عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
ابن البلد
20 مارس 2021
د. وحيد عبدالمجيد


نحو أربعة قرون تقريبًا تفصل بين بداية النهضة الفنية فى أوروبا، وإشراقاتها فى مصر. يُذَّكرنا بهذا التاريخ تزامن عرض اثنين من أعمال الفنان محمود مختار رائد فن النحت فى مصر للبيع فى مزاد يُقام بعد أيام، واستعادة متحف اللوفر اثنتين من تُحف باكورة النهضة الفنية بإيطاليا، إذ يُعتقد أنهما أُنجزتا فى منتصف القرن السادس عشر. وقد سُرقت التحفتان من إحدى صالات العرض عام 1938، واحتُفى بالعثور عليهما قبل أيام بسبب قيمتهما الفنية التاريخية التى لا تُقدَّر بثمن. كانت بعض المدن الإيطالية مهد النهضة الفنية، التى تأخرت بداياتها فى مصر إلى مطلع القرن العشرين. وكان الفنان الكبير محمود مختار رائد هذه النهضة فى فن النحت بأعماله رفيعة المستوى، التى يُعد تمثال نهضة مصر أكثرها شهرة. ومن أعماله المهمة أيضًا التمثالان اللذان سيُعرضان فى مزاد للمرة الأولى، بعد أن بقيا ضمن مقتنيات عائلة حافظ عفيفى الدبلوماسى والوزير الأسبق، وآخر رئيس للديوان الملكى، وأحد أكثر من دعموا محمود مختار ورعوا نشاطه الفنى, وأسسوا جمعية أصدقاء مختار من أجل المحافظة على فنه. وكان تمثال ابن البلد من باكورة أعماله، إذ أنجزه حين كان طالبًا فى مدرسة الفنون الجميلة، وبدأ به مشواره الفنى. وفى هذا التمثال إبداع فى تصوير شخصية المصريين فى تلك المرحلة، إذ يُصَّور فيه شابًا يرتدى الجلباب والكوفية على الطريقة المصرية، ويبدو فى نظرته المتجهة إلى أعلى أمل وتفاؤل كانا من سمات تلك المرحلة0 ولعل هذه النظرة أهم ما فى التمثال، الذى لا يمكن اختزاله فى لباس الشاب المصرى ذى الطابع الشعبى، لأن الإبداع فيه ينطوى على مزج بين الشكل والجوهر. وفضلاً عن فن النحت، شملت انطلاقة النهضة الفنية فن الرسم والتصوير الحديث عبر إبداع رواده، وفى مقدمتهم محمود سعيد. ويُذكرَّنا تمثال ابن البلد لمختار بلوحة سعيد البديعة بنت البلد، ولوحات أخرى عن الفتاة المصرية مثل ذات الرداء الأزرق، وذات الجدائل الذهبية، وحاملة الجرة وغيرها. ويجمع بين هذه اللوحات، وذلك التمثال تعبير فنى مُبدع لأعماق الإنسان المصرى فى تلك المرحلة، وليس لشكله فقط.