عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الإسلام الروحانى....هل هو الحل؟
20 أبريل 2021


أصبحت الروحانية الإسلامية اليوم حكرا على الصوفية، وبات الانخراط بالحياة المدنية من نصيب الإسلاموية بوجهها السياسي و الأصولى الراديكالى. ساد هذا الفهم المنقوص للروحانية والدين في المجتمع على المستويات الشعبية والمؤسسية. ولكن كمضاد للأصولية الشكلية المسيطرة على الحياة الدينية حاليا هل نستطيع التحدث عن أصولية روحانية أو بالأحرى نزعة تأسيسية روحانية مضادة؟...سؤال كثيرا ما أثار الجدل عند مناقشة روحانية الإسلام وعلاقتها بالتصوف والممارسات الشعبية وأصولية الطقوس الدينية. وهو جدل يعتبره الفرنسي المسلم إريك جوفروا، الباحث بالدراسات الإسلامية ، معبرا عما يصفه بـ«أزمة المعنى» التي تتطلب ثورة للتحول عن الماضى واعتناق فكر جديد.



يعتبر جوفروا في كتابه «المستقبل للإسلام الروحانى»، الذى ترجمه هاشم صالح وصدر عن المركز القومى للترجمة؛ أن الإسلام الروحاني هو الحل للخروج من تلك الأزمة، ويرى أن الروحانية هي الحرية التي تمنح الفرصة لتوسيع فضاء التفكير. تتمركز أطروحته حول كيف يمكننا التفكير في الصوفية كبديل إيجابي للإحباط من الفشل المتكرر لمحاولات التجديد الدينى، ولكى يبرر ذلك يستهل كتابه بالتذكير بالوقائع التاريخية التي أدت إلى نوع من نزع الطابع الجوهري للفكر الإسلامي، وإلى «قلب القيم» الذي يحول ممارسة القيم الإسلامية إلى مجرد قوالب شكلانية مفرغة من جوهر الدين، مثل قضايا مكانة المرأة والنظرة الدونية التقليدية لها على الرغم من تكريم الإسلام لها، وحرية التعبير وشمولية الفكر رغم دعم الإسلام للتعددية الدينية والفكرية، وصولا إلى التفسيرات المنقوصة الخاطئة والجهادية للآيات القرآنية.



بالنسبة له؛ فهناك فارق كبير بين التصوف الشعبي، الذي تتجلى مظاهره في زيارة القبور والتمسح في أعتاب مزارات الأولياء، وبين التصوف العقلاني الذي يهتم بالعقل، مؤكدا أن الإسلام التاريخي نفسه قد حمل طابعا عقلانيا وعلمانيا لا يمكن إنكاره أو التغافل عنه، وأن الرسالة الأصلية للإسلام تحمل خطابا روحيا متميزا ظهرت ملامحه بوضوح بالقرآن الكريم، والحديث النبوي، وتبرز آثاره في علم الكلام والتصوف والفقه والفلسفة. ولكن علينا الاهتمام بجوهر الدين وروحانيته قبل أن تتفرق في صراعات المذاهب والفرق. وكذلك التوقف عن القراءة الحرفية الجامدة للقرآن الكريم والفقه، لأن ذلك أدى إلى أن الحداثة والشريعة أصبحتا تعبران عن وجهي الأصولية الحديثة: أحدهما علماني والآخر ديني.



كما يدعو إلى تجديد الفكر الإسلامي من خلال إشراك كل مؤمن وليس مجرد المتخصصين، مؤكدا أهمية «الإصلاح الذاتي» في ظل سيطرة التقاليد والأعراف والعادات على حساب القيم الإسلامية الأصيلة. ويبني تحليله حول أهمية الحاجة للروحانية على الصلة بين ما بعد الحداثة التي «تشير إلى انهيار الدين» في الغرب والحاجة إلى الروحانية. ويقترح استخدام الصوفية كعلاج عقائدي ضد الإسلام الراديكالي. لكن طرحه هذا مثير للجدل ويدفع للتساؤل حول ما إذا كان ذلك سيجعل من الصوفية أيضا إسلاما سياسيا مضافا إليه مزيج من الطقوس والروحانية البرجوازية.



يحلل جوفروا الفجوات الهائلة بين الممارسة الدينية والاجتماعية الثقافية - حيث يتم إهمال الحياة الروحية بالجوانب الرسمية للدين - والتوجهات الأساسية للإسلام التي تدعو إلى التجريد الروحي والحرية الفردية والانفتاح على الكونية والتعددية. وكيف تم تجاهل هذا بمرور الوقت، مما آنتج ثقافة للحظر والانغلاق الفكرى. في حين أن النزعة الإنسانية في الإسلام جزء من أخلاق كونية، تضع الإنسان باستمرار، كفرد ، في علاقة ديناميكية بين الحرية والمسئولية والحقوق والواجبات، تلك النزعة يصفها جوفروا بأنها «روحية» ؛ لأنها تسمح ، حسب قوله ، بتحديد التناقض مع الإنسانية الأوروبية الناتجة عن عصر النهضة.