عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
لا تتحدى القدر
16 أبريل 2021
دينا ريان;


كلما سمعت كلمة طابا، تذكرت دم الشهداء ومعهم دم أبى، الذى قتل فى «أحداث طابا 2004»، كأنه كان يأبى إلا أن يموت فى سيناء وعلى أطراف الحدود بعد أن قاتل فى كل الحروب وانتصر ثم انهزم ثم انتصر، ثم توالت الانتصارات والنجاحات حتى انكسر مدنيا، بعد أن طالت عمليات تفتيت الشركات وآخرها مصر للطيران، فضاع كفاح السنين ومعه نجاحات العاملين، لكن هذا الرجل أبى إلا أن يظل حاملا سلاح العمل، فظل يدير شركة طابا، وهى الشركة التى كانت مسئولة عن فندق طابا، آخر نقطة حدودية سلمتها إسرائيل لمصر، تبعا لاتفاقية السلام، ليقف حارسا على بوابة مصر من خلال الفندق الذى بدأ العمل، فيه ليحرك السياحة ويديرها فى تلك البقعة المحورية.



لم يكن يعلم أن غدر الإرهابيين المجهول الهوية وقتها، يدبر تفجير المكان، وفى عيد الانتصار فى 6 أكتوبر! ووصل إلى جثمانه لينضم فى جنازة عسكرية لزملائه الذين سبقوه شهداء فى الحروب السابقة.



رفضت على مدى سبعة عشر عاما الذهاب إلى طابا، لا زيارة ولا عملا ولا احتفالا بأى مناسبة حتى ولو خاصة!.



طفت البلاد، وسافرت مصر شمالها وجنوبها وشرقهاو غربها، صعدت جبالا وغصت فى البحار، وظننت بجهل أننى أرسم خطواتى حتى جاءتنى دعوة سفر إلى شرم الشيخ، للاحتفال بيوم رفع العلم على طابا، آخر نقطة حدودية تسلمناها بعد كفاح أكثر من عشر سنوات منذ اتفاقية السلام.



ولأن المكتوب يتحدى قرارى وقرارك، وجدتنى أتجه إلى طابا أولا للاحتفال برفع العلم هناك. ولأول مرة أشاهد كل تضاريس سيناء من الجو فعلا.



فعلا إنها رئة مصر، جبالها الوعرة التى ارتوت بدماء الشهداء على مر التاريخ، تمنع العدو، أى عدو فى كل زمان من الوصول، فهى إذا تنفست قبضت بشعابها ودروبها على أى جسم غريب ولفظته.



تحجرت دموع لم تذرف على استشهاد والدى، ومن قبله أعمامى وخلانى وأهلى وناسى وجيرانى، ومن بعدهم أبنائى، وما إن هبطت الطائرة فى مطار طابا الذى ينتظر بعد أسابيع، أو ربما شهور قليلة تشغيله للسياحة، كما علمت، حتى سقطت دموعى التى ظننتها دفنت حية مع جثمان أبى تحت الأنقاض.



اليوم فقط أستطيع تقبل العزاء مع أبناء شهداء اليوم بغض النظر عن فارق التوقيت والأعمار.