كلما جاء شهر رمضان المبارك تطوف أمامى ذكريات كثيرة لأشخاص ومواقف وحكايات ومن أجمل ذكرياتى مع الشهر الكريم مجموعة لقاءات مع كاتبنا ومفكرنا الكبير خالد محمد خالد.. كنت حريصا أن أزوره فى بيته المتواضع وهو شقة صغيرة فى المنيل تقع فى الدور السادس فى عمارة بلا أسانسير.. كان يعيش فى هذه الشقة البسيطة فى كل شىء الغنية بكل شيء ويكفى أنها كانت المكان الذى طافت فيه أفكار ومواقف واحد من أكثر رموز الثقافة العربية صدقاً وتجرداً.. فى آخر أيامه انتقل من شقة المنيل إلى بيت صغير فى المقطم ولم يشعر بالراحة فيه.. وكان دائما يتمنى لو عاد إلى بيته القديم رغم أن الأطباء نصحوه بان هواء المقطم أفضل كثيراً فقد كان يعانى من حساسية فى الصدر..فى كل العصور كنت دائما حريصا على زيارته وعندما عرضت مسرحيتى «دماء على ستار الكعبة» فى المسرح القومى شاهد العرض.. وكتب يومها مقالا فى جريدة الوفد كان عنوانه «مذبحة الطغاة فى المسرح القومى» قال فيها إن فاروق جويدة نصب مذبحة للطغاة من الحكام العرب على المسرح القومى فى شخص الحجاج بن يوسف الثقفى أشهر الطغاة من الحكام العرب..كان خالد محمد خالد كاتبا من الوزن الثقيل وكان يتمتع بأسلوب جمع الرقة مع الرصانة مع العمق.. وفى كتابه «رجال حول الرسول» اختار أكثر من سبعين صحابياً وقدم سيرة حياتهم فى عمق وصدق فى لغة اقتربت كثيراً من الشعر وفى كتاباته الأخرى «لا تحرثوا فى البحر» و«من هنا نبدأ» حلق بعيداً فى سماء الحرية مطالباً بواقع سياسى وفكرى وإنسانى يمنح الشعوب حقها فى الحرية والأمن والكرامة.. من أجمل الذكريات التى عشتها فى رمضان تلك الأيام التى جمعتنى مع كاتبنا الكبير الراحل خالد محمد خالد بفكره ومواقفه ومعاركه.. وكان مقاتلا شرساً طوال حياته وفارساً من فرسان الحق فى زمن عزت فيه مواقف الرجال من دعاة الحرية والكرامة.. بقيت ذكريات رمضان مع كاتبنا ومفكرنا الكبير الراحل من أجمل محاورات الفكر التى عشتها مع رمز من رموز الشموخ والترفع والاستقامة فى تاريخ ثقافتنا العربية..