عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
إبــــــــــــــــداع!
6 أغسطس 2021
إبراهيـم حجـازى


>> كل إنسان أعطاه الله ما يميزه بين الآخرين.. إلا أن أغلب البشر لم تتح لهم فى حياتهم.. فرصة التعرف على ما أعطاه الله لهم.. ولذلك!.



المجتمعات المتقدمة خصصت مرحلة التعليم الأولى حتى عمر الـ12 سنة.. لممارسة الأنشطة التربوية بمختلف أنواعها.. وإلى جانبها فى مساحة قليلة من الوقت.. العملية التعليمية لإكساب الطفل مهارة القراءة والكتابة بأسلوب بالغ البساطة.. لأجل أن يحب الطفل الصغير لغة وطنه.. يعنى لا قواعد لغة ولا نحو ولا يحزنون!. يعلّمون الطفل اللغة.. من خلال قصص صغيرة بها مجموعة كلمات قليلة وما إن ينتهى منها ويتعرف على هذه الكلمات.. قصة أخرى فى عدد كلمات أكثر جديدة وهكذا.. إلى أن يجيد القراءة ويجيد الكتابة.. وفيما بعد فى المرحلة التعليمية التالية.. يتعلم قواعد اللغة!.



آسف لهذه الجملة الاعتراضية التى هى خارج موضوعنا.. لكن لابد منها لأن اللغة العربية فى خطر داهم.. لأن شبابنا الذى أنهى المرحلة الثانوية.. أعداد من لا يعرفون قراءة وكتابة العربية فيه.. فى تزايد!. يعنى لا قدر الله.. لو استمر الأمر على ما هو عليه.. خلال سنوات قليلة.. اللغة العربية لا قدر الله.. تصبح لغة تُقرأ ولا تُكتب.. والسبب المرحلة الابتدائية والحرص على تعليم الأطفال فى المراحل الثلاث الأخيرة النحو وقواعده.. وكأنهم سيدخلون مجمع اللغة العربية!. قواعد لغة صعبة على أطفال صغار.. وبطبيعة الحال يكرهون لغة بلدهم وتبدأ المأساة!.



أعود لموضوعنا وما يتم بالمجتمعات المتقدمة فى المرحلة الابتدائية التى جعلت سنواتها الست.. مساحة ممارسة لكافة الأنشطة للوقوف.. على ما أعطاه الله لكل طفل.. لأنه لا يعرف ولا أحد يعرف.. والممارسة فقط هى الوسيلة الوحيدة للمعرفة!.



الممارسة ليست هنا للكشف عن المواهب فقط.. إنما لمعرفة ما قد يميز هذا الطفل فى مجال ما عن الآخرين!. هم لا يبحثون فقط عن المواهب الموجودة بين الأطفال فى كل مجال.. إنما أيضًا وبنفس الأهمية.. ما يميز كل طفل عادى غير موهوب!. مهم أن يعرف الطفل ما يميزه.. ليمسك به ويعتز به.. ويعرف من السنوات الأولى فى حياته.. وجه التميز الذى يملكه وكيف يستفيد به ويستخدمه!.



للأسف الأنشطة التربوية لا وجود لها بالشكل المفهوم فى المدرسة المصرية.. والمؤكد عدم وجودها فى المرحلة الابتدائية.. التى هى المرحلة الأهم فى كل شىء.. وهذه خسارة فادحة لأن المدارس حاليًا موجود بها 23 مليون طفل وفتاة وشاب.. ولا توجد هيئة فى مصر تضم هذا العدد فى أهم المراحل السنية فى عمر المصريين!.



كده.. لا شفنا الموهوبين فى أكبر تجمع بشرى ولا عرفنا ما يميز كل طفل من الأطفال العاديين.. وأصبح اعتمادنا التام على الجهود الفردية لأولياء الأمور.. الذين يوفرون سبل الممارسة لأبنائهم.. على حساب جهد ووقت ومال.. وفى الرياضة.. هؤلاء الأطفال هم من يقع اختيار الأندية عليهم للانضمام فى فرق الناشئين.. ومن هذه الفرق يتم اختيار المنتخبات!.



هل معنى ذلك أننا تعرفنا على كل المواهب التى أعطاها الله لنا.. فى الرياضة وغير الرياضة؟. طبعًا لا وألف لا.. لأننا نرى المواهب الموجودة فى العدد القليل جدًا جدًا الذى يمارس الرياضة أو الأنشطة التربوية الأخرى.. وهذا العدد استحالة أن يصل إلى مليون طفل وطفلة.. وهذا معناه أننا نرى المواهب الموجودة فى المليون طفل!. نرى المواهب فقط.. لأن نوع ومساحة وهدف الممارسة يبحث عن المواهب.. ولا حس ولا خبر عما يميز كل طفل غير موهوب فى هذا المليون!. رأينا على تواضع المواهب الموجودة فى المليون.. وأقول تواضع لأن الممارسة هى النشاط الأهم فى الرياضة وهى أساس الرياضة.. ولها قواعدها ولوائحها ونظمها وخبراؤها المتمرسون.. لأن العين الخبيرة التى تلتقط الموهبة.. هى أصلاً موهوبة وتم صقل موهبتها بالعلم!.



..........................................................



>> قصدت فى المساحة الكبيرة السابقة.. ألا أترك صغيرة أو كبيرة إلا وسجلتها.. لأن القضية المطروحة على حضراتكم بالغة الأهمية للوطن الذى حقه أن يستفيد من المواهب التى منحها الله له.. ليأخذ المكان والمكانة التى يستحقها فى العالم!.



وطن.. هو حاليًا ومن سنين طويلة لا يرى إلا قليل القليل من مواهبه فى كل المجالات.. وهذا القليل.. من بقى هنا حاول ويحاول على قدر الإمكانات المتاحة.. والكثير منه انضم لطيورنا المهاجرة فى الخارج.. يصنع مجدًا لأوطانهم هناك!.



الحقيقة التى يستحيل التشكيك فيها.. أرض مصر لم ولن تتوقف عن إنجاب المواهب فى كل المجالات.. وإن كنا لا نرى إلا قليلها.. إلا أن كثيرها الذى لم نره فى الوقت المناسب وهو صغير السن فى المرحلة الابتدائية وزارة الشباب والرياضة جعلتنا نراه اليوم ونتعرف على موهبته وهو كبير فى المرحلة الجامعية!.



أتكلم عن أحد أهم المشروعات الشبابية.. شكلاً وموضوعًا وفكرًا وتنفيذًا!. عن مهرجان إبداع لشباب الجامعات والمعاهد العليا.. فكرة بدأها المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة وقتها.. وأكملها وطورها وأضاف إليها د. أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة حاليًا!. على خلاف «سلو بلدنا» الجديد يهدم القديم ويبدأ من أول وجديد!. الفكرة التى أرساها المهندس خالد عبدالعزيز.. عندما تولى د. أشرف صبحى المسئولية.. بنى عليها وأضاف لها.. وإبداع بقيت كامنة إلى أن أتيحت لها فرصة المشاركة فى أكبر مسابقة شبابية على الإطلاق فى أغلب المجالات!.



إبداع منذ نشأتها.. نجحت نتيجة التعاون الوثيق مابين وزارتى التعليم العالى والشباب والرياضة.. والإيمان التام للدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى بالفكرة.. التى ظهرت ترجمتها على أرض الواقع فى 2012 بمشاركة 15 جامعة ومعهدًا يتنافسون فى 11 مجالاً.. وفى إبداع 2 بدأت الزيادة فى المجالات المنافسة وفى الأعداد إلى أن وصلت المسابقة العبقرية إلى إبداع 9 الذى أقيم حفل ختامه منذ أيام.. فى المكان الذى احتضن إبداع من أول يوم.. مسرح جامعة القاهرة بتاريخه وتميزه والأحداث الكبيرة التى أقيمت عليه!.



إبداع 9 بكل المقاييس.. تخطت كل الأرقام وحققت كل الأحلام!. المشاركون 129 جامعة ومعهدًا عاليًا وأكاديمية.. حكومية كانت أو قطاعا خاصا!. التصفيات متاحة أمام كل الطالبات والطلبة بكل الجامعات والمعاهد والأكاديميات وتقام داخل كل كلية أو معهد وتستمر لمدة شهرين من أكتوبر وحتى ديسمبر.. بعدها كل كلية أو معهد اختارا أفضل من يمثلهما فى المرحلة الثانية للمسابقة.. والتى تقام على مسرح الوزارة ومسرح المدينة الشبابية بالإسكندرية على مدى أربعة أشهر.



التصفيات فى المرحلة الأولى شارك فيها 40 ألف طالب وطالبة من الـ129 جامعة ومعهدًا وأكاديمية وانتهت فى ديسمبر الماضى.. لتبدأ بعدها المرحلة الثانية على مدى 4 أشهر انتهت فى أبريل الماضى.. إلا أن كورونا أجلت الحفل الختامى وإعلان الفائزين وتوزيع الجوائز إلى الخميس 29 يوليو الماضى.



الجوائز وصلت إلى 5 ملايين جنيه للفائزين فى المراكز الثلاثة الأولى فى 23 مجالاً مختلفًا.. ويقينى أن وزارة الشباب والرياضة.. بمسابقة إبداع.. أعادت الحياة إلى مجالات ثقافية وفنية عاشت سنين تعانى من وجودها بعيدًا عن دائرة الضوء.. غريبة منسية.. رغم موهوبيها الذين يفتقدون من يعرفهم ويُعَرِّف المصريين عليهم!.



إبداع حققت ما لم يكن يخطر على البال.. وملأت المساحة الخالية التى نجمت عن اختفاء دور الثقافة.. وباتت طوق نجاة للموهوبين فى المجالات المنسية!. فتحت أبواب الأمل أمام المواهب التى فاتها القطار فى مرحلة الناشئين.. وأصبح الموهوب فى الشعر أو القصة القصيرة أو التصوير الزيتى (الرسم بالألوان) أو التصوير الضوئى (الفوتوغرافيا) أو الأشغال اليدوية أو الجرافيك أو الغناء أو التمثيل ومجالات أخرى...



إبداع الجامعات أعاد اكتشاف ما لم نكتشفهم صغارًا.. وعندما اكتشف د. أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة.. أن هناك مبدعين خارج الجامعات.. كانت فكرته الرائعة إبداع مراكز الشباب.. المفتوحة مجالاته أمام شبابنا فى القرى والنجوع والكفور والعزب والمدن.. وليس هذا فقط!.



إبداع فى طريقها للأندية و«الخبطة» الأكبر للمدرسة المصرية التى بها أكبر تجمع بشرى فى الوطن من سن السادسة وحتى عمر الـ18 سنة.. وعبقرية الفكرة أنها أول محاولة لاكتشاف المواهب فى المدرسة المصرية منذ أن تخلت عن الأنشطة التربوية!.



..........................................................



>> مهرجان إبداع 9 الذى أقيم حفل ختامه الخميس 29 يوليو.. نموذج رائع لتعاون وتكامل هيئات الدولة المختلفة.. الدور الذى تقوم به جامعة القاهرة ورئيسها دكتور محمد عثمان الخُشْت.. دور كبير ومميز فى نجاح هذا المهرجان الضخم!. الدور الذى يقوم به اتحاد بنوك مصر.. البنك الأهلى وبنك مصر وبنك القاهرة وبنك CIB.. رعاة إبداع.. دور مسئول هو جزء من رسالة هذه المؤسسات المالية تجاه مجتمع 60% منه شباب.. نجاحهم وتألقهم بصورة أو بأخرى ينعكس إيجابًا على هذه المؤسسات الاقتصادية!.



إبداع 9 رسخت أقدامها كأكبر مسابقة شبابية فى الوطن العربى وإفريقيا وربما الشرق الأوسط.. كله وليس الأمر قاصرًا على تعدد مجالات التنافس بين الشباب التى وصلت إلى 23 مجالاً مختلفًا.. إنما الأهم الذى حرصت عليه وزارة الشباب.. لجان تحكيم هذه المسابقة الأكبر!.



لجنة تحكيم كل مجال.. هى من المبدعين المصريين الذين أعطى وجودهم ثقلًا للمهرجان وثقة فى النتائج وبعدًا معنويًا هائلاً للشباب وهم فى حضرة هؤلاء المبدعين.. وعلى سبيل المثال لا الحصر ومع حفظ الألقاب.. لجان التحكيم ضمت المبدعين.. إبراهيم عبدالمجيد وأبوالعلا السلامونى وسهير المرشدى وفردوس عبدالحميد ومحمود الحدينى وحسين حمودة وجمال بخيت وأحمد بخيت وعاطف عوض وغادة جبارة وأمانى ضرغام وهانى مهنى ونادية مصطفى وسامح الصريطى ود. خالد حبيب ود. محمود طنطاوى وعصام السيد.. والفنانة صفاء أبوالسعود التى لم تكتف بالتحكيم وعادت لنا بعد طول غياب وقامت بغناء الفقرة الرئيسية من أوبريت الجائزة الذى افتتح به حفل الختام.



..........................................................



>> والله العظيم.. المواهب والعباقرة موجودون فى مصر إلى يوم الدين.. ودليلى إبداع!. فى تقديرى أن مسابقة الابتكارات العالمية فى إبداع 9 تستحق وقفة بجد!. لماذا؟



هذه السنة عدد المبدعين الشباب كبير ونوعية الابتكارات عظيمة.. وليس هذا بمستغرب، لأن الشباب هم القاعدة الأساسية للابتكارات والاختراعات.. وعند هذه النقطة أستأذن حضراتكم فى وقفة وتوضيح لهذه النقطة التى يعانيها الشباب المخترع.. الذى أنصفه الدستور بالمادة 69 التى تقول: تلتزم الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها فى كافة المجالات وتنشئ جهازًا متخصصًا لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية وينظم القانون ذلك.



مادة الدستور هذه.. الشباب أول المستفيدين منها.. لأن المبتكرين والمبدعين والمخترعين غالبيتهم العظمى شباب.. ومشكلة أى شاب مخترع.. أن الجهاز المختص هذا غير موجود للآن.. ووجوده ينهى أكبر مشكلة تواجه المخترعين الشباب.. والتى هى رعاية وإدارة اختراعاتهم.. لأن جهاز الملكية الفكرية المنتظر.. هو الذى يؤمن المستثمر للمخترع مثلما يؤمن الاختراع للمستثمر.. وتلك عقبة هائلة الآن يعانى منها الشباب!.



حاليًا.. د. أشرف صبحى وزير الشباب يأخذ هذه المهمة على عاتقه.. وكل اختراع.. الوزارة باتصالاتها تؤمّن مستثمرًا.. إلا أن إدارة الاختراعات لن يقدر عليها إلا الجهاز المختص الذى نص عليه الدستور!.



عفوًا للجملة الاعتراضية السابقة.. وأعود إلى مخترعينا الشباب فى إبداع ٩ وكنت أتمنى أن أقدم لحضراتكم كل الاختراعات إلا أن المساحة قاربت على النفاد.. والمتاح لى اليوم الكلام عن اختراع واحد وبإذن الله سأستعرض البقية.. فيما هو قادم!.



الاختراع الذى أقدمه لحضراتكم.. فكرته أدهشتنى وتنفيذه أبهرنى.. وكيف لا يكون ونحن فى إبداع؟. إنه فريق «إنجاد» وهذا اسمه.. بكلية الهندسة جامعة حلوان قسم الميكانيكا وأقسام أخرى.. قائد إنجاد الطالب أحمد عصام بالفرقة الرابعة هذا العام.. سألته فأخبرنى بأن...



اختراعهم.. هو: بدلة إعادة تأهيل.. مخصصة للأشخاص ذوى الإعاقة الحركية!.



الاختراع أو البدلة عبارة عن بنطلون فقط للجزء السفلى المفتقد الحركة.. وهذا البنطلون فى داخله ثلاثة موتورات صغيرة.. قبالة مفصل الحوض ومفصل الركبة ومفصل القدم.. لأجل خلق الحركة الأقرب لحركة الإنسان الطبيعية.. فى الحوض والفخذ والقدم.



الهدف من هذه الحركة التى تعمل على المفاصل الثلاثة وعضلاتها.. خلق حركة للعضلات التى لا تتحرك.. هذه الحركة تدفع العضلات إلى المقاومة.. ومن ثم ورود الدم إلى العضلة وتغذيتها وعمل نشاط للمنطقة كلها!.



الاختراع محاولة للتخفيف من الآثار السلبية لاستخدام الكرسى المتحرك.. الذى باستخدامه تنعدم حركة العضلات والمفاصل تمامًا فى الجزء السفلى للشخص المصاب.. والبدلة أو البنطلون الذى يصنع حركة تدفع العضلات إلى المقاومة فى المفاصل الثلاثة.. يعد ضمانة لإعادة تأهيل العضلات والمفاصل التى لا تتحرك!.



فريق «إنجاد» طلبة هندسة حلوان.. يعملون على بدلة للأطفال المصابين.. فيها ريموت فى الجزء السفلى على أمل ألا يستخدم الأطفال المصابون الكراسى المتحركة!.



هذا فيض قليل من إبداع 9 الغزير والجميل.. الذى هو من إبداعات الإدارة المركزية للبرامج الثقافية والتطوعية ورئيستها السيدة نجوى صلاح...



إبداع الجامعات وإبداع مراكز الشباب وفى الطريق إبداع الأندية وإبداع المدارس.. وسام على صدر وزير الشباب والرياضة د. أشرف صبحى!.