك، سيكون الأكثر نجاحًا فى مواجهة تلك التغييرات. وأخيرا الأهم: إجراء محادثات صادقة حول تكاليف العمل، وعدم اتخاذ أى إجراءات أحادية الجانب فى مواجهة تغير المناخ، دون النظر الكافى فى الجانب الآخر. تتطلب مواجهة التحديات التى سيجلبها تغير المناخ بصدق، والتحديات التى ستجلبها إجراءات معينة لمواجهتها، انفتاحًا على الحلول، واستعدادًا للتعرف على المستقبل الصعب، الذى نواجهه دون اتخاذ إجراءات صارمة، فضلاً عن التكاليف المرتبطة بالمواجهة. أشعر بالإحباط، لأنه فى كثير من الأحيان يتم تجاهل مخاوف جانب واحد من هذه المناقشة، من قبل أعضاء الجانب الآخر. ما نحتاج إليه هو مناقشة صادقة وخيارات صعبة للغاية.



آثار تغير المناخ وصعوبة الحلول تضيف المزيد من اليأس فى معالجة القضية.. فهل هذا صحيح؟



من المرجح أن تكون تأثيرات تغير المناخ شديدة.. وتنفيذ الحلول سيكون له ثمن، ثمن باهظ للبعض. لذا، نعم هذا يجعل مواجهة التحدى صعبة للغاية. من يجب أن يدفع مقابل الحلول؟، كم يجب أن يدفعوا؟، هل يجب أن تعانى الأجيال القادمة، لأن الجيل الحالى يتخذ قرارات تضر بها؟.. جميعها أسئلة صعبة للغاية للإجابة عنها، لذا لن تكون الحلول وشيكة. ولكن ما هو مؤكد تمامًا من المجتمع العلمي، هو أنه إذا لم يتم اتخاذ هذه الخيارات الصعبة اليوم، فستكون هناك تحديات وعواقب كبيرة غدًا.



هل لا يزال بإمكاننا اتخاذ تدابير لخفض معدل تغير المناخ، وكيف؟



نعم، فعلا. يمكننا دائما اتخاذ التدابير. إنها ليست مسألة ما إذا كان الوقت قد فات أم لا. السؤال هو ما مقدار التغير الذى نحن على استعداد للتعايش معه، ومانحن على استعداد للقيام به اليوم لتقليل آثار التغير؟ . أن أى إجراء اليوم يجب أن يكون أكبر مما كان عليه فى ذلك الوقت. إذا أجلنا العمل إلى وقت لاحق، فإن الإجراء الضرورى سيكون أكبر، وأكثر تكلفة مما إذا تحركنا اليوم.



ذكرت فيما قبل أن أبحاثك قد ركزت الصفائح الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر.. فما هى المخاطر؟



يتمثل الخطر الأكثر إلحاحًا فى ارتفاع مستوى سطح البحر. هناك بعض الظروف التى يمكن أن تسهم فيها الصفائح الجليدية، فى ارتفاع سريع جدًا فى مستوى سطح البحر (عدة أمتار على مدار قرن). حتى لو لم يحدث ذلك، فإن مستوى المحيطات لا يزال يرتفع بشكل كبير.. وهذا يشكل تهديدات للمجتمعات الساحلية، التى تميل إلى أن تكون مكتظة بالسكان. تأثير محتمل آخر، هو أن الغطاء الجليدى المتغير، يمكن أن يؤثر على دوران المحيطات والغلاف الجوي، مما قد يؤثر على الطقس بطرق لم نفهمها حقًا بعد.



ما تأثيرات المناخ على صحتنا ومعيشتنا ورفاهيتنا؟



من المحتمل أن تكون التأثيرات كبيرة فى جميع هذه المجالات بمرور الوقت (ما لم نتكيف). من منظور صحي، تشكل موجات الحر والأمراض، الناجمة عن الحرارة وآثار الجفاف والفيضانات مخاطر كبيرة. أما عن معيشتنا ورفاهيتنا وازدهارنا، فإن المناخ المتغير سيشكل تحديات للطريقة التى نعيش بها. .



  ما الأسباب التى تمنع الناس من مواجهة الواقع، واتخاذ خيارات صعبة لمواجهة تغير المناخ؟



أحد الأسباب، هو أنها مشكلة صعبة للغاية. والسبب الآخر، هو أن الحلول تتطلب تضحيات بالطريقة التى نعيش بها، وفى بعض الحالات للمصالح الاقتصادية، التى قد يكون من الصعب تقديمها. أولئك الذين يحتاجون إلى تقديم التضحيات فى كثير من الأحيان، ليسوا أولئك الذين يحصلون على أكبر الفوائد.



لقد ذكرت فى مقال لى من قبل، أن: «هناك العديد من الأسباب التى تدفع الناس بعيدًا عن مواجهة الحقيقة الواقعية بفعالية، واتخاذ الخيارات الصعبة للتصدى لتغير المناخ. فى حين أن البعض مخدوع أو غير مطلع، والأكثر صدقًا هو أن المشكلة هى مشكلة شريرة حقًا. يرتبط الازدهار وقدرة المجتمع على النمو والتقدم، ارتباطًا وثيقًا باستهلاك الطاقة، ويمكن أن يأتى تحويل طرقنا لإنتاج واستهلاك الطاقة بتكاليف كبيرة على المدى القريب. تثير هذه التكاليف أسئلة صعبة للغاية حول كيفية دفع ثمنها ومن يقوم بها».