عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«المتاهة» صراع الاختيار بروح صوفية
8 أغسطس 2021
د. مصطفى أحمد فهمى


البعض منا يعيش فى متاهة تصنع له عالما من الحيرة، وتوقعه فى مرحلة الاختيار التى تسبب له صراعا نفسيا، يلهث فيها وراء أفكاره ليحسمها، فتكون الراحة عنوان المرحلة الأخيرة التى يسعى خلفها.. المخرجة حنان راضى فى فيلمها التسجيلى «المتاهة» تجسد هذه الحالة من خلال شخصية «أمير»، المرشد السياحى بالأقصر الذى يرغب فى التصوف والإقامة بجوار مقام الشيخ أبى الحسن الشاذلى، لخدمة المقام ومريديه، لكن أسرته ترفض ذلك، ويبدأ أفرادها فى الحديث معه، ومحاولة إقناعه بإحداث توازن بين عمله وحياته ورغبته الروحية، لينفذ رغبتهم فى النهاية، وذلك بعد تغليب العقل على الرغبة الروحية، مما يطرح سؤالا مهما: هل تأتى الراحة من البصيرة أم العقل؟



عندما سُئل «أمير» فى النهاية: ماذا كنت تريد؟ أجاب: التصوف والإقامة بجوار مقام سيدى أبى الحسن الشاذلى، لتكون لعبة الاختيار فى متاهة الحيرة هى بطل فيلم مزج بين السينما التسجيلية فى الموضوع والروائية فى رؤية وتكنيك المخرجة ومدير التصوير فى صناعة صورة أبرزت مشاهد كثيرة كلوحات تشكيلية للطبيعة، باستغلال تباين ألوان السماء وإضاءة الشمس مع الجبال والصحراء، واختيار زوايا تصوير المعابد داخليا وخارجيا، ومنطقة ميناء عيزاب القديمة فى منطقة حلايب التى كانت تستقبل الحجاج من شمال إفريقيا لينطلقوا إلى ميناء جدة المقابلة لها مباشرة.






فيلم «المتاهة» صنع مزيجا مميزا بين روح التصوف، والتعريف بالسياحة الدينية، عبر رصد طريق الحج القديم، وحياة الشيخ أبى الحسن الشاذلى، ورحلته إلى الحج، التى أوصى فيها خادمه بإحضار أدوات الحفر، لأنه سيموت فى أثنائها بالمنطقة التى يوجد بها مقامه الآن.



وأخيرا رأينا فى الفيلم تعريفا بمنطقة حلايب وأهلها، ليكون بذلك ترويجا للسياحة المصرية بأنواعها المختلفة، برؤية إخراجية اتسمت بالشاعرية والرومانسية والتصوف، إذ اعتمدت حنان راضى فيها على جذب الجمهور بصريا من خلال التكوين التشكيلى للصورة مع الموسيقى، لتستحق جائزة لجنة التحكيم عن فئة التسجيلى أكثر من 15 دقيقة من المهرجان القومى للسينما فى دورته الأخيرة.



ليبقى سؤال: لماذا لا نشاهد هذه الرؤى الجديدة للفيلم التسجيلى على شاشات التلفاز لتعريف الجمهور المصرى ببلاده بأسلوب جديد يتماشى مع روح العصر، ورؤى مغايرة لما اعتدنا عليه من الأفلام التسجيلية؟ وهل يمكن الاعتماد على مثل هذه الرؤى لتكون مادة دعاية وجذب سياحى لمصر فى الخارج؟