عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
قيادة العالم.. بين الترحيب والحذر
19 يونيو 2021
رحاب جودة خليفة
بايدن


وجود أمريكا كقوة عظمى أمر مفروغ منه، حيث لعبت هذا الدور لأكثر من 7 عقود بعد الحرب العالمية الثانية. ولا يريد معظم الأمريكيين التخلي عن هذا الدور، خاصة لصالح الصين أو روسيا. لذلك كان من السهل الاعتقاد أنه بخروج دونالد ترامب من منصبه وتولي جو بايدن المسئولية، يمكن للولايات المتحدة العودة على «رأس الطاولة»، كما ذكر بايدن في مقاله الأخير لمجلة «فورين بوليسي». لكن القيادة العالمية ليست مجرد إرث أو ممتلكات تتناقلها الأجيال، وعودتها ليس فقط بالأماني.



فخلال 4 سنوات فقط، كسر ترامب تقاليد القيادة العالمية للولايات المتحدة بقائمة طويلة وغير مألوفة من التصرفات. ولكن بايدن أعلن في مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير الماضي أنَّ «أمريكا عادت»، وكرَّر العبارة ثلاث مرات، ليؤكد لحلفائه الأوروبيين أنّ بلاده ستعود إلى قيادة العالم. وفي حين أن معظم حلفاء واشنطن يتبنون شعار «أي شخص باستثناء ترامب»، فإن استعادة الدور الأمريكي البناء في العالم سيتطلب أكثر بكثير من مجرد إعلان عودة الولايات المتحدة، والالتزام بالسياسات التي تسبق ترامب. وعلى الرغم من التَّصحيحات التي تقوم بها إدارة بايدن لـ «التخريب» الذي قام به ترامب وإدارته في الخارج، يبدو أن الأوروبيين مازالوا عاجزين عن الإيمان بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن. ففي حين، ابتهج معظم الأوروبيين بوجود بايدن، إلا أنهم لا يعتقدون أنه يستطيع مساعدة أمريكا للعودة كزعيم عالمي بارز، وذلك وفقا لمسح في 11 دولة أوروبية بتكليف من المجلس الأوروبي في شهر فبراير الماضي. وذكر المستطلعون أيضا أن النظام السياسي للولايات المتحدة قد انهار، وأن الصين ستكون أقوى من الولايات المتحدة في غضون عقد من الزمان، وتطلع آخرون إلى برلين بدلاً من واشنطن باعتبارها الشريك الأكثر أهمية لهم.



وبعد أول جولة أوروبية لبايدن كرئيس لأمريكا، من المهم أن ندرك مدى التغيير الذي حدث في الأشهر القليلة الأولى من إدارته. فقد عاد إلى منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، وتعهد بدعم الدول الأكثر فقرا فى مواجهة كورونا، وعطّل قرار ترامب لسحب القوات الأمريكية من ألمانيا، وقام بتمديد معاهدة «ستارت» الجديدة للأسلحة النووية مع روسيا، ودعم مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي مع إيران، وأعلن عزمه إنهاء الحرب في اليمن.



فمبادرته لدعم الدول الفقيرة في مواجهة جائحة كورونا، تأتي بمثابة مثال حي لما تعنيه عبارة «عادت أمريكا» على أرض الواقع. فبتقديم الولايات المتحدة جرعات «بدون قيود»، فإنها تسلط الضوء على النجاح الهائل لبرنامج اللقاح الخاص بها، تماما كما كان شعار بايدن أنه «لا يمكننا أن نكون أقوياء حول العالم دون أن نكون أقوياء في الوطن».



ومع أن جدول أعمال بايدن في أوروبا كان مزدحما، لكنه كان رمزيا، حيث أكد أن الولايات المتحدة أعادت تأسيس تحالف الديمقراطيات الغربية. وكما يقول مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، فإن بايدن يسعى إلى «حشد الديمقراطيات في العالم لمواجهة التحديات الكبرى في عصرنا»، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية، ومكافحة الوباء، والتصدي لتغير المناخ. لكن لا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل كل شيء ويجب أن تحدد أولويات أهدافها بوضع رؤية وجدول أعمال جديد وإقناع أوروبا بأنها مستعدة للعمل. وكما يطالب بايدن بـ «أن نكون أقوياء في الوطن أولا» فيجب أن يعي الأمريكيون أنه لا مفر من المسئولية العالمية. وأن عليهم التفكير فيما وراء حماية الوطن. وحان الوقت ليفهموا أن الغرض من التحالفات هوالدفاع ليس ضد التهديدات المباشرة لمصالح الولايات المتحدة، ولكن ضد انهيار النظام الذي يخدم تلك المصالح. صحيح أن هذه المهمة لا تنتهي ومحفوفة بالتكاليف، ولكنها الأفضل للجميع.