لم تحظ قضية تطوير الريف بالأهمية التى تحظى بها اليوم، رغم أن الريف المصرى يمثل 57% من إجمالى السكان. ومنذ عام 2019 أصبح تطوير الريف أحد أهم الأولويات على أجندة الدولة، لاسيما مع الإعلان الرئاسى عن مبادرة حياة كريمة فى عام 2019. وقد انعكس إهمال الريف فى غياب الخدمات العامة الرئيسية مثل الصرف الصحى فى وقت تطورت فيه تكنولوجيا الصرف الصحى فى أنحاء العالم، ونقص المياه النقية مع عدم الملاءمة لشبكات الطرق واستمرار انتشار الظواهر الخاصة بالتعدى على الأراضى الزراعية وتزايد الهجرة من الريف إلى الحضر. ولكن القيادة الحالية تؤمن بأن الدور الريادى لمصر لن يتحقق دون وجود خطة إستراتيجية متكاملة تقوم على الاستثمار فى البشر وتنمية الإنسان، وهو ما يعرف بالعقد الاجتماعى الجديد من خلال التركيز على رأس المال الاجتماعى وتوظيف جميع الموارد والوسائل لتطويره والاستثمار فيه، وكذلك عقد الشراكات من خلال إشراك جميع الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدنى من أجل تنفيذ إستراتيجية التنمية وضمان استمرار فاعليتها. ومن هنا جاء المشروع الرئاسى لتطوير القرى ليمثل إحدى الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030، التى تستند إلى مبادئ التنمية المستدامة الشاملة من خلال تحسين جودة حياة المواطن المصرى فى مختلف نواحى الحياة والتركيز على مبادئ العدالة والإدماج الاجتماعى والحوكمة والاستدامة البيئية ونظام بيئى متكامل ومستدام، وهى الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة؛ البعد الاقتصادى والاجتماعى والبيئي. ولقد هدفت الدولة المصرية من إعداد رؤية مصر 2030 للاستخدام الأمثل للموارد التى تمتلكها الدولة المصرية فى هذا السياق، يمكن القول إن الإعلان عن المشروع القومى لتطوير الريف يعكس مدى جدية الدولة فى الإسراع فى تنفيذ رؤية مصر التنموية محليا وكذلك أهداف التنمية المستدامةالـ 17لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، وهى مجموعة من الأهداف التى وضعتها الأمم المتحدة للقضاء على الفقر وتمتع جميع الشعوب بالسلام والازدهار بحلول عام 2030. ويهدف المشروع القومى إلى تنمية وتطوير 4741 قرية و30888 تابعا بتكلفة تقديرية 515 مليار جنيه يستفيد منه 50 مليون مواطن، يتم تنفيذها على مدار ثلاث سنوات من خلال خطة شاملة تتضمن تحسين خدمات البنية الأساسية من طرق ومياه الشرب والصرف الصحى، وتحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة وتحسين مستوى الدخل من خلال زيادة الإنتاجية وتوفير فرص العمل، وتدعيم مؤسسات المشاركة الشعبية من خلال تدريب وتأهيل المواطنين على المشاركة الشعبية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن ضخامة المشروع وأهميته وما يتضمنه من أبعاد اقتصادية وعمرانية وبيئية واجتماعية تستلزم بالضرورة مشاركة المجتمع الريفى لرفع التوعية عن أهمية المشروع لضمان أجيال مستقبلية تتمتع بحقوقها. علما بأن التنمية المستدامة فى تعريفها تضمن تحقيق حياة كريمة للمواطنين والاستخدام العادل للموارد لضمان حقوق الجيل الحالى. وبالتالى، عدم ترك أعباء على الأجيال القادمة، بل ضمان حياة كريمة لهم.