عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
عالم غنى .. عالم فقير .. وسد إثيوبيا!
25 أبريل 2021
سكينة فؤاد


المليارات التى أهدرت على الإعلانات الرمضانية كانت تستطيع ان تقدم الحلول والأموال التى يحتاجها بناء مستشفيات وعلاج قلوب أطفال وانهاء مشاكل ملايين الأسر التى مازالت مشروعات مثل تكافل وكرامة لم تصل اليهم ولتضييق المسافات بين مستويات الحياة فى المدن والمنتجعات الجديدة وبين ما يعيش فيه الملايين من أبناء القرى والصعيد تحت خطوط الفقر والعوز. 



سيدة من الطيبين من أبناء هذه القرى سمعتها تقول لزميلتها وهما تتفرجان على إعلان منتجع من المنتجعات الفاخرة  يا حلاوة .. بلاد برة حلوة أوى لم يطاوعنى قلبى أن أقول لها إن هذه بلاد جوه! أخطر المسلسلات كان يجب ان يكون عنوانه  عالم غنى ... عالم فقير والذى لا تقل ما قدمته الإعلانات من تناقضات ومسافات بين العالمين ـ وما أظهرته الإعلانات أيضا وكيف استذلت الملايين رقاب وكرامة فنانين كنت أتمنى أن يحافظوا على المكانة التى أعطتها لهم محبة المشاهدين ومسئولية من نشر هذا الكم من العنف والبلطجة وبذاءة اللسان .. وكل ما أساء الى النماذج الشعبية وأبناء الحارة المصرية وأيضا عدم مراعاة الآثار المدمرة للعنف على أجيال صغيرة ثم نستغرب ونندهش للتحولات المرضية التى تنتشر بينها الآن!



> أمام لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشيوخ قدم وزير الرى معلومات مهمة عن إمكانيات ووفرة المياه والأراضى الخضراء فى إثيوبيا والمقارنة بين أرقام هذه الوفرة وندرة المياه ومصادرها والأراضى الخضراء فى مصر ويكفى أن نعرف أنه بينما تصل نسبة الأراضى الخضراء 94% من أراضى أثيوبيا ولديها 930 مليار متر مكعب أمطار تصل نسبة الأراضى الخضراء فى مصر إلى 6% بينما تشغل الصحارى المساحات الباقية من أراضيها ويكاد يكون مورد مصر من المياه العذبة المتجددة منحصرا تقريبا فى نهر النيل الذى يمثل 97% من هذه المياه وبين الدول الثمانية الأخرى التى يمر بها النيل تنفرد مصر بأنها تكاد تكون محرومة من سقوط الأمطار فيما عدا السواحل الشمالية فى فصل الشتاء ولا يزيد مجمل مياه الأمطار على ١٫٤ مليار متر مكعب سنويا... حقائق كثيرة وخطيرة بين الندرة فى مصر والوفرة فى اثيوبيا ـ ما ذكرت وما لم اذكر ولدى الخبراء العديد والأخطر منه ـ وفى مجموعها يتأكد ما فى موقف أثيوبيا من نوايا وأهداف يتقدمها مكايدة مصر وحرمانها من المصدر الرئيسى إن لم يكن الأوحد لحياة شعبها. وضرب عرض الحائط بالقرارات والاتفاقات الدولية التى تصفها أثيوبيا بأنها تمت فى عصور استعمارية مع أنه لم يضار بلد فى افريقيا من الاستعمار كما أضيرت مصر. محكمة العدل الدولية اعتبرت الحقوق فى النهر مثل اتفاقيات الحدود التى تنص على ضرورة الرجوع إلى دولتى المصب السودان ومصر عند بناء أى سد باعتباره تحديا ولو لزم الأمر ترفع دعاوى فى المحاكم الدولية وتحذر من أن الأيام القادمة ستكون الحرب على المياه وضرورة ان يكون التفاهم والتعاون بين دول المنبع ودول المصب أساسا لحل المشكلات وهو المبدأ الذى  لجأت إليه مصر ومازالت متمسكة به والذى كان يمكن أن يتحقق لولا ان المخطط الشيطانى الذى يريد الاضرار بمصر اكبر وأكثر تعقيدا ويفرض البحث عن إستراتيجية جديدة للتعامل مع الأزمة تتجاوز الحيل والخداع الاثيوبى الذى امتد لسنوات بادعاء مشاركة مصر والسودان فى الوصول الى حلول تحفظ مصالح الجميع ودون حدوث تغيير أو تحولات جادة وحقيقية فى الموقف الاثيوبى إلى أدوار الأطراف الضالعة فى تمويل وبناء السد وأرجو ألا ينسى أحد ان فكرة بنائه تعود الى عام 1959 عندما فكر الرئيس جمال عبدالناصر فى بناء السد العالى ودور الإدارة الأمريكية فى طرح تمويل وبناء سدود فى إثيوبيا وعدم الانتباه إلى خطورة النشاط الاسرائيلى فى إفريقيا وفى إثيوبيا بالتحديد وما كان يجب ان يحدث لمحاصرة هذا الدور لمنعها من التدخل فى مستقبل مياه النيل وعدم الوقوف بالجدية الواجبة مع كل ما أعلنته منظمات دولية من ان المشروع مدمر وأنهم قدموا توصيات بوقف بنائه لحين الانتهاء من الدراسات المطلوبة وأن إثيوبيا تملك بدائل ارخص وأكثر فاعلية لتوليد الطاقة وان السد لن ينجح فى إنقاذها من الفقر بل ان وسائل تمويل السد تعرض الحكومة الأثيوبية للمساءلة القانونية وهناك ما ترتب على مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ريو 2012 وكان من بين أهدافه صيانة الموارد الطبيعية ومنع الآثار السلبية التى تدمرها وما تقود إليه قرارات المؤتمر من استدلالات خطيرة تسقط الإدعاءات الأثيوبية ومن أهمها ان مشروع سد النهضة ستكون له تأثيرات بيئية خطيرة لم تتم دراستها وسوف يؤدى ذلك حتما إلى تصحر أراضى مصر والسودان وتأثر البيئة الحيوية للنباتات والحيوانات وهذا يخالف اتفاقيات التنمية المستدامة وحقوق البيئة والإنسان كما أن تواجد بحيرة كبيرة خلف سد النهضة سيكون لها تأثير كبير على مستقبل الأمطار وحجمها سواء بالزيادة او النقصان نتيجة الخلل فى توازن كوكب الأرض فى التوزيع الجغرافى لحجم عمليات التبخر التى ستنتج عن جفاف النهر والبحيرات التابعة ناهيك عن وزن المياه المخزنة وتأثيراتها على التربة وجيولوجية الأرض وجسم السد نفسه مما يهدد بمخاطر كبيرة على باقى الدول وكل ذلك مخالف لنظام كوكب الأرض والنظم الدولية المنظمة له والنظم الربانية الخالقة للكون وكوكب الأرض جزء منه!



> مؤشرات الخلل التى اشار اليها مؤتمر التنمية المستدامة للأمم المتحدة بدأت تتأكد فى ارقام خطيرة فإجمالى طاقة محطات التحلية فى مصر حتى 2022 يمثل 6% فقط من الاستهلاك المحلى لمياه الشرب فى نفس الوقت الذى يعلن فيه ان العالم مقبل على شح مائى بسبب التغيرات المناخية بينما فى تصريح سابق لوزير الرى الأسبق .د. حسام مغازى ان نسبة العجز المائى تصل فى مصر 2025 إلى 32 مليار متر مكعب! بينما أعلن وزير الرى الحالى أن أول تداعيات الملء الثانى لسد النهضة 20 مليار متر مكعب نقصا بحصة دولتى المصب وان المعاناة ستزيد مع الفيضان المنخفض علاوة على الآثار السيئة على نظام النهر.



ومن الاخبار المستجدة فى الأزمة ما نشرته الأهرام 19 ابريل ان الجالية المصرية ببريطانيا أطلقت حملة لكشف مغالطات إثيوبيا ولعلها خطوة مهمة على تغيير استراتيجيات التعامل مع الأزمة بإعلام المجتمع الانسانى المخاطر التى يمثلها السد الاثيوبى على أمنه واستقراره وعلى دولتي المصب وعلى القارة كلها تلك الإخطار والمهددات التى تجعل أى قرار تتخذه دولتا المصب لحماية ووجود شعوبهما وأمنهما واستقرارهما المائى والبيئى ضرورة حياة ومهما كان هذا القرار وأن نبدأ إدارة الأزمة بمجموعة من اكبر علمائنا وخبراتنا فى المجالات المرتبطة بالأزمة .. المهم ألا نسمح أو نقبل بمزيد من حلقات التسويف والمماطلة والخداع.