يخطئ من يعتقد أن تجاوزات الأعمال الدرامية التى تقدمها شاشة السينما، وتبثها قنوات التليفزيون، تنحصر فى أعمال العنف والبلطجة وجرائم القتل والتنكيل وتعاطى المخدرات، وتناول الخمور ولعب القمار والمشاهد الفاضحة والحوارات الساقطة فقط، فهى تحمل أيضا «الموبقات الدرامية» ــ إذا جاز التعبير ــ بين ثناياها خطايا أخرى أراها أشد خطرا وأسوأ أثرا، فقد شاهدت أخيرا الفيلم العربى (ابن القنصل)، وأفزعنى ما ورد فى سياق أحداثه، وأفردت مساحة زمنية ملحوظة لبث دروس مجانية تفصيلية ــ بمعرفة بعض شخصياته المحورية ــ لصقل خبرات الخارجين على القانون، وأصحاب السوابق والمسجلين خطر، فضلا عن تعريف جمهور المشاهدين بكيفية نزع صورة صاحب جواز السفر الأصلى، ولصق صور أخرى على سبيل الإستخدام المتكرر للجواز فى رحلات سفر متعددة لشخصيات مختلفة مقابل أتعاب مالية مجزية وتزوير محررات رسمية وعقود ملكية للحصول على التأشيرة الموحدة لدول الاتحاد الأوروبى على نحو ينطلى على المختصين.
أيضا شاهدت الحلقات المجمعة لمسلسل (لعنة كارما)، وهو نموذج مجمع لعمليات نصب دولية قام بها أبطال المسلسل، وتم عرض تفاصيلها وبياناتها وأسرارها بدقة بالغة وتكرار ممل على طريقة (التكرار يعلم الشطار) من تلاميذ مدارس النصب والغش والتزوير، وترسيخ قواعد الابتزاز الإلكترونى والمبادئ الأساسية لتهريب الآثار والأموال وجلب السلاح وسرقة البنوك فى وقت قياسى بأساليب مبتكرة وآمنة لا تثير الشبهات، ولا يرقى إليها الشك، فهل باتت الدراما أشبه بمدرسة لتعليم الأعمال غير المشروعة، ملحقا بها سوق ذائعة الصيت لترويج المنتجات الدرامية الرديئة والبضاعة الفنية الفاسدة؟، وهل من وقفة جادة لتصحيح المسار إعلاء لقيمة الفن الهادف وانتصارا للقيم والمبادئ وتقاليد المجتمع؟!
مهندس ــ هانى أحمد صيام