عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
شبح بن لادن وتهديدات الأمس.. هل يتكرر سيناريو داعش؟
21 أغسطس 2021
رشا عبدالوهاب


مثل مستحيل العنقاء الذى يشتعل كالنار من بقايا الرماد، تظهر الجماعات الإرهابية كقمة جبل جليد فوق الماء لتصدم العالم وتجعله يراقب أحداثا تنطلق بسرعة الصاروخ، فرغم سرعة سيطرة طالبان على محافظة تلو الأخرى فى أفغانستان، إلا أنه لم يتوقع أحد حتى أعتى أجهزة المخابرات سقوط كابول بهذه السرعة.



ومثلما أثارت ظهور شخصيات مثل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والملا عمر زعيم حركة طالبان، وهجمات 11 سبتمبر، وغزو أفغانستان.. وغيرها من الأحداث التى تمر كشريط طويل، دهشة العالم، فإن عودة طالبان بعد 20 عاما من الملاحقة وخسارة تريليونات الدولارات وسقوط آلاف الضحايا وقيادة أمريكية لتحالف دولى من أجل تدجينها، يطرح أسئلة مثل: هل تعود أفغانستان كسماء آمنة وأرض خصبة وملاذ ومركز لجذب التنظيمات الإرهابية؟ وهل تنتعش فكرة الإرهاب العالمى والذئاب المنفردة والمقاتلين الأجانب؟ هل يشهد العالم تكرار السيناريو الذى حدث فى العراق وسوريا مع إعلان أبو بكر البغدادى عن خلافة مزعومة وعن تنظيمه داعش الإرهابي؟.



حتى الآن، لم يتم إعلان هزيمة القاعدة التى أسسها بن لادن بشكل نهائي، فالتنظيم الإرهابي، الذى تفرعت منه تنظيمات أخرى فى كل انحاء العالم، مازال ينتشر بقوة فى أفغانستان فى 15 محافظة فى الشرق والجنوب، ويمتلك جيشا يضم الآلاف. وحاولت طالبان إظهار وجه مختلف أكثر براجماتية وأقل استعراضا بعد دخول عناصرها القصر الرئاسى فى كابول، وهروب الرئيس المنتخب أشرف غني، وبعثت برسائل طمأنة إلى العالم بحثا عن اعتراف دولي. وانقسم العالم فى تقدير خطورة صعود طالبان وعودة القاعدة، فيرى محللون أن طالبان ستقدم الدعم للقاعدة بشكل أكثر تكتما مما كانت عليه خلال الفترة الأولى فى السلطة (1996 إلى 2001) عندما احتضنت علانية الشبكة الإرهابية، فهم لا يريدون ارتكاب نفس الخطأ الاستراتيجي، وهو الدعم الأعمى الذى كلفهم السلطة.



ويخشى مسئولو المخابرات والدفاع من أن تستغل القاعدة الموقف لإعادة تنظيم صفوفها، وهو ما يهدد بعودة أفغانستان مرة أخرى كبؤرة لتجنيد وتدريب الإرهابيين. ففى أبريل الماضي، كشف تقرير صادر عن المخابرات الأمريكية عن أن القاعدة تواصل التخطيط لشن هجمات إرهابية ضد أفراد ومصالح أمريكية فى الداخل والخارج. كما أعرب مسئولو المخابرات الأوروبية عن قلقهم من أن تصبح أفغانستان نقطة جذب للمقاتلين الأجانب مجددا. وعندما أبرمت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب اتفاق سلام مع طالبان العام الماضي، كان مصدر القلق الأساسى أن الحركة لن تسمح للقاعدة بالعمل من الأراضى الأفغانية. وبعد أربعة أشهر من الاتفاق، أكد تقرير للأمم المتحدة أن طالبان تشاورت بشكل منتظم مع القاعدة خلال مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، وقدمت ضمانات بأنها سوف تحترم الروابط التاريخية، ووعدت باستضافة أيمن الظواهرى زعيم التنظيم ومئات من عناصر التنظيم. وأشار التقرير إلى أن العلاقات بين طالبان، وتحديدا شبكة حقانى ومقرها باكستان، وتنظيم القاعدة علاقات وثيقة قائمة على الصداقة وتاريخ من الحرب المشتركة والتعاطف الأيديولوجى وعلاقات المصاهرة. واعتبرت القاعدة أن اتفاق طالبان وواشنطن انتصار إيجابى لقضية مشتركة. ولكن يبدو اتفاق الدوحة الآن بلا قيمة حقيقية، وتدور الشكوك حول قدرة طالبان على الوفاء بعهودها. وجادل الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى تعرض لانتقادات واسعة بسبب التطورات المتسارعة والمفاجئة فى أفغانستان، بأن تهديدات القاعدة يمكن التعامل معها بنفس طريقة التعامل مع أى تهديد آخر من شبكتها العالمية، قائلا إنه ملتزم بالتركيز على المخاطر التى تواجه بلاده فى 2021، وليس على ما سماه «تهديدات الأمس». مجادلة بايدن تتضارب مع تقديرات كبار مسئولى إدارته، ففى يونيو الماضي، توقع لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي، فى شهادة أمام الكونجرس، أن يكون أمام القاعدة وداعش عامان ليشكلا تهديدا للولايات المتحدة، بينما حذر الجنرال مارك ميلى رئيس هيئة الأركان المشتركة من أن هذه التنظيمات الإرهابية قد تنمو بشكل أسرع. ويرى محللون آخرون أن رغبة طالبان فى ضمان اعتراف دولى ودعم مالي، وخشية أن يؤدى أى نشاط إرهابى إلى تحرك عسكرى غربي، قد يدفع الحركة إلى السيطرة على أنشطة القاعدة. وحاول ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان ووزير إعلامها حاليا، التأكيد على أنه لن يتم استغلال الأراضى الأفغانية ضد الغرب ودول الجوار. لكن مستشارا للرئيس الأفغانى المعزول أشرف غنى حذر من أن القاعدة «قوية، وموجودة فى المنطقة، ولديها علاقات وثيقة أكبر مما كان لطالبان فى الماضي». ومع تشابه المشاهد التاريخية تظل الأسئلة مطروحة: هل يتمكن الغرب من التدخل فى اللحظة المناسبة لمنع القاعدة من شن هجمات إرهابية كبرى؟ وهل يتكرر سيناريو داعش مع صنيعة بن لادن؟