عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الانسحاب الأمريكى.. قرار حتمى أم إقرار بالهزيمة؟
24 يوليو 2021
‎ ‎رحاب جودة خليفة
أفغانستان - القوات الأمريكية - الجيش الأمريكي


استقبل الأمريكيون إعلان الرئيس جو بايدن سحب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد 20 عاما من الحرب بمزيج من مشاعر الارتياح الشعبى وتشكيك الجمهوريين ومعارضة كبار القادة العسكريين. فهل يصح الانسحاب الآن بينما لا يمر يوم دون أنباء عن مكاسب طالبان، أم أنه يجب البقاء مدة أطول للقتال من أجل حكومة و «حرب لا يمكن الفوز فيها» كما يرى بايدن نفسه.



علاقة بايدن بالقضية ليست جديدة، فقد تفجر لديه شعور بالإحباط من الحرب منذ سنوات ولم يهدأ قط. ففى رحلة إلى كابول فى يناير 2009، وجه بايدن تحذيرا للرئيس الأفغانى آنذاك حامد كرزاى بخسارة دعم واشنطن ما لم يشرع فى تطبيق نظام للحكم لمصلحة جميع الأفغان، ثم عاد ليطالب الرئيس المنتخب آنذاك باراك أوباما بعدم إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان.



ويؤيد بالفعل غالبية الأمريكيين قرار بايدن، حسب استطلاعات الرأي، لكنه اعترف فى إعلانه الأخير باحتمال اندلاع حرب أهلية جديدة فى أفغانستان، إلا أنه أكد أن مصير الأفغان الآن بأيديهم مع مواصلة التزام واشنطن بدعمها الدبلوماسى والإنسانى للمواطنين. وللحقيقة فإن وجهة نظره تحمل جوانب عديدة من الصحة لأنه كما يقول «لن أرسل جيلا آخر من الأمريكيين للحرب فى أفغانستان دون توقعات منطقية بتحقيق نتيجة مختلفة عن الوضع الحالي» خاصة مع استمرار العنف فى البلاد وعدم إحراز تقدم فى مُحادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.



ففى أطول حرب فى تاريخ الولايات المتحدة، قُتل 241 ألف شخص بينهم 72 ألف مدنى وما يزيد على 2400 أمريكى وأصيب ألوف آخرون، مما تسبب فى ملايين اللاجئين والمشردين، ناهيك عن الحاجة إلى رعاية قدامى المحاربين الأمريكيين وتكبدت واشنطن 2٫26 تريليون دولار.



وبالنسبة لطالبان، فإن الانسحاب سيحرمها إحدى حججها الرئيسية بأنها تدافع عن أفغانستان ضد الغزو الأجنبي. وإذا تم التوصل لحل لعملية السلام المعقدة، فسيتم التوصل إليه من قبل الدبلوماسية الأفغانية لمصلحة الأفغان وليس للتخلص فقط من طالبان، وبالتأكيد.. ليس بالقنابل الأمريكية.



وعلى صعيد المعسكر المعارض للقرار، يحذر البعض من أن الانسحاب يتم دون ضمانات بمشاركة طالبان فى عملية سلام أو انتخابات ديمقراطية أو حتى قطع العلاقات مع القاعدة. وتخلت القوات الأفغانية المحبطة بالفعل عن أجزاء كبيرة من البلاد خلال 3 أشهر منذ إعلان بايدن خطة الانسحاب، وإذا اشتدت إراقة الدماء فى أفغانستان بعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية فى 31 أغسطس المقبل، فإن الجمهوريين الذين يبحثون عن نقاط ضعف فى حكم بايدن قد يجعلون عبارة «فيتنام بايدن» شعارا للمرحلة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024 فى صلة واضحة لخسارة الولايات المتحدة المهينة لحرب فيتنام. ويرى المعارضون أيضا أنه فى حالة شن تنظيمات إرهابية فى أفغانستان هجومًا جديدًا على الولايات المتحدة، أو شكلت تهديدًا لأمنها القومى ومصالحها فى المنطقة أو فى أى جزء من العالم، فإنه سيكون من الصعب على القوات الأمريكية التحرك بسرعة وفاعلية نظرا لخسارتها موقع أفغانستان الاستراتيجي.



صحيح أنه قرار متأخر نسبيا وإقرار بعدم قدرة الولايات المتحدة على هزيمة طالبان وإعادة بناء أفغانستان وتحويلها إلى ديمقراطية كما أعلن الرئيس جورج بوش الابن، حينما قرر غزوها عام 2001، لكن يظل إطلاق القرار حتميا إن آجلا أم عاجلا فى ظل عدم وجود خيارات مثلى أمام واشنطن وبعد تغير أولوياتها العالمية مؤخرا.



ويبقى الأمل الرئيسى متعلقًا بإنهاء الصراع الداخلى فى أفغانستان للتصدى لكل من يحاول الاستثمار فى استمراره.