فى مشهد يثير الاستغراب والأسى معا، رأيته على شاشة التليفزيون، خرج أنصار حزب الله فى جنوب لبنان «نساء ورجالا وأطفالا» يصفقون ويزغردون ويلوحون بالزهور، لقوافل شاحنات المازوت «البترول» الإيرانى، التى وصلت إليهم عبر الحدود السورية، بعد فترة طويلة من المعاناة والقحط البترولى فى لبنان كله ، كجزء من أزمته أو محنته الشاملة التى فيها اليوم. وهلل زعيم حزب الله حسن نصر الله مرحبا بالبترول القادم من إيران، ووعد الشعب اللبنانى ألا يبخل عليه بما أفاض به الكرم الإيرانى عليه. ولكن لم يكن غريبا أيضا أن يعرب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى عن رفضه لما تم ، قائلا – ومعه بالطبع كل الحق- ان شاحنات الوقود الإيرانية التى أدخلها حزب الله إلى البلاد انتهاك لسيادة لبنان! وبعد ساعات قليلة رست سفينة بترول عراقية فى ميناء طرابلس شمال لبنان، بشكل شرعى هذه المرة ، وكأن النفط قد انهمر على لبنان، حتى أن الزعيم اللبنانى المخضرم وليد جنبلاط علق ساخرا: قد يصبح لبنان دولة مصدرة للنفط من دون ترسيم أو تنقيب! غير أنه بصرف النظر عن تلك المشاهد الفكاهية أو المأساوية، يظل لبنان الحبيب أسير المرض المزمن اللعين الذى استوطن جسده ، مرض الطائفية المقيت، والذى كان دائما أهم اسباب التدخلات الخارجية فى لبنان. فى هذا السياق يهمنى أن أذكر بكلمة الرئيس السيسى التى ألقاها باسم مصر فى المؤتمر الدولى الثالث لدعم الشعب اللبنانى الذى عقد بتقنية الفيديو كونفرانس فى الشهر الماضى ....إن لبنان الذى كان دائما منارة للثقافة والفن و الفكر، ورافدا مهما من روافد الابداع العربى، لا يزال قادرا بعزيمة أبنائه على النهوض من الكبوة الحالية، والعودة مجددا ليكون مزدهرا و فريدا. ولا أعتقد أن مواطنا مصريا لا يدرك العلاقة الخاصة المصرية اللبنانية ، خاصة فى أبعادها الثقافية والفنية. و لنكرر دائما النداء البليغ للرئيس الراحل أنور السادات: ارفعوا أيديكم عن لبنان.