سينتهى الخوف الذى عمَّ العالم من العدوى بفيروس كورونا، أو سيقل كثيرًا, فى الأعوام القادمة. ولكن بعض التحولات التى أحدثها فى حياة البشر ستبقى بدرجة أو بأخري. وربما نجد فى حالتى السينما والموسيقى مثالا, ظلت السينما منذ بدايتها فى مطلع القرن العشرين أكثر شعبية من الموسيقي0 ولكن الإجراءات الاحترازية التى اتُخذت فى أنحاء العالم بعد تفشى فيروس كورونا خلقت اضطرابًا فى صناعة السينما، ودفعت أعدادًا غير قليلة من الناس فى الوقت نفسه إلى الإقبال على الموسيقى وإدراك أهميتها. فقد عرف كثير منهم، للمرة الأولي، أن الاستماع إلى الموسيقى يسهم فى التغلب على الشعور بالقلق والتوتر, بل فى مقاومة المرض أيضًا، ولهذا، وجدت الموسيقى طريقها إلى بعض المستشفيات فى دول عدة، إذ أتاحت إداراتها لمرضى كورونا الاستماع إلى أعمال موسيقية جميلة. كما ذهب بعض الموسيقيين ذوى النزعة الإنسانية إلى مستشفيات عدة، وعزفوا للمرضى فى أماكن خُصصت لهذا الغرض. وفى المقابل، كان العام الماضى الأسوأ بالنسبة إلى صانعى السينما. أوقف تصوير أفلام عدة, وأُجل عرض أخرى اكتمل تصويرها إما لتراجع الإقبال على دور السينما، وإما لغلق عدد كبير منها. وبدأ عدد متزايد من محبى السينما يتعودون على منصة نيتفليكس التى صارت هذه المنصة أحد أكثر الرابحين من جائحة كورونا. ورغم أن توسع الإقبال على هذه المنصة يتيح فرصة لانتعاش صناعة السينما مجددًا، فإنه لا يضمن المحافظة على الفن السينمائى بطبائعه المميزة، وفى مقدمتها عرض الأفلام فى صالات مُخصصة لها. فشتان بين مشاهدة الفيلم فى هذه الصالات عبر الشاشة الفضية، وفى المنزل بواسطة جهاز تليفزيون أو هاتف محمول. فى صالة العرض, تجلس فى مقعدك وجوارحك وليست عيناك فقط، مشدودة إلى الشاشة الفضية، وتركيزك منصب على متابعة الفيلم والتفاعل معه, فتشعر بأنك تعيش أحداثه. ولأن هذه الحالة لا يمكن أن تتحقق خارج صالات العرض، ربما يفقد الفن السابع أحد أهم ما يُميزه كلما ازدادت أعداد من يتعودون على مشاهدة الأفلام عبر نيتفليكس واشباهها، ويقل إقبالهم على صالات العرض.