عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية فى حوار لـ «الأهرام»:معركتنا مع الوباء .. نفوز معا أو نخسر جميعا
30 مايو 2021
أجرى الحوار - أشرف أمين
المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية احمد المنظري


مصر تبذل جهودا كبيرة منذ بداية الجائحة وتصنيع اللقاحات خطوة مميزة



 



 



أكد د. أحمد المنظرى المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن الجهود التى تبذلها مصر لمكافحة وباء كورونا كبيرة ومميزة وأنها تتمتع بإمكانات علمية تمكنها من رصد الطفرات الوراثية للفيروس. كما أثنى على مبادرة تصنيع اللقاحات محليا لتغطية الاحتياجات الملحة منها.



وحذر فى حواره لـ«الأهرام» من أن التحورات الأخيرة لفيروس كورونا تتسم بالخطورة، مما قد يؤثر فى إجراءات المكافحة وفاعلية اللقاحات. وهو ما يستدعى استجابة عالمية سريعة ومنسقة، حيث تقود منظمة الصحة العالمية المناقشات، لتشكيل إطار قرار عالمى يمكن تفعيله، لتكييف اللقاحات والاختبارات التشخيصية والعلاجات وتدابير الوقاية والأدوات الأخرى، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.. وإلى نص الحوار.



ما هو تقييمكم للسياسات الصحية التى تمت فى مصر خلال الشهور الأخيرة لمواجهة الوباء؟



مصر وسائر بلدان الإقليم تبذل جهوداً كبيرة ومميزة منذ بداية الجائحة وإلى الآن. ومع ذلك فهناك تحديات عديدة تعمل النظم الصحية على تجاوزها. وأهم هذه التحديات هو التهاون المجتمعى فى التعامل مع الجائحة، بسبب الشعور بالملل والإنهاك من طول أمد الجائحة، فضلاً عن الشعور الزائف بالأمان بعد ظهور اللقاح. ولا ننسى فى هذا الصدد التحديات المتعلقة بظهور سلالات جديدة من الفيروس، تجعله أسرع انتقالاً وأوسع انتشاراً، وعزوف البعض عن أخذ اللقاح، إلى جانب التأثير السلبى للشائعات والمعلومات المضللة. وما نوصى به إزاء هذه التحديات، أن تواصل البلدان ما كانت تطبقه منذ بدايات الجائحة بالدرجة نفسها من الجدية والالتزام، والحرص على تطبيق إجراءات الصحة العامة، والتدابير الوقائية. ومن الخطوات الجيدة التى اتخذتها مصر، الشروع فى تصنيع لقاحات كوفيد-19 لتغطية الاحتياجات الملحة منها.



ما إجراءات التنسيق مع منظومة كوفاكس؟ وكيف ستتمكنون من تلقيح 20% من سكان إقليم شرق المتوسط حتى نهاية العام؟



منظومة كوفاكس هى مبادرة تقودها منظمة الصحة العالمية، ومعها التحالف العالمى من أجل اللقاحات والتمنيع (جافي)، والائتلاف المعنى بابتكارات التأهُّب لمواجهة الأوبئة (سيبي) ومنظمة اليونيسيف.



وكما هو معروف، فمنظومة أو مرفق كوفاكس يقوم بتنسيق إتاحة اللقاحات المضادة لكوفيد-19، وتوزيعها بطريقة منصفة فى جميع البلدان والمناطق، بغض النظر عن وضعها الاقتصادى.



وحتى الآن، انضم أكثر من 190 بلدا إلى مرفق كوفاكس. وجميع بلدان الإقليم أعضاء فى مرفق كوفاكس، سواء كبلدان ذاتية التمويل أو فى إطار مبادرة الالتزام المسبق بالشراء، التى طرحها التحالف العالمى من أجل اللقاحات والتمنيع، بحيث تقدم المبادرة الدعم المالى للبلدان المؤهَّلة، حتى تتمكَّن من شراء اللقاح، بناءً على وضعها الاقتصادى.



ورغم التحديات الهائلة التى عرقلت التزام الشركات المصنعة والبلدان المانحة بما تم الاتفاق عليه من تعهدات، فقد قدم المرفق حتى الآن 65 مليون جرعة إلى 124 دولة، وتمكن المرفق حتى الآن من تزويد معظم بلدان الإقليم بحصص متفاوتة من اللقاح. ويعمل المرفق على استكمال الخطط المسبقة، بحيث تمنح جميع البلدان نسبة 20% من احتياجاتها.



ولم يحصل سكان الإقليم إلا على 50 مليون جرعة فقط، مع وجود تفاوُت هائل بين البلدان. وهناك حاجة إلى ما لا يقل عن 300 مليون جرعة إجمالًا، لتطعيم الفئات الأكثر ضعفًا والأكثر عُرضة للخطر، التى تمثِّل 20% من السكان. لكن توافرها يعتمد على وفاء الدول والمصنعين بالتزاماتهم وزيادة سرعة وحجم عمليات التسليم بشكل مطرد وتقديم عمليات التسليم فى أقرب وقت ممكن.



علاوة على ذلك، نحن بحاجة إلى مشاركة البلدان ذات الدخل المرتفع، بتوفير الفائض من الإمدادات من اللقاحات التى تفوق احتياجاتها. وندعو الشركات المصنعة، إلى الالتزام علنًا بمساعدة أى دولة تريد مشاركة لقاحاتها مع كوفاكس، لرفع الحواجز التعاقدية فى غضون أيام وليس شهورا. وتُرحِّب المنظمة بالأخبار التى وردت مؤخرًا من عدة بلدان، ستتبرع باللقاحات لمرفق كوفاكس، وندعو إلى سرعة إيصال الجرعات الإضافية إلى بلدان الإقليم..



ما توصيات المنظمة إزاء الطفرات الوراثية الجديدة للفيروس خاصة بالهند؟



آخر التحورات التى تم رصدها فى الهند تتسم بالخطورة، نظرا لوجود اثنتين من هذه الطفرات تتشابه مع الطفرات التى تؤدى إلى زيادة قدرة الفيروس على الانتقال، كما أن بعض هذه الطفرات تحد من القدرة على إبطال مفعول الفيروس، وهو ما قد يؤثر على إجراءات المكافحة، ومنها اللقاحات. وتحتاج تحورات الفيروسات إلى استجابة عالمية سريعة ومنسقة. وتقود منظمة الصحة العالمية المناقشات، لتشكيل إطار قرار عالمى يمكن تفعيله لتكييف اللقاحات والاختبارات التشخيصية والعلاجات وتدابير الوقاية والأدوات الأخرى، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.



فى ظل غياب عدالة توزيع اللقاحات بين نصف الكرة الشمالى والجنوبى ما هى توصيات المنظمة للدول والشعوب الأقل حظا فى الحصول على اللقاحات؟



مشكلة التفاوت فى توزيع اللقاحات مشكلة عالمية ولا تختص بالإقليم وحده. وهى تثير قلقاً شديداً لدينا، لما يترتب عليها من حرمان فئات ذات أولوية قصوى من اللقاحات، مقابل التوسع فى تزويد فئات لا تمثل أولوية باللقاح. وقد وصل التفاوت حدا غير مقبول، إذ وصلت نسب التطعيم فى بعض البلدان إلى 80% من السكان، مقابل أقل من 1% من السكان فى بلدان أخرى.



وأحد أسباب هذا التفاوت هو النقص الهائل فى إمدادات اللقاح لـمرفق كوفاكس. فقد أدت الزيادة فى أعداد الحالات إلى إضعاف إمدادات اللقاحات العالمية، وهناك بالفعل نقص قدره 190 مليون جرعة من كوفاكس بحلول نهاية يونيو.



ما هو تقديركم لتفاوت كفاءة اللقاحات المتاحة حاليا؟ والآثار الصحية الجانبية التى يسببها لقاح استرازينيكا؟



كل اللقاحات التى تم التصريح باستخدامها لحالات الطوارئ من قبل المجموعة الاستراتيجية المعنية باللقاحات فى منظمة الصحة العالمية، هى لقاحات ثبتت مأمونيتها وفعاليتها بعد تقييم دقيق وشامل ودراسة للملف الذى قدمته كل شركة مصنعة، لتوثيق مراحل التصنيع والاختبار، والتأكد من تطبيق كل المعايير الدولية. ومن ثم، فالمقارنة بين اللقاحات من حيث الكفاءة، لا تشير إلى تفاوت كبير فى درجة الفعالية.



وفيما يتعلق بأسترازينيكا، فقد ثبتت فعاليته ومأمونيته، وبعد دراسة مستفيضة، ثبت أن التجلطات هى عرض جانبى نادر الحدوث جدا، ولا يتعدى 4 حالات فى المليون. ومع ذلك فهذه التجلطات موضع دراسات مستفيضة.



لماذا استغرق الأمر وقتا طويلا لموافقة المنظمة على لقاح سينوفارم؟



تتم الموافقة على اللقاحات بمعرفة مجموعة الخبراء الاستشارية الاستراتيجية لمنظمة الصحة العالمية بشأن التمنيع (SAGE)، التى تقوم بمراجعتها بناءً على جميع الأدلة المتاحة، والتى تصل إليها من خلال ملف شامل تتقدم به الشركة المصنعة. وأى تأخير فى الترخيص بلقاح ما، يكون انتظارا لاستكمال ملف التقييم الذى تتقدم به الشركات.



متى يمكن أن نشهد فى المنطقة علاجات دوائية أكثر فاعلية لمواجهة فيروس كورونا؟



أعلنت بعض البلدان عن أخبار مبشرة حول التوصل لعلاج ولكن لم تتجمع لدينا الدلائل والمعلومات الكافية. وحتى يتم ذلك، نواصل تطوير بروتوكولات العلاجات التخفيفية التى تتعامل مع أعراض المرض وتحد من مضاعفاته وتحسن الحالة العامة للمرضى ومن ثم تساعد على التعافى.



كيف تقيمون السياسات الصحية فى دول المنطقة فى ضوء الإجراءات الاحترازية على مدى الشهور الأخيرة؟



أبلغ الإقليم حتى 23 مايو 2021 عن أكثر من 9.8 مليون حالة إصابة، و198 ألف حالة وفاة. وبينما تُبلغ بعض البلدان عن انخفاض فى حالات الإصابة والوفيات، لا يزال الفيروس يصيب ويقتل مزيدًا من الناس كل يوم فى جميع أنحاء الإقليم. وسنصل قريبًا إلى المرحلة المثيرة للقلق، المتمثِّلة فى بلوغ 10 ملايين حالة إصابة منذ اندلاع الجائحة. وتنتشر التحوُّرات الجديدة المثيرة للقلق أو التحوُّرات المثيرة للاهتمام فى العديد من بلدان الإقليم.



فى ظل عدم استقرار الأوضاع فى بعض دول المنطقة ما هى السياسات المقترحة لإتاحة اللقاحات والحد من انتشار العدوى الفيروسية؟



رغم فداحة تداعيات الجائحة فإن هناك جوانب إيجابية على صعيد تقوية النظم الصحية واستكمال القدرات التى كانت تنقصها، وتفعيل خطط الاستعداد والتأهب، فضلاً عن تعزيز خبراتها من خلال تبادل الخبرات مع الدول الأخرى. ولذلك نعتقد أن النظم الصحية فى هذه البلدان لديها فرصة أفضل للاستجابة للجائحة، ولكن عليها مواصلة ما قامت به طوال العام الماضى من جهود الاستجابة والاستفادة من الزخم العالمى، وروح التضامن والمشاركة والقناعة بأن النجاح فى إنهاء الجائحة لن يكون ممكناً، إلا بإتاحة فرص عادلة للدول منخفضة الدخل ودول الصراع والفئات الأقل حظاً. ففى معركتنا لمكافحة هذه الجائحة، إما أن نفوز معًا، وإما أن نخسر جميعا.