عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
البعض لا يذهب للمأذون مرتين.. ولا للفيلم!
22 أغسطس 2021
مشير عبدالله
فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين



  • ليس معنى تحقيق العمل 37 مليون جنيه إيرادات أنه جيد



 



«هناك شىء يمكن تسميته بالجمال السينمائى، والتعبير عنه فقط فى فيلم، ويجب أن يكون هذا الجمال حاضراً ليكون عملاً مؤثراً، وعندما يتم التعبير عنه بشكل جيد للغاية ، يشعر المرء بعاطفة عميقة فى أثناء المشاهدة، أعتقد أن هذه الجودة هى التى تجذب الناس للمجئ ومشاهدة الفيلم .



أن الأمل فى الحصول على هذه الجودة هو الذى يلهم المخرج ليصنع فيلمه فى المقام الأول» هذا ما قاله المخرج اليابانى «أكيرا كوروساو».



هذا ما لا ينطبق على فيلم: «البعض لا يذهب للمأذون مرتين»، الذى سيطر عليه الضعف الفنى والسطحية البالغة، على مستويات عدة!



كيف يكون رد الفعل إذا كان كل ما يثبت الزواج قد اختفى؟، أى أن كل وثائق إثبات الزواج تم تدميرها؟ بالتأكيد سوف تكون ردود الأفعال مختلفة بين الناس؟



إنها فكرة جميلة كوميديًا، لكن يبدو أن أيمن وتار كاتب سيناريو «البعض لا يذهب للمأذون مرتين» قد تعامل معها بسطحية، وضعف فى استثمار هذه المواقف.



تبدأ الأحداث بخالد مختار، المذيع الذى يبحث عن أى حدث ليزيد نسبة المشاهدة فى برنامجه، وهو متزوج من مختصة العلاقات الزوجية د. ثريا الببلاوى، التى تحاول حل المشكلات الزوجية من خلال الخط «الدافئ» (رقم شبيه برقم محل مأكولات). كما أنها مؤلفة كتاب «الطلاق ليس هو الحل»، الذى بيعت منه نسخة واحدة فقط، ومن عجب أنها لا تبدى أى اهتمام بزوجها.. بل تحاول أن تحقق الشهرة مثله.






الفكرة جميلة ــ كما قلت ــ ولكن السيناريو عانى من مشكلات عدة، وعلى الرغم من الاستعانة بعدد كبير من النجوم كضيوف للشرف، فإن الأحداث لم تقدم الكوميديا المتوقعة.. فهو حاول أن يضحك المشاهد لكنه لم يستطع حيث «الإفيهات» ثقيلة وقديمة.



التصوير، نجح أحمد عبد العزيز فى تقديم صورة جميلة للمشاهد الليلية الخارجية والداخلية ومشاهد النهار حتى فى المناطق التاريخية لكن ضعف السيناريو لم يساعد المشاهد على الاستمتاع بهذه الصورة الجميلة!



المونتاج لسلافة نور الدين.. فى فيلم مدته تجاوزت المائة دقيقة كان يجب الإسراع بالإيقاع قليلا خصوصا أن الكوميديا تحتاج إلى هذه السرعة فى تسليم المشاهد بعضها لبعض من أجل تواصل الضحك خصوصا أن السيناريو لم يدخل فى الحدوتة الرئيسية الخاصة بموضوع الطلاق إلا بعد أكثر من نصف ساعة من بداية الفيلم، وتلك مدة طويلة!






مشاهد الفيلا وحضور الأب «أحمد حلاوة» والأخ «ماجد الكدوانى» للإقامة عند خالد وثريا، ومشاهد أخرى كثيرة، كان من المفترض أن تفجر الكوميديا لكنها لم تفعل نظرًا لضعف السيناريو والإخراج.



الموسيقى لعمرو إسماعيل: تتميز الأفلام الكوميدية بالموسيقى الخفيفة، وهو ما يجيده عمرو فغالبا ما يستخد م آلة أو آلتين.. ففى مشهد عودة خالد للمنزل بعد إعلانه فى التليفزيون أن الجميع أًصبح مطلقًا، ومع بداية ظهور تقسيم المنزل من خلال ثريا ــ نجده قد استخدم آلة النفخ فقط ثم يدخل الأكورديون فى نغمة كوميدية خفيفة. وتحول الموسيقى إلى الإيقاع الجنوبى «الصعيد» عند انتقال المشاهد إلى أسوان للذهاب إلى ثريا وهمس التمنى ثم دخول المزمار الحزين عند اقترابهم من منزل السنجارى وعند ظهوره، حيث تبدأ الإيقاعات فى عزف الطبلة فقط للإحساس بالخطر.. وباختصار: عمرو إسماعيل موسيقى كبير، وتُعتبر موسيقاه من أهم مفردات العمل بجانب التمثيل.



التمثيل: كريم عبد العزيز فى شخصية المذيع خالد مختار ممثل من طراز خاص يجيد تجسيد جميع الشخصيات (تراجيدية كانت أو كوميدية).. فهو د. يحيى فى «الفيل الأزرق»، وعربى فى «فاصل ونعود»، وأدهم فى «نادى الرجال السرى»، وبسيونى بسيونى فى «الباشا تلميذ». هكذا هو نجم كبير فى السينما والتليفزيون بداية من أول أفلامه: «اضحك الصورة تطلع حلوة» فى دور طارق، وهنا فى فيلم «البعض لا يذهب للمأذون مرتين» فى شخصية المذيع خالد، الذى يحاول أن يصل لأكبر عدد من المشاهدين برغم المصائب من حوله أو من خلاله!






استطاع كريم أداء الشخصية بتلقائية كبيرة لكن يجب عليه التدقيق فى اختياراته مستقبلا كونه نجما كبيرا، حتى وإن كان الفيلم قد أُنتج من عامين مضيا.



دينا الشربينى فى دور الدكتورة ثريا الببلاوى ممثلة كبيرة تتمتع بحس كوميدى عال، ولها العديد من الأدوار المركبة، وقد أدت الشخصية بسلاسة؛ لكن ضعف «إفيهات» الأحداث لم يتح لها أى مساحة تستطيع من خلالها إظهار موهبتها الكوميدية.



ماجد الكدوانى ممثل استثنائى أيضا يستطيع أداء أى دور بنفس القوة فى أى شخصية، إذ يتمتع بحضور طاغ، وهو هنا فى شخصية «أنيس» ــ محامى الطلاق ــ قدم الشخصية بشكل مختلف من أول ظهوره فى المحكمة إذ نجد أنفسنا أمام محام جديد حتى فى النصف الثانى من الأحداث بعد عدم وجود عمل له إذ يتحول إلى شخصية أخرى غير التى بدأت الأحداث.



بيومى فؤاد فى دور أبو هيف الذى يمثل الحكومة أداء للشخصية لم يختلف عن كل أدواره الكوميدية إذ لم يأت بجديد فيه.






الإخراج لأحمد الجندى لم يخدمه ظهور كل الممثلين فى الأحداث، وحتى ضيوف الشرف، بدءا من شيكو ثم مصطفى قمر وأحمد حلاوة مرورا بعمرو عبد الجليل ــ الذى تصبح الكاميرا ملكه حينما يظهر ــ بجانب الأداء المتميز لنسرين أمين، وحتى أحمد فهمى، علاوة على أبطال الأحداث الرئيسية.



والأمر هكذا، لم يكن الفيلم يستحق هذه الكوكبة من الممثلين إذ إن السيناريو ضعيف، و«الإفيهات» لا طعم لها.. فهل من الطبيعى أن نذكر فى مشهد بين أربعة جالسين جملة «زودنا يوم فى فتح اللجان» أربع مرات على لسان الأبطال، وثمانى مرات لجملة «لم يذهب أحد» فى نفس المشهد .. أى كوميديا ؟!



عموما: ليس للمخرج عذر فى أن السيناريو ضعيف؛ لأنه ليس مخرجامنفذا فهو المسئول الأول والأخير عن العمل، لكن ليس معنى تحقيق الفيلم إيرادات تخطت 37 مليون جنيه أن الفيلم جيد، إذ يبدو أن الظروف وحرمان الجمهور من الذهاب إلى السينما فى خلال الفترة الماضية هو ما جعل الإيرادات تبلغ هذا الرقم!