عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
طقوس الصيف عند الفرنسيين
22 يوليو 2021
هند السيد هانى


يفتقد الفرنسيون الشمس معظم العام، وما أن يهل فصل الصيف تراهم يهرعون إلى الشواطئ. فإجازة المصيف لديهم أمر مقدس له طقوس، حتى إن البعض يطلق عليها «كريسماس الصيف». وينقسم الفرنسيون إلى فريقين: الأول يفضل قضاء إجازة المصيف فى شهر يوليو، والآخر فى أغسطس. ولا تقتصر إجازة المصيف عند الفرنسيين على بضعة أيام، وإنما تسمح القوانين فى البلاد بإجازة صيف طويلة تمتد لـ ٥ أسابيع مدفوعة الأجر، حتى يستمتع الفرنسيون بالشمس على سواحل الريفييرا الشهيرة.



 



ولكل فريق وجهة نظر فى الشهر الذى يختار قضاء إجازته به، ولتتفهم ذلك عليك أن تتفهم كيف يكون المرء فرنسيا. فجمهور أغسطس، لا يحبون مغادرة باريس فى يوليو حيث يتم تنظيم احتفالات ومهرجانات بالألعاب النارية بمناسبة العيد الوطنى فى اليوم الـ14. هذا الزخم تفقده المدينة مع حلول شهر أغسطس الذى تصبح سمته فى العاصمة الصمت والهدوء التام. فغالبية السكان يغادرون إلى السواحل، حتى إن المقاهى والمطاعم فى باريس وسائر المدن تضطر للإغلاق مع انخفاض نسبة الإقبال عليها بنحو 90%.



ويقول أرثر كويل لشبكة «سى إن إن» الأمريكية، إنه يحب ألا يعود من إجازته مع نهاية يوليو إلى مدينة فارغة، ويضطر لاستئناف عمله بينما غالبية زملائه يستمتعون بإجازة أغسطس على الشواطئ. ويضيف أن الطقس فى أغسطس يكون أفضل مع سطوع دائم للشمس، وهو ما لايمكن ضمانه دائما فى شهر يوليو.



أما بالنسبة لفريق يوليو، فإن الشواطئ تكون أكثر متعة مع قلة الزحام وهو ما لا يتوافر فى شهر أغسطس. وبالنسبة للبعض فإن الاسترخاء على شاطئ شبه فارغ فى يوليو يضاهى احتفالات باريس. أضف إلى ذلك أن تكلفة حجز الغرف الفندقية فى يوليو تكون أقل من أغسطس. ونقلت الـ «سى إن إن» أن المصطافين فى فرنسا حجزوا 23٫4 مليون غرفة فى يوليو 2019 مقابل  24٫8 مليون غرفة فى أغسطس من نفس العام قبل تفشى وباء كورونا. وهى المعدلات المتوقع عودتها العام الحالى، مع تذليل السلطات كل العراقيل الخاصة بتلقى لقاح كورونا حتى فى الأماكن الساحلية حتى لاتفسد على الفرنسيين متعة الصيف.



لكن تبقى مشكلة تعكر على المصطافين الفرنسيين صفو إجازاتهم: التكدس المرورى الشديد على الطرق الرابطة بين مدن ليون ومارسيليا وشواطئ الريفييرا المشمسة. وتزداد هذه الظاهرة سوءا إلى حد يشبه الشلل التام يوم السبت الأخير من شهر يوليو. ففى هذا اليوم تتلاقى على الطريق جماهير يوليو العائدون وجماهير أغسطس المتوجهون للـ «كوت دازور» أو الساحل الأزرق. ونقلت الـ «سي إن إن» عن أحد الخبراء أنه من المتوقع أن يمتد اكتظاظ هذا العام على مسافة 700 كيلومتر.



ولم تكن إجازة المصيف أمرا متاحا للجماهير الفرنسية على مدى تاريخهم، وإنما كانت أمرا مقصورا على البرجوازية والأرستقراطية حتى عام 1936. فقد شهد صيف ذلك العام تدفق مئات الآلاف من عمال المصانع الفرنسية على السواحل،  بعدما سمحت الحكومة الاشتراكية بقيادة ليون بلوم للمرة الأولى بإجازة صيف مدفوعة الأجر لمدة أسبوعين. وأصبحت فرنسا فى هذا العام  أول دولة أوروبية تمنح هذا الحق الذى أصبح رمزا بين نصوص قانون العمل.