عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
12 قردا من 12 ألفًا!
26 مارس 2021
ماجد حبته


أكثر من خمسة ملايين شخص ماتوا، سنة 1997، نتيجة انتشار فيروس وبائى غامض، ظلّت أسباب انتشاره مجهولة حتى سنة 2035 التى قرر فيها مجموعة من العلماء، يعيشون تحت الأرض، هربًا من الوباء، إرسال السجين جيمس كول إلى سنة 1996، ليأتى لهم بعينة من الفيروس، يستخدمونها فى عمل لقاح مضاد، ينقذ الملايين الخمسة، بأثر رجعي. يحدث خطأ فى الانتقال الزمنى، ويجد «كول» نفسه فى سنة 1990 ويعتقد الأطباء الذين يلتقيهم أنه مجنون، ويقومون بإيداعه فى مصحة نفسية يلتقى فيها شابًا اسمه جيفرى جوينز، مهووس بحقوق الحيوان، ومتعصب لها بشكل غريب، ويرفض ذبحها أو إجراء التجارب العلمية عليها أو حبسها فى حدائق حيوان. لكن حين يرتد «كول» إلى زمنه، إلى سنة 2035، ويستعرض العلماء أمامه مجموعة صور تعود إلى سنة 1996، يفاجأ بأن جوينز، يقود المظاهرات فى إحداها، قبل أن يراه فى الانتقال الزمنى الثانى، أو الصحيح، بشكل مختلف تمامًا عما كان عليه فى المصحة النفسية. وبتتابع الأحدث، نعرف أن هذا الشاب هو نفسه زعيم عصابة مكونة من 12 قردًا، قامت بنشر الفيروس الوبائى، وأطلقت سراح كل الحيوانات من حدائقها، لتنتشر فى الشوارع. تلك، باختصار مُخلّ طبعًا، هى حدوتة الفيلم الأمريكى «١٢قردًا»، الذى كان إعادة إنتاج لفيلم فرنسى قصير عنوانه الرصيف، قامت فيه حرب عالمية ثالثة، دمرّت باريس، واضطر الناجون إلى النزول تحت الأرض، فأرسل مجموعة من العلماء شخصًا إلى الماضى، ليحاول منع حدوث الحرب، ووقع اختيارهم، أيضًا، على سجين، للقيام بتلك المهمة.السنة تتكون من 12 شهرًا، و ملحمة جلجاميش مكتوبة على 12 لوحًا، والفيلم، كما ترى، يلخص دور الـ12 أجيرًا، وهو الدور نفسه، الذى يلعبه نحو 12 ألف قرد فى لندن وبرلين وغيرها من عواصم العالم، بعضها ينتمى لجماعة الإخوان والبعض الآخر قامت الجماعة باستئجاره. والإشارة هنا مهمة إلى أن تلك الجماعة استخدمت كل الوسائل والأدوات الإعلامية المتاحة، فى كل حقبة زمنية، لنشر أفكارها والترويج لخطابها. كما لم يعد خافيًا أن لديها نظامًا خاصًا لاستقطاب، استئجار، تجنيد أو تأليف قلوب وجيوب كتاب، صحفيين وإعلاميين، عرب وأجانب. البنية التنظيمية لإعلام الإخوان تشكلت بعد خمس سنوات من إنشائها، مع إصدار مجلة «الإخوان المسلمون»، سنة 1933، واكتملت نسبيًا بعد 70 سنة، بإطلاق موقع «إخوان أون لاين». وبينهما امتلكت الجماعة نوافذ إعلامية عديدة، وقامت بزرع أتباعها فى نوافذ أخرى، محلية ودولية. وتخللت السنوات السبعين، فترة توقف فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، قبل أن تعود عبر أبواب خلفية، أيام السادات، وتتاح لها السيطرة على صحف الجامعات ومجلات الحائط، لتعويض عدم امتلاكها وسيلة إعلام، خلال بداية مرحلة عودتها للحياة فى سبعينيات القرن الماضي. بهدوء إلا قليلًا، فاتت الثمانينيات والتسعينيات، ومع الغزو الأمريكى للعراق، وظهور مصطلح الشرق الأوسط الجديد، أطلقت الجماعة موقع «إخوان أون لاين»، سنة 2003، لمخاطبة العرب، ثم «إخوان ويب»، النسخة الإنجليزية، فى 2005، لمخاطبة الغرب، كما أطلقت فروعها، عشرات المواقع الإلكترونية، استخدمتها فى الترويج لأفكارها والتبشير بدورها السياسى، وتطويع كل الأحداث السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية لمصلحتها. لكن حين حدث ما حدث، سنة 2011، واعتقدت الجماعة أنها بإمكانها حصاد ما زرعته، اكتشفت أن نوافذها الإعلامية مجرد نشرات تنظيمية، لا تخاطب غير أعضائها والتابعين لها، ما أفقدها فاعليتها الإعلامية والسياسية، وجعلها غير قادرة على الصد أو الرد، خلال فترة تسرب السلطة من أيديها، التى انتهت بثورة 30 يونيو 2013 وقيام المصريين بإسقاطها وكنسها. بكنسها من مصر، اعتقدت الجماعة أن بإمكانها مواصلة معركتها عبر آلتها الدعائية، فحاولت تدارك أخطائها وقامت باستئجار أو تجنيد مَن طالتهم أيديها، ونقلت كوادرها إلى عدة دول أبرزها تركيا، بريطانيا وقطر، لقيادة وتحريك تروس عشرات النوافذ المرئية أو المقروءة، بالإضافة إلى الكتائب الإلكترونية، أو ذباب شبكات التواصل الاجتماعى، المدعومة بحسابات نجوم الإعلام الإخوانى، وبدأت أحداث الجزء الثانى من فيلم «١٢قردًا»، الذى رأينا فيه، بالتفاصيل المملة، ما فعلته الحيوانات، التى أطلقتها عصابة القردة فى شوارع المنطقة كلها. خلال تلك الأحداث، اعتقدت قردة الجماعة، وقياداتها، أنها تلعب لمصلحتها أو لحساب نفسها، بينما كانت الدول، التى احتضنتها واستثمرت فيها، تواصل استغلالها أو استعمالها، فى تحقيق أجنداتها ومخططاتها، وعندما وجدت هذه الدول أنها باتت عبئا عليها قررت الانقلاب عليها جزئيا أو كليا.