عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
التونسيون.. شعب فريد بمواصفات خاصة
7 أغسطس 2021
مها صلاح الدين


هو توليفة فريدة بين شعوب العالم ، استطاع أن يجمع بين مزايا الفكر والنهج الأوروبى فى التعليم مع الحفاظ على أصوله العربية وثقافته الإسلامية. فأصبح متدينا مثقفا ومتحضرا يؤمن بالديمقراطية والعيش بحرية، رافضا كافة أشكال الظلم والفساد التى تسلبه حقه الطبيعى فى الحياة بكرامة . إنه الشعب التونسى الذى استطاع قبل أيام تصحيح مسار ثورته مرة أخرى، معلنا طلاق «الإخوان» ونفض غبار سنواتها العشر، التى لم تجلب للبلاد سوى مزيد من الانحدار على كافة الأصعدة والمستويات.



فرحلة تونس لبناء دولتها الحديثة لم تبدأ مع «ثورة الياسمين» قبل عقد من الزمان، بل منذ اللحظة الأولى لتحررها من الاحتلال الفرنسى فى خمسينيات القرن الماضى ، فعمدت لإصلاح نظام التعليم فى البلاد وإرساء قواعد دولة ديمقراطية متطورة على غرار جاراتها الأوروبيات على الجانب الآخر من المتوسط . وخصص الرئيس التونسى السابق حينها الحبيب بورقيبة 30% من ميزانية البلاد لصالح التعليم وحده ، لتكون الأعلى فى الشرق الأوسط وإفريقيا، مؤكدا أن إصلاح الأشخاص وإخراجهم من الفقر هو معركة البلاد الجديدة .



وأولت المدارس التونسية اهتماما خاصة بالفلسفة وثقافة النقاش والفنون ، فخلال السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية ، على سبيل المثال، يتعين على الطلاب دراسة واحد من ثلاثة مجلدات من المقالات الفلسفية باللغة الفرنسية، تدفعهم إلى التفكير فى شتى القضايا بدءا من الدين وحتى الاختلافات الثقافية والحوار بين الحضارات.



لذا كان من الطبيعى أن يتمرد شعب بخلفية مستنيرة مثل تلك على أكاذيب الإخوان وتحايلهم طوال الوقت باسم الدين لتحقيق أغراضهم السياسية، خاصة وأنه بعد عشر سنوات من خروجه الأول للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المزرية لبلاده فى يناير 2011، وجد نفسه لم يتحرك خطوة واحدة للأمام، بل عاد عقودا للوراء، ولا يزال يعانى المشاكل ذاتها، لكن بعدما تضاعفت بشكل مرعب.



فوفقا للأرقام الرسمية، تراجع معدل نمو الناتج المحلى فى البلاد من نسبة 9% خلال عامى 2010 و 2011، ليسجل انكماشا العام الماضى بلغت نسبته 11٫4%.



كما قفزت البطالة من 12% قبل الثورة إلى نحو 17% فى المدن و30% فى الأقاليم، بينما تضاعفت معدلات التضخم من 2٫5% إلى نحو 6% .



الغريب أن مظاهرات التونسيين المتكررة للتعبير عن مشاكلهم ولإسماع صوتهم للسلطة ، قابلها الإخوان، ممثلة فى النهضة ، بالتجاهل نفسه الذى كان ينتهجه الرئيس الأسبق زين العابدين بن على ، ومع ذلك يتعجبون من لقاء المصير ذاته. إنه التاريخ ببساطة الذى يعيد نفسه. والأذكياء وحدهم من يتعلمون دروس الماضى .