عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
عودة جدل التماثيل ملكة «قرص الشمس» تشعل بورسعيد
20 سبتمبر 2021
بورسعيد ــ محمد عباس
> إزاحة الستار عن منحوتة «ساحة مصر» البورسعيدية


مجددا اندلع جدل التماثيل فى بورسعيد وتصاعدت المواجهات والسجالات الشرسة بين الجبهات المتفرغة لتأييد ومعارضة التماثيل الجديدة والقديمة.. فبعد هدنة قصيرة استمرت شهورا بين معارضى ومؤيدى عودة تمثال الفرنسى فريناند ديليسبس إلى قاعدته القديمة بالمدخل الشمالى لقناة السويس. والتى انتهت برحيل «ديليسبس» للاستقرار بمتحفه الجديد بالإسماعيلية، عادت المواجهات بالمدينة الباسلة عقب إزاحة الستار عن تمثال «المرأة المصرية» الكائن بساحة مصر السياحية المطلة على القناة، والتى تبعد 500 متر فقط من القاعدة الخالية لتمثال ديليسبس.



الأغلبية تعارض التمثال الجديد لعدم ملاءمته للموروث التاريخى والثقافى لبورسعيد وطبيعتها كمدينة مرتبطة بالبحر والقناة. أما الأقلية فتدافع عن التمثال الجديد بتجسيده امرأة مصرية تحمل قرص الشمس، وتنصب عينيها على الشرق وعابرى القناة، كشريان الحياة والتجارة بالعالم.



وتفيض شلالات الآراء عبر مواقع التواصل الإجتماعى للبورسعيدية وغيرهم، وذلك منذ احتفالية افتتاح «ساحة مصر» مساء الجمعة الماضية بحضور اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، والدكتورة فايزة أبو النجا، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الأمن القومى، وأحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب.



تكفل قاطنو الأبراج الملاصقة للساحة بالكشف عن هيئة التمثال عبر مواقع التواصل، وذلك قبل الاحتفاء به رسميا. فيبدأ الهجوم المبكر من جانب الرافضين. وتصل الأزمة ذروتها عقب إزاحة الستار عنه، ليمتزج الرفض بالسخرية البورسعيدية اللاذعة والمطالبة هذه المرة برفع التمثال فورا.



وانضم أساتذة الفن التشكيلى إلى الجدل الدائر، فأكد الفنان صلاح الدين شحاتة، أحد أشهر فنانى بورسعيد التشكيليين، أن عمل الفنان يعكس رؤيته، والمبدع الحق من يجعل هذه الرؤية تصل إلى جمهوره دون تعليقات وتوضيحات. ويضيف: «لم يستطع الفنان هنا أن يضفى على مجسمه بهاء الملكة وشموخها وحضارتها وقوتها، بل آتى بما يقول عنه قرص الشمس ليجعل السيدة المجسدة بالتمثال تحمله بشكل ضعيف». وأكد أن الخصائص الجغرافية والتاريخية لموقع «الساحة»، وكونه يشغل ناصية القارة الإفريقية، ويقابل النقطة التى شهدت ضرب أول «معول» لحفر قناة السويس، كان ذلك كله يتطلب طرح مشروع التمثال ضمن مسابقة دولية يشارك بها عدد من المتخصصين.



ووسط صخب وغبار المعركة الشرسة، غاب صوت ورأى صاحب العمل، الفنان التشكيلى الدكتور عصام درويش، أستاذ النحت بجامعة حلوان، والذى أكد تجسيد التمثال لمصر أم الدنيا على هيئة ملكة تحمل قرص الشمس. وأنه يهدف أن يراه العالم أجمع من خلال السفن العابرة للقناة يوميا، إذ يبلغ ارتفاعه 19 مترا. وأوضح أن الجداريات المزينة أسفل التمثال تحكى قصة حفر قناة السويس.



وكان الفنان عصام درويش قد سبق وقدم أعمالا نحتية بارزة كما فى تمثال الدكتور طه حسين والماثل بمقر «اتحاد الكتاب»، وتمثال للكاتب توفيق الحكيم، والشاعر أحمد شوقى بمكتبة الإسكندرية، ونجم النادى الأهلى المايسترو صالح سليم، وفاتن حمامة سيدة الشاشة العربية والقائم بساحة دار الأوبرا المصرية. ويعمل عصام درويش حاليا على إعداد تمثال للفنان الراحل، محمود ياسين، والمقرر الكشف عنه بأحد المواقع الثقافية بمحافظة بورسعيد، مسقط رأس الفنان الكبير، وذلك بالتزامن مع الاحتفال المقبل بنصر  أكتوبر.



وفى غمرة الهجوم والدفاع، لم ينل المشروع الحضارى الجديد لـ « ساحة مصر» الاهتمام اللازم. فتعد «الساحة» مشروعا سياحيا وخدميا متكاملا، بمساحة 2100 متر. وتضم مساحات خضراء متنوعة وقطاعا للمطاعم والمقاهى العصرية. وتتوسطها «نافورة» مائية ملونة قطرها سبعة أمتار.



ويؤكد اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، أن «ساحة مصر» تعد أفضل استفادة حضارية وسياحية للموقع التاريخى. وكان الغضبان قد أشار إلى دلالة تمثال « المرأة المصرية» كتعبير عن كفاح المصريين لحفر القناة والدفاع عنها والاحتفاظ بالهوية المصرية أمام حضارات العالم.